دونالد ترامب.. الأضواء تلاحقه رغم انسحابه من سباق الرئاسة

الملياردير الأميركي فضل عقدا لبرنامج تلفزيوني بـ 30 مليون دولار على منافسة سياسية غير مضمونة

دونالد ترامب
TT

أعلن الملياردير الأميركي دونالد ترامب رفضه خوض سباق الرئاسة الأميركية، في خطوة لا تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة للجمهوريين أو لمستقبله السياسي، إذا كان له دور سياسي ما في الماضي، بقدر أهمية ما يتردد عن تزايد دور ثقافة الإعلام، في تسليط الضوء على صاحب الصوت الأعلى.

أمضى ترامب شهورا وهو يصور نفسه كمرشح محتمل لحزب يضم ائتلافه مؤيدين لقيم العائلة وزعماء دينيين وأقطابا من الحزب الجمهوري، قد يكون بعضهم انتقده فقط بسبب طلاقه مرتين واستحواذه على الكازينوهات، وميله لشراء الديون ومواقفه الليبرالية السابقة حول بعض القضايا.

وقد نجح ترامب في ذلك إلى حد ما، باستخدام مزيج من الصفات التي جعلته مؤهلا بشكل فريد للاستفادة من الأوقات والفرص المناسبة بعدما صنع لنفسه اسما شبه عالمي (مستندا إلى عمله في شبكة «إن بي سي» كمضيف لبرنامج «المشاهير المبتدئين»)، والأموال الطائلة التي يملكها، وعقدين من الخبرة، مما جعل اسمه الكبير يتصدر عناوين الصحف، بدءا من عصر ما قبل الإنترنت من خلال الصحف الصادرة في مدينة نيويورك.

وقال ستيوارت سبنسر، وهو استراتيجي سياسي سابق للرئيس الأسبق رونالد ريغان: «إنها وسائل الإعلام التي صنعته وأبقت عليه واستمرت في مساندته». وفي حديثه عن انتشار وكالات الأنباء المهتمة بالسياسة، قال سبنسر، 84 عاما، متحسرا: «لم يعد هناك من يحكم تقييم القضايا الجادة والمرشحين الجادين».

وقال ترامب ومساعدوه إنه كان جادا في دخول السباق الرئاسي، ولكن - على حد قولهم - قبل أن يعرف ترامب ما إذا كان البيت الأبيض سيكون هو حقل التنافس السياسي المقبل، عرضت عليه شبكة «إن بي سي» الاستمرار في دوره في برنامج «المشاهير المبتدئين». ويقول الزملاء إن ترامب كان يرغب في الاحتفاظ بخياراته السياسية مفتوحة لفترة أطول، إلى أن طلبت منه شبكة «إن بي سي» اتخاذ قرار بحلول أول من أمس، لتعلن برنامجها التلفزيوني للمعلنين الرئيسيين في العرض السنوي في نيويورك.

وقال مسؤول تنفيذي بارز في شبكة «إن بي سي» إن الشبكة تعتقد أنها نجحت في إقناع ترامب بالبقاء في منصبه بدءا من الأسبوع الماضي، على الرغم من وجود فترة وجيزة من الشك في مطلع الأسبوع بعد تصريح مايك هاكابي، الحاكم السابق لولاية أركنساس، بأنه لن يخوض الانتخابات. وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «بدأ دونالد يقول خرج هاكابي من السباق، لذا ربما ينبغي لي أن أبقى في هذا الأمر».

وقال مسؤولون تنفيذيون في مجال الإعلام التلفزيوني، على معرفة بعملية التفاوض، إن عقد ترامب الجديد سيجلب له ما يصل إلى 30 مليون دولار، في حين تشير تقديرات أخرى نشرت الاثنين الماضي إلى وصول هذا المبلغ إلى 50 مليون دولار. وفي تصريح له أول من أمس، قال ترامب: «ما زلت مقتنعا تمام الاقتناع بأنني سأكون قادرا على الفوز في الانتخابات العامة في نهاية المطاف لو قررت الترشح. لكن في الأخير، فإن قطاع الأعمال هو أعظم اهتماماتي، وأنا لست مستعدا لترك القطاع الخاص».

ومنذ إعلان ترامب في فبراير (شباط) الماضي، نيته الترشح للانتخابات، كثرت الأسئلة حول ما إذا كان يحاول الترويج لبرنامجه من خلال هذه الحملة. إلا أن شكوكه العلنية حول مكان ميلاد الرئيس باراك أوباما ودعواته المتواصلة له بالكشف عن النسخة الأصلية من شهادة ميلاده، جعلته يتصدر عشرات العناوين وأصبح مطلوبا لإجراء العديد من المقابلات الشخصية مع الشبكات التلفزيونية حتى أصبح موضعا لحسد المرشحين المحتملين الآخرين.

وقالت كاندي كراولي، مقدمة برنامج «حالة الاتحاد» على شبكة «سي إن إن»، والتي كانت أجرت مقابلة مع ترامب: «ستكون هناك نقطة لا يمكنك فيها تجاهل ما يحدث، ليس لأنه مسل، وإن كان هذا موجودا بالفعل على الكثير من المستويات».

وبعد تقديم أوباما لنسخة أصلية من شهادة ميلاده تثبت أنه ولد في هاواي، وهو ما أنهى على نحو فعال جزءا من جولة ترامب في وسائل الإعلام، وجه ترامب اهتماما آخر لمواقف سياسية شملت تهديد الصين بتعريفة جمركية على التجارة تصل إلى 25 في المائة، والاستيلاء على حقول النفط في العراق وليبيا للاستهلاك الأميركي.

ووصف خبراء استراتيجيون جمهوريون من أمثال كارل روف، ترامب بأنه «مرشح نكتة». وعلى الرغم من أن الكلمة التي ألقاها الشهر الماضي أمام مجموعات نسائية في ولاية نيفادا قد ألقت ظلالا من الشك، فإن ترامب قد واصل الاستحواذ على الاهتمام الإعلامي، مدعوما باستطلاعات الرأي التي أجريت في وقت سابق وأظهرت أنه يأتي في مقدمة المرشحين الجمهوريين المحتملين.

وقد ثبت أن الاقتراع في هذه المرحلة سيكون مقياسا لا يمكن الاعتماد عليه كمؤشر على النتائج الحقيقية في وقت لاحق. ولكن اتجه عدد كبير من المواقع الإلكترونية التي تركز على السياسة إلى إعطاء أهمية أكبر لمثل هذه الاستطلاعات، ولا سيما خلال هذا العام، عندما تباطأ الجمهوريون في الانخراط في الأمر.

لا يمكن القول إن بعضا من أعضاء الحزب الجمهوري لم يقبل هذه الرسالة، وقال بعض المحافظين إنهم كانوا على استعداد ليغفروا لترامب موقفه السابق بشأن الحق في الإجهاض بعد أن أعلن أنه الآن ضد الإجهاض. وقال روجر ستون، مستشار ترامب السياسي: «لم يعد مهما الآن أن تسأل أين كنت في الماضي، المهم هو أين أنت اليوم».

واعتبر بعض النشطاء أنهم يرحبون بالغضب الذي كان يوجهه والإثارة التي كان يسببها بشكل بطيء للجمهوريين. وقال مايك رو، الذي التقى ترامب الشهر الماضي في بورتسموث، بولاية نيو هامبشاير: «لم أقل إنني سأصوت لصالحه، ولكن شعرت بأنه قد نفخ الحياة في ما يبدو، وكأنه حشد ممل جدا من الجمهوريين. أعتقد أنه كان يخدعنا للترويج للبرنامج الذي يقدمه، ولكن أشك أيضا في أنه قد وجد فرصة للترويج لبرنامجه ولم يستغلها».

أسهم بيل كارتر وجيف زيليني في إعداد هذا التقرير

* خدمة «نيويورك تايمز»