العقوبات الأوروبية ضد سوريا تنتظر قرارا من وزراء الخارجية الاثنين

سويسرا تعلن أنها ستمنع سفر 13 مسؤولا سوريا إليها وستجمد أي أرصدة لهم في بنوكها

TT

لم تتوصل دول الاتحاد الأوروبي بعد إلى اتفاق من أجل فرض عقوبات إضافية على السلطات السورية يفترض أن تشمل في سلتها الجديدة الرئيس بشار الأسد ومسؤولين آخرين بينهم وزير الدفاع.

ويدور البحث في بروكسل، حيث عقد سفراء دول الاتحاد اجتماعا جديدا أول من أمس الثلاثاء، حول هوية الأشخاص الذين ستدرج أسماؤهم على اللائحة الجديدة وهم يقدرون بنحو عشرة أشخاص، وحول نوعية العقوبات الإضافية التي ستفرض. وكان الاتحاد أدرج أسماء 13 شخصا في لائحة أولى من ضمنها شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد وابن خاله رامي مخلوف ومسؤولون أمنيون.

ويشكل إدراج اسم الرئيس السوري نقطة الخلاف الرئيسة بالنظر إلى الممانعة التي ما زالت تبديها بعض البلدان الأوروبية لأسباب تتعلق بكل بلد على حدة. ولذا، فقد رحل الملف إلى اجتماع وزراء الخارجية المقبل الذي سيلتئم في العاصمة البلجيكية يوم الاثنين في 23 من الشهر الحالي.

وقالت مصادر فرنسية واسعة الاطلاع إن باريس «تسعى لإقناع الأطراف المترددة بالسير في العقوبات لأن الرئيس السوري لم يستجب للمطالب التي قدمها إليه الاتحاد ولا لمعنى الإشارات التي أرسلت له أو العقوبات التي فرضت على سوريا والدليل على ذلك أن أعمال القمع ما زالت قائمة على أنواعها والحوار الداخلي معطل والمظاهرات مستمرة».

وترى هذه المصادر الفرنسية أن بعض الدول يمكن وصفها بـ«الممانعة» مثل قبرص وإستونيا والبرتغا،ل والأخرى مترددة مثل إسبانيا واليونان. وانضمت ألمانيا إلى البلدان الراغبة في فرض عقوبات إضافية في حين تتمثل قاطرة الدفع في فرنسا وبريطانيا.

وسبق لهذه الدول أن حثت الاتحاد على سلوك منهج «التدرج المتصاعد» في فرض العقوبات وبالتالي إعطاء الوقت للسلطات السورية لتغيير منهج تعاملها مع المتظاهرين وإطلاق إصلاحات حقيقية. ولذا، فقد عارضت إدراج اسم الرئيس السوري في القائمة الأولى. وترد باريس بأنه «حان الوقت» لإظهار حزم الاتحاد الأوروبي وإرسال إشارات «واضحة» بأنه لم يعد «جائزا» الاستمرار أو اللجوء إلى القمع في التعامل مع حركات احتجاجية سلمية.

وتسعى باريس، بالتوازي، إلى تحريك مجلس الأمن الدولي الذي انقسم على نفسه في موضوع إدانة القمع وإصدار بيان إدانة أو فرض عقوبات دولية. وترأس فرنسا مجلس الأمن للشهر الحالي، مما يعطيها دورا رئيسيا في الاتصال مع الأعضاء الدائمين وغير الدائمين وللبحث عن موقف موحد أو على الأقل تحاشي أن تستخدم روسيا أو الصين حق النقض (الفيتو») لمنع صدور قرار. وقال وزير الخارجية، ألان جوبيه، أول من أمس أمام الجمعية الوطنية إن أكثرية في مجلس الأمن «آخذة في التشكل» من تسعة أعضاء لإدانة استمرار القمع في سوريا. إلا أن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قال أمس إن روسيا لن تؤيد قرارا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدين قمع سوريا للمحتجين. ولم يذكر خلال مؤتمر صحافي ما إذا كانت روسيا ستستخدم حق النقض ضد القرار المقترح أم لا.

جاء ذلك، في وقت أعلنت فيه سويسرا أمس أنها ستمنع سفر 13 مسؤولا سوريا إليها وستجمد أي أرصدة لهم في بنوكها ردا على الإجراءات القمعية التي تتخذها الحكومة ضد المحتجين المطالبين بالإصلاح. وقال رولاند فوك الذي يرأس مكتب العقوبات في أمانة الاقتصاد السويسرية إن البنوك السويسرية سيتعين عليها التأكد مما إذا كان لديها أرصدة لأي من المسؤولين الثلاثة عشر وإخطار الحكومة. ومن بين الإجراءات السويسرية حظر على الأسلحة، لكن سويسرا لم تصدر أي أسلحة لسوريا منذ عشر سنوات على الأقل. وسعت سويسرا جاهدة في السنوات الأخيرة لتحسين صورتها كملاذ آمن للأموال غير المشروعة وصادرت أرصدة عدد من الحكام المخلوعين ووافقت عام 2009 على التخفيف من سرية البنوك للمساعدة في الكشف عن حالات التهرب الضريبي. وجمدت سويسرا أرصدة رئيسي تونس ومصر السابقين وأفراد من الدائرة المقربة منهما وكذلك أرصدة الزعيم الليبي معمر القذافي والدائرة المقربة منه.

وسيكون الموضوع السوري على جدول أعمال قمة مجموعة الـ8 الاقتصادية التي تضم الدول الأكثر تصنيعا في العالم والتي ستلتئم في مدينة دوفيل (شمال فرنسا) يومي 26 و27 مايو (أيار) الحالي.

وقالت مصادر فرنسية رئاسية إن رؤساء الدول والحكومات سيبحثون «الربيع العربي» مساء اليوم الأول من اجتماعهم. وتفادت المصادر الرئاسية الدخول في تفاصيل ما آلت إليه المشاورات في موضوع العقوبات في مجلس الأمن وداخل الاتحاد الأوروبي. لكنها أفادت أن بيانا رسميا سيصدر عن القمة وسيكون بمثابة انطلاقة شراكة بين مجموعة الـ8 وبين الدول العربية التي اختارت التحول إلى الديمقراطية وتحديدا تونس ومصر التي سيحضر رئيسا وزرائها الاجتماع. وأشارت المصادر الرئاسية إلى أن بلدانا مثل المغرب «مؤهلة» للانضمام سريعا إلى هذه الشراكة التي تريد فرنسا أن تكون لها أبعاد سياسية واقتصادية ومالية، التي تريد أن تجند من أجلها المؤسسات المالية الدولية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار الذي أسس بعد انهيار جدار برلين وانتهاء الأنظمة الشيوعية في أوروبا الوسطى والشرقية والصناديق الخليجية وبنك التنمية الإسلامي. وتكمن أهمية بحث القمة للموضوع السوري في حضور قادة أربع من أصل خمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن ومنهم الرئيس الروسي الذي عارضت بلاده «ولا تزال» إدانة سوريا في مجلس الأمن وبالطبع فرض عقوبات عليها. وينتظر أن يستخدم الغربيون المناسبة للتوصل إلى موقف مشترك مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بخصوص سوريا، علما بأن وزيرة الخارجية الأميركية ومعها وزيرة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي تدفعان باتجاه عقوبات أشد ضد سوريا. وأكدت كلينتون أن واشنطن ستفرض «تدابير إضافية» في الأيام القلية المقبلة على عدد من المسؤولين السوريين.

ولن يحصر الاتحاد البحث في العقوبات الإضافية، بل هناك مروحة واسعة من التدابير والإجراءات التي تذهب أبعد منها ومن منع 13 شخصا يعتبرهم مسؤولين عن القمع أو من حظر بيع أسلحة إلى النظام السوري. وحتى الآن، تناقش هذه التدابير «الجذرية» بعيدا عن الأضواء ويمكن أن تأتي في مرحلة لاحقة أو في حال ارتكب النظام في سوريا أخطاء كبيرة مثل عمليات قمع واسعة النطاق من شأنها دفع الدول المترددة إلى تغيير مواقفها والسير في الخط المتشدد.