بيتر بيرغن لـ «الشرق الأوسط»: الحرب على الإرهاب تقترب من نهايتها.. والربيع العربي قوض آيديولوجية «القاعدة»

أول صحافي غربي يلتقي بن لادن: الظواهري والملا عمر وحقاني ثلاثتهم في مخابئ داخل باكستان

بيتر بيرغن في صورة أرشيفية مع أسامة بن لادن («الشرق الأوسط»)
TT

بيتر بيرغن صحافي وأكاديمي مستشار محطة «سي إن إن»، خبير حقيقي في الإرهاب، وأول صحافي غربي يلتقي أسامة بن لادن في جبال تورا بورا عام 1997، وفي تلك المقابلة أعلن بن لادن وسط رجاله وحراسه الحرب على أميركا.

وقد قابل بيتر بيرغن كثيرا من رجال «القاعدة» السابقين والباقين، وبعض أبرز مساعدي بن لادن الهاربين من قبضة العدالة، وليست هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها «الشرق الأوسط» حوارا مع بيرغن، لكنها المرة الأولى التي يتحدث فيها باستفاضة بعد مقتل زعيم «القاعدة» في مدينة أبوت آباد، وتحدث عن الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن، ووصفها بأنها «دقت المسمار الأخير في نعش (القاعدة)». وقال إنه شاهد مليونيات الثورة في ميدان التحرير بمصر، ولم ير صورة واحدة لبن لادن أو الظواهري، بل رأى شبابا طهرا أنقياء يريدون الانتفاض على الفساد ويسعون لإرساء الديمقراطية بالتغيير السلمي للسلطة.

وقال إن مقتل بن لادن قد يكون الخبر الأهم في العقد الأخير، وربما يكون قد فاجأ الإعلام الأميركي، وخطف الأضواء مما يحدث في سوريا واليمن وليبيا من ثورات. ووصف لحظة مقتل بن لادن بأنها كانت لحظة فريدة في سياسة أوباما الخارجية. وجاء الحوار معه على النحو التالي:

* هل تعتقد أن أميركا والغرب باتوا أكثر أمنا الآن بعد مقتل أسامة بن لادن؟

- حتى قبل مقتل بن لادن كانت أميركا آمنة بصورة إلى حد ما، فقدرة «القاعدة» على القيام بهجمات مماثلة لهجمات سبتمبر 2001، باتت ضعيفة جدا. وقد قوض موت بن لادن تنظيم القاعدة والذي كان ضعيفا بالفعل قبل الأحداث الأخيرة. كما قوضت أحداث الربيع العربي آيديولوجية «القاعدة» ودقت المسمار الأخير في نعشها، حيث لا ترتبط بها من قريب أو بعيد. ومع تراجع تنظيم القاعدة بموت أسامة بن لادن ربما تتمكن جماعات تابعة له من القيام بهجمة على الولايات المتحدة لكن ذلك لن يمثل مشكلة كبرى.

* ركز الإعلام الأميركي بشكل خاص على مقتل بن لادن متجاهلا آلاف القتلى الذين يسقطون في سوريا واليمن، لماذا غض الإعلام الأميركي الطرف عن هذه الأحداث؟

- أعتقد أن هذه هي طبيعة العملية الإخبارية. فقد وقعت العديد من الأحداث الأخرى التي وقعت في 11 سبتمبر (أيلول) لكن وسائل الإعلام ركزت على الشؤون المهمة محليا، كما كان الزفاف الملكي في بريطانيا المهيمن على وسائل الإعلام، لكنه لم يكن الخبر الأهم. من المؤكد أن موت بن لادن كان الأهم بالنسبة للولايات المتحدة لكنه بات هامشيا الآن فعادت التغطية الإعلامية للأحداث في ليبيا وسوريا ومصر واليمن في الأسابيع التالية لمقتل بن لادن.

* هل يمكنك أن تحدثنا قليلا عن كتابك «مطاردة الهارب»؟

- إنه يدور بالأساس حول مطاردة بن لادن، وهو محاولة لرواية القصة بأكبر قدر ممكن من التفاصيل، فهي دون شك القصة الأكثر تشويقا في العالم ككل. وقد بدأت في كتابة مطاردة بن لادن الأسبوع الماضي. وحصلت شركة «كراون بابلشرز»، التابعة لدار نشر «راندم هاوس»، على حقوق نشر الكتاب، ويمكن وصفه بأنه رواية مؤكدة مليئة بالمعلومات نقلا عن المصادر، عن العملية التي قتل خلالها أكثر الرجال المطلوبين خطورة في العالم.

والكتاب يحمل في الوقت الحالي عنوانا مؤقتا باسم «مطاردة رجل»، وسوف ينشر بالتزامن بنسختيه الإلكترونية والورقية، لكن تاريخ النشر لم يتحدد بعد.

* اكتشفنا الآن أن بن لادن عاش في أبوت آباد خمسة أعوام، كيف يمكن للحكومة الباكستانية أن تقنع الغرب أن الأشخاص الآخرين مثل الملا عمر وأيمن الظواهري غير موجودين على أراضيها؟

- لا أعتقد أنهم قادرون على إقناعنا. وأعتقد أنه من المحتمل جدا أن يكون الأفراد مثل الظواهري والملا عمر وسراج الدين حقاني زعيم الشبكة الإرهابية التي تحمل اسمه، موجودين في باكستان. لكن هل يعني ذلك أنهم يعيشون هناك بموافقة الحكومة الباكستانية؟ بالنسبة لشبكة حقاني، أعتقد أن الإجابة هي نعم. هل هم قادرون على إيجاد الملا عمر؟ ربما إذا توافرت لديهم الرغبة في ذلك، أنا على يقين من ذلك. ربما تكون حالة الظواهري مختلفة بعض الشيء فلا يوجد دليل واحد على تورط الحكومة الباكستانية في إخفاء بن لادن في أبوت آباد.

* كان معروفا عن بن لادن أنه حذر جدا ولديه حراس شخصيون. هل كنتم مندهشين من سهولة الإيقاع به والطريقة التي قتل بها بن لادن؟

- كنت مندهشا بكل تأكيد، فرجال القوات الخاصة التابعة للبحرية مدربون على أعلى مستوى، ولم أكن مندهشا أن بن لادن كان له عدد قليل للغاية من الحراس، لأنه لم يكن يرغب في إثارة الانتباه. وإذا ما فوجئت في منتصف الليل بعشرات من الرجال المدججين بالسلاح، فلن يكون مفاجئا. وهو دائما ما كان يردد أنه لا يرغب في أن يقع في الأسر بل يريد أن يقتل.

* هل يمكننا القول الآن إن الحرب على الإرهاب باتت وشيكة النهاية؟

- أعتقد أن الحرب على الإرهاب تقترب من نهايتها، وأعتقد أن الربيع العربي قوض آيديولوجية «القاعدة» وأن موت بن لادن خفض من أسهم منظمة القاعدة.

وإذا ما وضعنا في اعتبارنا هاتين النقطتين، المتشابهتين إلى حد بعيد سترى أنه ما من شيء غيرهما يمكن أن يقضي على فكر «القاعدة» وستواصل الإرهاب الجهادي - فقد شهدنا هجوما في باكستان شنته حركة طالبان الباكستانية والذي أودى بحياة 80 شخصا انتقاما لمقتل ابن لادن - ربما تكون هناك محاولات أخرى في أماكن مثل لندن أو الرياض أو اليمن أو الولايات المتحدة، لكني أعتقد أن بن لادن يصعب أن يشغل مكانه شخص آخر، لأنه كان شخصية بالغة الأهمية سواء على صعيد الحركة أو المنظمة.

المثير للدهشة بالنسبة لي هو أنني خلال المظاهرات في القاهرة والبحرين وليبيا، لم أشاهد صورة واحدة لبن لادن ولم أشاهد علما أميركيا يحرق. من المؤكد أن هناك بعض المعادين للولايات المتحدة وإسرائيل لكن الواضح أن الشعوب كانت تعبر عن آرائها السياسية، إذ لم يكونوا يرغبون في النظام.

* هل ما روي عن أن بن لادن كان يعاني من مرض الكلى مجرد خرافة؟

- نعم، خرافة. فقد قال عمر بن لادن إن والده كان يعاني من حصوات في الكلى، لا من فشل كلوي.

* كون أيمن الظواهري لا يتمتع بالجاذبية وذا قدرات قيادية ضعيفة كما يتردد، في رأيك من سيكون الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة وما هي المشكلة الرئيسية التي تواجه «القاعدة» الآن؟

- لا أعتقد أن التمويل يمثل مشكلة بالنسبة لـ«القاعدة» الآن لأن إدارة منظمة إرهابية لا يمثل مشكلة كبرى. وأعضاء «القاعدة» متطوعون لا يتلقون رواتب. و«القاعدة» لا تحتاج الكثير من المال. وأعتقد أن المنظمة تعاني كثيرا الآن، فلم تتمكن من شن هجمة واحدة على الأراضي الأميركية منذ عشر سنوات. وأعتقد أن المشكلة الرئيسية أيضا أنهم يخسرون حرب الأفكار أيضا، وقد عزز الربيع العربي وموت بن لادن هذه المشكلة. وإذا ما تولى أيمن الظواهري زعامة «القاعدة» سيكون غير ذي تأثير، فهو لا يحظى بحب واحترام باقي أفراد التنظيم حتى بين حركة الجهاد المصرية. وأعتقد من سيتولى أمر «القاعدة» سيواجه مشكلة كبيرة.

* بعض مؤيدي نظرية المؤامرة يزعمون أن الولايات المتحدة هي التي مولت بن لادن لمحاربة الاحتلال السوفياتي لأفغانستان وأنه كان أحد عملاء وكالة الاستخبارات المركزية، لكني أعتقد أنه كان يملك المال والسياسات لتكوين صداقات غريبة. فما قولك في ذلك؟

وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية هي التي مولت قلب الدين حكمتيار، أثناء الاحتلال السوفياتي لأفغانستان الذي كان يقود إحدى الجماعات الموالية لطالبان في شمال شرقي أفغانستان، هو بشتوني كان مقربا من بن لادن. كما كان للاستخبارات المركزية علاقات أيضا بجلال الدين حقاني الذي أصبح فيما بعد القائد العسكري لقوات طالبان، لكن وكالة الاستخبارات المركزية لم تكن لها علاقة مباشرة مع «القاعدة» من أي نوع.

* هل كان لبن لادن أي أبناء بالغين أعضاء في «القاعدة» والذين يمكن أن يشكلوا امتدادا له في التنظيم؟

- نعم ابنه سعد بن لادن الذي لعب دورا في المنظمة والذي يتوقع أن يكون قد قتل في غارة أميركية لطائرة بدون طيار في باكستان.