ناشطون سوريون يكشفون «برقية رسمية» تثبت وجود المقابر الجماعية في درعا

بعد أن نفت السلطات الرسمية خبر وجود المقابر

تشييع أحد الجنود الذين سقطوا في حمص أمس في صورة وزعتها وكالة سانا الرسمية السورية (إ.ب.أ / سانا)
TT

ردا على النفي الرسمي السوري لوجود قبور جماعية في ريف درعا، وعلى ما قاله التلفزيون السوري بأن مقاطع الفيديو التي بثت على مواقع الإنترنت وأخذتها وسائل الإعلام الخارجية بأنه فيديو مفبرك، نشر ناشطون «وثيقة» عبارة عن برقية موجهة من وزارة الداخلية قوى الأمن الداخلي في محافظة درعا ـ ورقم البرقية 4103، بتاريخ 17 من الشهر الجاري، إلى محافظ درعا وعدة جهات رسمية أخرى للاطلاع.

وجاء في البرقية المزعومة «أن العقيد مصطفى الدادة رئيس قسم المحطة أعلمنا... أنه في الساعة 12 من يوم 16/5/2011 راجع فوج إطفاء درعا المدعو باسل عبد الرزاق أبازيد مواليد 1967 درعا البلد... وأخبره أن رائحة كريهة تنبعث من حقل قمح جنوب مقبرة البحار بدرعا البلد... أرسلت دورية برفقة فوج الإطفاء إلى المكان المذكور حيث شوهد حفرة تنبعث منها رائحة كريهة تم حفرها وتم العثور بداخلها على 5 جثث تم انتشالها وتبين أنها تعود لكل من والد المدعو باسل وأشقائه».

وأضافت البرقية المزعومة أنه «تم نقل الجثث إلى مشفى درعا الوطني وحضرت لجنة الكشف وتولت التحقيق وتبين أن سبب الوفاة.. الأول عبد الرزاق نزف شديد ناجم عن طلق ناري تحت الإبط الأيمن وفي الصدر، والثاني سمير نزف شديد ناجم عن طلق ناري في الصدر الأيمن والرأس، والثالث سامر نزف شديد ناجم عن طلق في الرأس والصدر الأيمن وضياع ملامح الوجه، والرابع سليمان نزف شديد ناجم عن طلق في الرأس والصدر، والخامس محمد نزف شديد ناجم عن طلق ناري في الرأس والصدر، وقرر قاضي التحقيق تسليم الجثث لذويها لدفنها أصولا نظم ضبط 98، وتاريخه، وبموجبه سلمت الجثث للمدعو باسل أبازيد المذكور، التحقيقات جارية وسنوافيكم ببرقية لاحقة عن نتائج التحقيق يرجى الاطلاع».

وكانت وزارة الداخلية اعترفت في بيان صادر عنها بأنها تبلغت يوم الاثنين عن «خمس جثث في منطقة البحار» وأن «التحقيقات جارية لمعرفة ملابسات الحادث وأسبابه» وقال مصدر مسؤول إن «المحامي العام تبلغ بالواقعة وإن اللجنة المشكلة لهذا الأمر تقوم بالتحقيق في ملابسات الحادث وأسبابه وقد سلمت الجثامين إلى أهالي المتوفين حيث تم دفنها» ولم يأت البيان على ذكر أسماء الأشخاص الذين عثر على جثثهم. إلا أنه وبعد إعلان منظمات حقوقية سورية عن اكتشاف 41 جثة في قبور جماعية يوم الاثنين في ريف درعا، نفت الجهات الرسمية وجود مقابر جماعية في درعا، ووضعتها في سياق «حملة التحريض والافتراء والفبركة». وقال مصدر مسؤول بوزارة الداخلية «إن بعض محطات التلفزيون ووسائل الإعلام نقلت في سياق حملة التحريض والافتراء والفبركة التي تشنها ضد سوريا ومحاولاتها المستمرة للنيل من استقرارها وأمن مواطنيها خبرا عن شهود عيان حول وجود مقبرة جماعية في درعا».

وأكد المصدر أن هذا النبأ «عار عن الصحة جملة وتفصيلا» مؤكدا على أن هذه «الحملة المغرضة.. باتت مكشوفة في أهدافها وتوقيتها وخاصة مع استعادة درعا بشكل تدريجي لحياتها الاعتيادية». كما قال التلفزيون السوري إن الجرافة التي ظهرت في فيديو مقبرة درعا تحمل لوحة أرقام غير سورية لأن كل سيارة أو جرافة رسمية تضم 4 أرقام ومكتوب عليها أشغال، أما ما تظهر في الفيديو فتضم 6 أرقام ومكتوب عليها خاص. وهي ماركة فولكس فاغن وهي غير مستخدمة في سوريا، وأن الرجال مكممون ويرتدون ألبسة خاصة بالمختصين بالبحث عن المقابر، وتساءل التقرير بسخرية عما إذ كان الجيش المتهم أنه ما زال منتشرا في درعا سمح بوصول هكذا فريق مختص إلى ريف درعا. إلا أن الناشطين الذين سربوا الوثيقة لفتوا إلى أن «الفيديو كان تحديدا لعملية كشف الجثث الخمس لعائلة أبازيد التي اعترفت السلطة بالتبليغ عنها وتسليمها إلى جثثها، والبرقية تؤكد أن الفريق الذي قام بالبحث عنها يعود لفوج إطفاء درعا قوى الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية، وهو فريق متخصص، وبالتالي فإن الفيديو صحيح وغير مفبرك». ووضعوا كلام التلفزيون السوري في سياق التعتيم الإعلامي الذي ينتهجه وطمس الحقائق في تعامله مع الأحداث في سوريا. ولم تتمكن «الشرق الأوسط» من التأكد من صحة الوثيقة، رغم أن الدلائل المتوفرة تشير إلى ذلك.

وكانت مقاطع الفيديو المسربة من درعا حول اكتشاف الأهالي لعدة قبور جماعية قد أثارت الدهشة والذهول في الشارع السوري، وتباينت المواقف بين مصدق لهذه الصور ومفجوع بهذه الأخبار، وبين مشكك في صحتها، وآخر يرفض الاعتراف بأنها من درعا.

وعلقت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا على الاعتراف الرسمي بأن هناك 5 جثث في منطقة البحار في درعا ومن ثم نفي قبور جماعية بالقول «إن المنظمة عندما تحدثت عن اكتشاف المقبرة لم تتهم أي جهة باقترافها إلا أن بيان المصدر المسؤول في وزارة الداخلية، ومسارعة أجهزة السلطة إلى حصار المكان ومصادرة الهواتف الجوالة واستمرار منع الصحافيين من تغطية الوقائع ومنع لجان الأمم المتحدة من الدخول يثير لديها الشكوك حول مسؤولية السلطات الرسمية عن الضلوع باقتراف تلك المجازر».