واشنطن: على الأسد إما قيادة الانتقال إلى الديمقراطية في سوريا.. أو الرحيل

وزارة الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على الرئيس السوري و6 من مساعديه وشركات سورية ورجال أعمال بينهم رامي مخلوف

واشنطن فرضت عقوبات على الاسد وارسلت له اقوى تحذير منذ بدء التظاهرات في سوريا (رويترز)
TT

حذرت واشنطن أمس الرئيس السوري بشار الأسد من الرحيل أو قيادة المرلحة الانتقالية، في وقت فرضت عقوبات استهدفته شخصيا الى جانب 6 من مساعديه.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس أن على الأسد أن يتخذ قرارا حول مستقبله السياسي في سوريا؛ إذ قال ناطق باسم الوزارة أمس إن «أمام الرئيس الأسد خيارا؛ قيادة الانتقال إلى الديمقراطية أو الرحيل».

وهذه المرة الأولى التي تطالب فيها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما برحيل الأسد، بعد أسابيع من التردد والأمل بأن يقوم الأسد بإصلاحات فعالة تؤدي إلى تحول في الوضع السياسي والاستجابة للمتظاهرين السوريين. وقال الناطق أمس إن «الانتقال السياسي بدأ في سوريا، ويجب أن يؤدي هذا الانتقال إلى الديمقراطية واحترام الحقوق العالمية للشعب السوري». وأضاف أن «فقط حكومة تعكس رغبة كل السوريين وتحافظ على مصلحتهم يمكنها أن تضمن مستقبل سوريا». ووجه الناطق انتقادات مباشرة للرئيس السوري وحمله مسؤولية ما يحدث من قتل وقمع في سوريا، قائلا: «على الرئيس الأسد إنهاء جميع الهجمات على المتظاهرين وإنهاء الاعتقالات والمضايقات للمواطنين السوريين بمن فيهم المتظاهرون والناشطون والمفكرون والصحافيون، وأن يبدأوا التغيير الديمقراطي».

واعتبر الناطق أن الأحداث الأخيرة في سوريا توضح أنه لا يمكن لسوريا أن «تعود إلى ما كانت عليه.. لا يمكن أن تعود إلى الوضع المعتاد».

من جهة أخرى، أعلن أوباما، أمس، فرض عقوبات جديدة على سوريا، تستهدف للمرة الأولى الرئيس السوري وستة من مساعديه في الحكومة السورية، لقيامهم بانتهاكات في مجال حقوق الإنسان. وتأتي هذه الخطوة في محاولة للضغط على الحكومة السورية لوضع حد لقمع المظاهرات في البلاد واستخدام العنف ضد شعبها، والبدء في الانتقال إلى نظام ديمقراطي يحمي حقوق الشعب السوري، بحسب الإدارة الأميركية. ويأتي هذا الإجراء عشية استعداد أوباما لإلقاء خطاب شامل حول التطورات في منطقة الشرق الأوسط حاليا، ومن المرتقب أن يدين فيه النظام السوري.

وإضافة إلى الأسد، ضمت لائحة العقوبات الجديدة، نائب الرئيس فاروق الشرع، ورئيس الوزراء عادل سفر، ووزير الداخلية محمد إبراهيم الشعار، ووزير الدفاع علي حبيب محمود، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السورية عبد الفتاح قدسية، ورئيس شعبة الأمن السياسي محمد ديب زيتون.

وتشمل العقوبات تجميدا جديدا للأرصدة والممتلكات وحظر التعاملات التجارية وحظر المساعدات المالية أو الدعم التكنولوجي للحكومة السورية ومؤسساتها ووكالاتها والكيانات التي تسيطر عليها.

وقال أوباما في نص القرار إن هذه الخطوات الإضافية تأتي بسبب «التصعيد المستمر للعنف الذي تقوم به الحكومة السورية ضد المتظاهرين والاعتقالات للناشطين السياسيين». ووجه أوباما رسالة إلى رئيس مجلس الشيوخ ورئيس مجلس النواب الأميركيين بمضمون العقوبات التي تفرضها إدارته على سوريا. وقال أوباما إنه وجد أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية أصبحت تشكل تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسات الخارجية للولايات المتحدة والاقتصاد الأميركي، وأنه من منطلق «الضرورة الوطنية» يجب التعامل مع هذه التهديدات والتصدي لها ومحاسبة سوريا، وفرض عقوبات إضافية تشمل تجميد أرصدة وممتلكات لأفراد تقررهم وزارة الخزانة مع وزارة الخارجية الأميركية.

وقال بيان صادر عن وزارة الخزانة الأميركية إن الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية ترسل رسالة واضحة إلى الرئيس الأسد والقيادة السورية الذين سيتحملون المسؤولية عن استمرار العنف والقمع في سوريا.

وقال القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية ديفيد كوهين «على الرئيس الأسد ونظامه الكف فورا عن استخدام العنف والاستجابة لمطالب الشعب السوري في تشكيل حكومة ممثلة للشعب والشروع في مسار إصلاح ديمقراطي ذي مغزى».

وأشار مراقبون إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تقوم الولايات المتحدة باستهداف رئيس سوريا وفرض عقوبات تستهدفه بشكل شخصي في خطوة غير مسبوقة، قد تليها مطالبة الرئيس الأسد بالتنحي عن منصبه.

وبعد دقائق من الإعلان عن العقوبات التي فرضها أوباما بموجب قرار رئاسي أمس، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية من جهتها فرض المزيد من الرقابة على بعض الأفراد والكيانات السورية، بهدف فضح تواطؤ مسؤولي الحكومة السورية في انتهاكات حقوق الإنسان وقمع الشعب السوري. وشملت القائمة حافظ مخلوف ابن عم الرئيس الأسد وأحد كبار المسؤولين في المخابرات السورية العامة. وأشار بيان وزارة الخزانة إلى أن مخلوف كان مشاركا لدرجة كبيرة في أعمال النظام السوري لقمع المظاهرات في درعا. وشملت القائمة عقوبات ضد جهات إيرانية أيضا، إذ تتهم واشنطن جهات إيرانية بالمشاركة في قمع المظاهرات في سوريا. وأدرج اسم قاسم سليماني، القائد في الحرس الثوري الإسلامي وأحد أبرز أعضاء فيلق القدس، في القائمة لتقديم الدعم المالي الإيراني لدائرة المخابرات العامة، ومحسن شيرازي ضابط الحرس الثوري الإسلامي في مؤسسة للتدريب. وشملت اللائحة ثلاث شركات سورية لتورط المسؤولين عنها في شبهات فساد عام في سوريا، وتشمل القائمة شركة «شام» القابضة ورئيسها نبيل رفيق كزبري، وصندوق استثمار شركة «المشرق»، وكل المؤسسات والوكالات التابعة لها التي يسيطر عليها رجل الأعمال السوري رامي مخلوف.

كما فرضت وزارة الخزانة رقابة مالية مشددة على المخابرات العسكرية السورية ومكتب الأمن القومي السوري الذي استخدم القوة المفرطة ضد المتظاهرين، ومخابرات القوات الجوية التي أطلقت الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية لتفريق جموع المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في دمشق ومدن أخرى بعد صلاه الظهر، مما أسفر عن مقتل 43 شخصا على الأقل.

وكان الرئيس الأميركي قد أصدر قرارا نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي، بفرض عقوبات على مسؤولين سوريين، منهم ماهر الأسد شقيق الرئيس، وعلي المملوك مدير المخابرات، وعاطف نجيب مدير الأمن السياسي السابق وفيلق القدس، من دون أن يتطرق إلى الرئيس بشار الأسد. وتشكك المراقبون أن تأتي هذه العقوبات بنتائج فعالة في إيقاف النظام السوري عن قمع المظاهرات، وأشاروا إلى أن تأثيرها سيكون محدودا لعدم وجود أصول سورية كبيرة لدى المصارف الأميركية.