قالت مصادر من داخل أحد أكبر السجون المغربية إن السجن شهد أمس أحداث عنف بالغة الضراوة أدت إلى إصابة عدد كبير من السجناء والحراس. ووصفت مصادر رسمية ما حدث في السجن بأنه «تصرف اتسم بعنف غير مسبوق»، مما أدى إلى تدخل قوات الأمن بكثافة لكبح جماح حركة تمرد يقودها سجناء ينتمون إلى تيار «السلفية الجهادية».
وقالت المصادر الرسمية إن السجناء احتفظوا ببعض الحراس كرهائن، في حين نقل حراس آخرون إلى المستشفى بعد أن أصيبوا بجراح خلال الصدامات مع السجناء. وأفادت المصادر بأن حالة بعض الجرحى من السجناء كذلك حرجة للغاية، وقالت وكالة الأنباء المغربية إن السجناء استعملوا قضبانا حديدية وحجارة لمهاجمة الحراس. وقالت الوكالة إن السجناء أنفسهم كانوا احتجزوا أول من أمس خمسة حراس قبل أن تتدخل القوات لإعادة استتباب الأمن.
وكان التمرد داخل السجن بدأ أول من أمس عندما تظاهر سجناء تضامنا مع زملاء لهم وأسرهم، في أعقاب تفريق قوات الأمن محاولة للتظاهر كان سيشارك فيها الأحد الماضي أعضاء من تيار «السلفية الجهادية»، وتدخلت قوات الأمن لفض احتجاجات السجناء واستعملت الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، طبقا لإفادة بعض السجناء داخل السجن، الذي يقع شمال مدينة سلا المجاورة للرباط، وأشارت المصادر إلى أن الاحتجاجات سرعان ما تحولت إلى صدام مع حراس السجن. وأوضحت أن السجناء نظموا مظاهرة داخل السجن في حين حاول بعضهم تسلق الأسوار، واشتبكوا مع حراس.
في غضون ذلك، قالت مصادر في طنجة إن احتجاجات «السلفيين الجهاديين» انتقلت إلى سجن المدينة، كما أشارت المصادر إلى أن الاحتجاجات شملت كذلك سجن القنيطرة. وكانت منظمة حقوقية نسبت إلى مصادر داخل سجن سلا قولهم إن السجناء تعرضوا لهجوم بالغازات من «نوع غامض وخطير» مما أسفر عن جرح عدد من السجناء. وأشاروا إلى أن هناك سجينا إصابته بليغة. وقال سكان يسكنون قرب السجن، إنهم عانوا كذلك من آثار الغازات المسيلة للدموع. وشوهدت أمس قوات أمنية كثيفة حول سجن سلا، كما حلقت طائرة هليوكوبتر فوقه. ولم يتسن أمس الوصول إلى إدارة السجون للتعليق على هذه الأنباء. وتسرب من داخل سجن سلا شريط فيديو يتحدث فيها سجناء فرنسيون عن تعرضهم لغازات تسبب ألما في العينين، وتمنعهم من الحديث، وكان السجناء يغالبون دموعهم وهم يتحدثون، لكن لم يتسن التأكد من صحة هذا الشريط، وما إذا كان الأشخاص بالفعل سجناء.
وقالت مصادر حقوقية إن السجناء كانوا يريدون التعبير عن تضامنهم مع معتقلين ينتمون إلى مجموعة أخرى من «السلفيين الجهاديين» وأسرهم حاولوا تنظيم وقفة احتجاجية الأحد الماضي أمام مقر للمخابرات الداخلية في منطقة تمارة جنوب الرباط، كما حاولت المجموعة نفسها تنظيم مظاهرة في اليوم نفسه وسط العاصمة المغربية للمطالبة بإطلاق سراح زملاء لهم يقولون إنهم محتجزون في معتقل سري داخل إدارة المخابرات، لكن قوات الأمن تدخلت وفرقت الوقفة الاحتجاجية والمظاهرة. وشاركت أسر السجناء المحتجين بكثافة في محاولتي التظاهر في تمارة وكذلك في وسط الرباط. وتعرض بعض المشاركين لتدخل عنيف من طرف الشرطة. وكانت الحكومة المغربية قالت في توضيحات رسمية إنه لا وجود لمعتقل سري في تمارة، وأشار خالد الناصري وزير الاتصال والمتحدث الرسمي باسم الحكومة إلى أن المباني التي يتردد أنها «معتقل سري» هي مكاتب إدارية لجهاز المخابرات الذي يعرف في المغرب باسم «إدارة مراقبة التراب الوطني» واختصارا «دي إس تي». وتقرر أن تزور لجنة برلمانية هذه المباني للتأكد من حقيقة الأمر.