قاضية نيويورك ترفض إطلاق ستروس ـ كان بكفالة مليون دولار «خشية فراره»

فرنسا تخرج عن تحفظها والاشتراكيون ينتقدون القضاء الأميركي

TT

رفضت قاضية في نيويورك الإفراج عن مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستروس - كان بكفالة، وأيدت حبسه احتياطيا بانتظار مثوله أمام المحكمة بعد غد الجمعة، في مواجهة 7 تهم منها الاعتداء الجنسي ومحاولة الاغتصاب والاحتجاز غير القانوني لعاملة فندق سمراء من أصل أفريقي.

ورفضت القاضية مليسا جاكسون، الإفراج عن مدير صندوق النقد بكفالة مليون دولار، خشية هروبه إلى خارج الولايات المتحدة. كما أشارت إلى احتمال فراره كدافع لإبقائه قيد الاعتقال. وأشارت الشرطة إلى أن ستروس - كان، ألقي القبض عليه قبل دقائق من إقلاع طائرة تقله إلى فرنسا، إضافة إلى أنه لا توجد مذكرة لتبادل المطلوبين بين الولايات المتحدة وفرنسا.وقالت مصادر بشرطة نيويورك إنه سيتم مثول الخادمة الأفريقية أمام القضاء لأخذ شهادتها ومقارنتها بأقوال ستروس - كان، ومدى مطابقة الأقوال مع الوقائع المادية المتعلقة باختبارات الحمض النووي والاختبارات الطبية، إضافة إلى تفريغ شرائط المراقبة في ردهات الفندق التي ستوضح حالة الخادمة وهي تخرج من غرفة ستروس - كان.

ويمضي ستروس - كان، 62 عاما، حبسه الاحتياطي في مجمع عقوبات ريكرز المقام على مساحة 400 فدان ويضم 14 ألف سجين، لكنه يحظى بزنزانة خاصة ضيقة ويتناول طعامه بمفرده ويرافقه حراسه عندما يكون خارج الزنزانة. وأوضح المتحدث باسم السجن: «لن يكون على اتصال مع السجناء الآخرين. هذا ليس معناه أنه سيظل دائما داخل الزنزانة بل إنه سيكون برفقة حارس كلما خرج منها».

ونفى ستروس - كان الذي أوقف السبت الماضي الاتهامات التي وجهتها إليه القاضية أول من أمس. واتخذت القاضية جاكسون قرارها برفض الإفراج عن مدير صندوق النقد، بكفالة، بعد أن أعلن الادعاء أن ستروس - كان تورط في «قضية سابقة على الأقل»، وأن «هناك معلومات بأنه قام بسلوك مماثل». وأعلن بنجامين برافمان أحد المحامين عن ستروس - كان أن موكله «ينفي هذه الاتهامات. وهو بريء حتى تثبت إدانته بموجب القانون»، مشيرا إلى أنه «من المحتمل جدا أن تتم تبرئة ستروس - كان في النهاية». كما أعرب عن خيبته من قرار القاضية إبقاءه قيد التوقيف، وقال: «من المهم أن ندرك أن المعركة بدأت للتو، وأن ستروس - كان مصمم على استعادة اسمه وسمعته».

واعتبر صندوق النقد الدولي أمس أن مديره العام ستروس - كان لا يتمتع بأي حصانة قضائية يمكن أن تحميه في قضية اتهامه بالاعتداء الجنسي. وقال المتحدث باسم الصندوق ويليام موراي في بيان إن «حصانة المدير العام محدودة ولا تنطبق على هذه القضية». وأثارت هذه القضية الارتباك في الأوساط السياسية الفرنسية قبل عام على الانتخابات الرئاسية حيث كان ستروس - كان مرشحا مفضلا. ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس إلى «هدوء الأعصاب» و«عزة النفس». أما رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون فاعتبر أنه في حال ثبوت الوقائع ضد ستروس - كان فهذا «عمل خطير للغاية ولا عذر له».

وبدورهم، عقد أبرز قادة الحزب الاشتراكي الذين لا يزالون تحت وقع صدمة توقيف أبرز مرشح لهم للانتخابات الرئاسية للعام المقبل، اجتماع أزمة صباح أمس. وقالت مارتين أوبري السكرتير الأول للحزب الاشتراكي الفرنسي: «كنا بحاجة لأن نلتقي في هذه اللحظة الأليمة بالنسبة لواحد منا وبالنسبة إلينا جميعا». وأضافت «أن أكثر الكلمات التي ترددت هذا الصباح هي الوحدة والمسؤولية وروح الكفاح». واعتبرت أوبري أن الوقت غير ملائم للحديث عن ترشحها للانتخابات التمهيدية داخل الحزب الاشتراكي لتحديد مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية في 2012 والتي كان ستروس - كان حتى الآن أبرز المرشحين للفوز بها. وأبرز المرشحين الاشتراكيين حاليا هما النائب فرانسوا هولاند والمرشحة التي خسرت انتخابات 2007 سيغولين روايال. وكانت مارتين أوبري أعلنت أنها لن تترشح للانتخابات التمهيدية في مواجهة ستروس - كان.

وفضل الاشتراكيون أمس الدفاع عن قرينة البراءة وانتقاد القضاء الأميركي الذي يسمح بنشر صور اعتبرت مهينة مثل صورة ستروس - كان وهو مقيد اليدين إلى ظهره أو صورته وهو شاحب الوجه وصامت أمام قاضية أميركية. وقال وزير العدل الأسبق روبرت بادينتر: «لقد شاهدنا سيناريو قتل إعلامي وعرض منظم من الشرطة الأميركية لدومينيك ستروس - كان وكأنه العدو رقم واحد» للشعب. وأضاف «لقد تم الحط من شأنه بشكل متعمد ليظهر وكأنه مروج مخدرات مقيت مع فارق أن مروج المخدرات لا أحد يعرفه أما هو فالعالم بأسره يعرفه، هذه عملية تدمير متعمدة». أما وزير الثقافة الأسبق جاك لانغ فندد بـ«عملية اقتصاص عرفي» مضيفا «ليس مستبعدا، خصوصا حين نعرف النظام الأميركي المسيس جدا، أن يكون هناك سلوك من جانب القاضية» هدف إلى «معاقبة فرنسي».

وكانت عاملة الفندق وهي «سوداء في الثانية والثلاثين»، بحسب الشرطة، تعرفت رسميا على ستروس - كان. ونقلت الشرطة أن الضحية دخلت السبت الجناح 2806 معتقدة أنه فارغ فيما كان ستروس - كان يستحم مشيرة إلى أنه «لمسها بطريقة غير مناسبة وأجبرها على فعل جنسي». وفي اليوم التالي، أخذت من ستروس - كان عينات إضافية من الحمض النووي لكشف أي آثار لسلوك عنيف. وأكد المدعون والشرطة أن ستروس - كان غادر الفندق مسرعا للتوجه إلى مطار كيندي. إلا أن برافمان الذي اشتهر بعد ترافعه عن المغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون أكد أن موكله «كان مسرعا لأنه كان لديه موعد على الغداء». وتعهد بأن يبرز عندما يحين الوقت شهادة الشخص الذي تناول موكله الغداء معه. وفي حال إدانته، فإن ستروس - كان يواجه إمكان الحكم عليه بالسجن بين 15 و74 عاما لمجمل الاتهامات الموجهة إليه.