جورج إسحاق: الجيش هو عمود الدولة الرئيسي والشعب هو صاحب الفضل الأول في تنحي مبارك

أول منسق لحركة «كفاية» لـ«الشرق الأوسط»: أسباب الفتن الطائفية الانفلات الأمني والاحتقان المتراكم وسيطرة الكنيسة على المسيحيين

جورج إسحاق (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

قال جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، المنسق العام الأسبق للحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية» إن تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية أول أيام العام الحالي كان «القشة التي قصمت ظهر البعير» لتطيح بنظام الرئيس السابق حسني مبارك.

واعتبر إسحاق، بوصفه مسيحيا مصريا ذا تجربة مثيرة في حزب العمل (ذي التوجه الإسلامي)، أن الانفلات الأمني والاحتقان الطائفي المتراكم وسيطرة الكنيسة على المسيحيين وعدم محاسبة الجناة في الحوادث الطائفية من أهم أسباب زيادة الأزمات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين في مصر.

وبصفته أحد أبرز المعارضين في مصر خلال السنوات الأخيرة، طالب إسحاق بمحاكمة مبارك ورموز نظامه بتهمة الفساد السياسي، ودعا لاستخدام الشرعية الثورية لسن قوانين تتيح هذا الأمر. وقال: «إنهم مجرمون وخونة وعملوا ضد مصالح مصر وأنا اتهمهم بالخيانة علنا».

وكشف إسحاق، باعتباره عضوا في وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية الذي زار عددا من دول حوض النيل مؤخرا، عن أن عمر سليمان، نائب الرئيس السابق، كان سببا في سوء علاقات مصر بكل من أوغندا وإثيوبيا، وهو ما أفضى لتعقيد مفاوضات مصر حول حصتها في مياه النيل.

واعتبر إسحاق أن الظهور القوي للسلفيين على الساحة السياسية في مصر أمر إيجابي، «لأنهم كانوا مكتومين بفعل أمن الدولة، الآن ظهروا على حقيقتهم وسقطت أقنعتهم وعرفنا كيف يفكرون».

وفيما يلي نص الحوار..

* كيف تقرأ المشهد السياسي الحالي في مصر؟

- المشهد السياسي حاليا شديد الارتباك.. وهذا طبيعي جدا في مرحلة ما بعد الثورات، وقد كنت مؤخرا في مؤتمر في بلغاريا حول الأوضاع في أوروبا الشرقية عقب سقوط الأنظمة الشيوعية، ووجدت أن ما حدث هناك مماثل تماما لما نمر به حاليا، وفي اعتقادي أن هذا سوف يستمر في مصر لفترة لن تقل عن ثلاثة أعوام، فنحن نعيد بناء دولة من جديد وأؤكد أن مصر ستشهد نهضة اقتصادية وسياسية وستتقدم في كل المجالات.

* ما تقييمك لأداء المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم خلال الفترة الحالية؟

- أريد أن أفرق بين الجيش والمجلس الأعلى للقوات المسلحة (المجلس العسكري) الحاكم، فالجيش المصري الآن هو عمود الدولة الرئيسي وهو حائط الصد لنا ونقدره ونكن له كل الاحترام، أما المجلس العسكري فهو يلعب دور رئيس الدولة ومجلس الشعب، ومن واجبنا أن نتواصل معه طوال الوقت، للنقاش حول كل ما يحدث، لا توجد خطوط حمراء، فهذا الوطن وطننا جميعا، ومن حقنا أن نتفق أو نختلف مع المجلس.

* هل كنت تتوقع الثورة على النظام السابق؟

- نعم.. فالسياسي دون حلم لا يصبح سياسيا، أنا كان لدي حلم وكنت أرى أن المشهد العام في مصر في آخر عهد (الرئيس السابق حسني) مبارك كان محتقنا للغاية، وأنا أرفض تسمية ثورة 25 يناير بثورة الشباب، لأنها ثورة الشعب المصري كله، تقدمها الشباب ولهم التقدير على ذلك، ولا يمكن أن ننظر لما حدث دون أن نغفل إرهاصاتها التي تمثلت في الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية» التي دأبت منذ ديسمبر (كانون الثاني) عام 2004 على معارضة مبارك وهو في عز سلطته، وبعدها تزوير الانتخابات البرلمانية عام 2005 والتي شهدت تضييقا كبيرا على المرشحين المعارضين رغم فوز الإخوان المسلمين بـ88 مقعدا، ثم كارثة غرق العبارة «السلام 98» في عام 2006 التي غرق فيها أكثر من ألف مصري وتعامل معها مبارك بمنتهى الاستفزاز فبدلا من أن يوجه عزاءه لأهالي الضحايا، ذهب لحضور تدريبات ومباريات المنتخب المصري لكرة القدم في كأس الأمم الأفريقية في نفس اليوم، ثم تزوير انتخابات مجلس الشورى عام 2007، ثم جاء العام الماضي ليشهد تزوير انتخابات مجلس الشورى التي لم ينجح فيها سوى مرشحي الحزب الوطني ثم انتخابات مجلس الشعب التي فاق تزويرها أي حد، ولم يستح النظام بل أشاد مبارك بتلك النتائج المزورة وقال كان بها بعض التجاوزات. وفي تقديري أن حادث تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية في أول أيام شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، كان القشة التي قصمت ظهر البعير، فالشعب أدرك أن البلد في فوضى وأن هناك تآمرا عليها، لهذا أقول إنها ثورة الشعب المصري كله.

* كيف ترى إدارة مبارك للأزمة خلال الثورة؟

- حاول أن يستعطف الشعب المصري وحاول الالتفاف على مطالب الشعب التي كانت واضحة، الشعار الرئيسي كان «الشعب يريد إسقاط النظام»، المعنى واضح وهو إسقاط مبارك، لكنه حاول المراوغة؛ فعين نائبا له وأقال الحكومة وأتى بأخرى، وألقى خطابا عاطفيا استدر به عطف البعض، لكني دائما مؤمن أن مصر لها كرامات، وهذه الكرامات تجلت في حدوث موقعة الجمل ثاني يوم خطاب مبارك فأفقده أي تعاطف، وتأكد الناس أن هذا النظام قاتل ويده ملوثة بدم الشعب.

* البعض رأى في تفويض مبارك لنائبه عمر سليمان بالقيام بأعمال الرئيس حلا مناسبا، لماذا رفضه الثوار؟

- عمر سليمان نسخة مكررة من مبارك ولا يقبل المساس بمبارك أو الاختلاف معه بأي شكل من الأشكال، وكان طوال الوقت يحدثنا عن أن مبارك هو صاحب الضربة الجوية الأولى في حرب أكتوبر، وأنا أقول له وماذا عن آلاف الشهداء الذين سقطوا من الضباط والجنود المصريين في الحرب ماذا كان دورهم، مبارك كان في مكتبه يدير شؤون سلاح الطيران، المقاتلون كانوا هناك في سيناء، وهناك أكثر من رواية تتحدث عن تقصير مبارك في أداء دوره، لكنهم صوروه لنا على أنه صاحب الفضل الأول والأخير في انتصار أكتوبر وهذا تزييف ونفاق، والآن يحدثوننا عن العفو عن مبارك ورموز نظامه.. إنهم مجرمون وخونة وعملوا ضد مصالح مصر وأنا اتهمهم بالخيانة علنا.

* من كان صاحب الفضل في تنحي مبارك في تقديرك الجيش أم الضغط الشعبي؟

- الشعب هو صاحب الفضل الأول في ذلك، هذا الشعب الذي خرج بالملايين إلى ميدان التحرير هو الذي أجبر مبارك على التنحي، فأركان النظام السابق أخبروه أن المتظاهرين «شوية عيال وهيتلموا» لكن الملايين الذين خرجوا وزحفوا إلى قصر العروبة الرئاسي هم الذين أجبروه على الرحيل بعد أن ظل جاثما على الصدور لثلاثين عاما.

* ما رأيك في سير محاكمات رموز النظام السابق؟

- أتمنى أن تكون المحاكمات أسرع من ذلك، وأقترح تشكيل دوائر قضائية خاصة لمحاكمتهم، فهناك بطء في التقاضي، خاصة أن باقي رموز النظام ما زالوا على الطريق، ونحن نريد محاكمات سريعة وعادلة، والشعب مستنفر لأن مبارك سقط لكن رجاله ما زالوا موجودين، والدليل بقاء أعضاء المجالس المحلية. أريد أن ألفت النظر إلى أن رجال مبارك يحاكمون باتهامات جنائية أو مالية، ولكن ماذا عن جرائمهم السياسية، مثلا الدكتور مفيد شهاب (وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية السابق) ثبت من التحقيقات براءة ذمته المالية وأخلي سبيله، وخرجت الصحف في اليوم التالي تشيد بنزاهته، ولكن ماذا عن ذمته السياسية، ألم يضع قوانين سياسية كثيرة شابها العوار، تسير كلها في طريق توريث الحكم لجمال مبارك، وأيضا الدكتور فتحي سرور (رئيس مجلس الشعب السابق) وهو علامة وحجة قانونية، وقد استخدم علمه في وضع وتمرير قوانين تخرب الحياة السياسية، ورغم أن مصر لا يوجد بها قانون للفساد السياسي، لكن هناك شرعية ثورية يجب أن تستخدم في محاسبتهم، فالثورة لها قوانينها.

* هل كنت تتوقع حجم الفساد في النظام السابق الذي كشفت عنه الثورة؟

- نعم، ولدي أسبابي، فخلال عملنا في «كفاية» شكل منسقها الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري مجموعة من الباحثين، وأعد ملفا من 600 صفحة عن قضايا فساد موثقة بالوقائع والأرقام وقدمناه للمجتمع ولم يلتفت إليه أحد.

* هل تعتقد أن تعدد الجهات التي تنسب الثورة لنفسها مثل اللجنة التنسيقية للثورة، ومجلس أمناء الثورة، وائتلاف شباب 25 يناير، وغيرها أضعفت مكاسب الثورة ومطالبها؟

- بالعكس كل هذا حراك طبيعي، فنحن نحرث التربة المصرية من جديد، وطبيعي أن تظهر تكوينات جديدة على الساحة، وهذا لا يقلقني لأنه شيء إيجابي، وأنا متفائل جدا بالمستقبل.. مصر القادمة مختلفة وجديدة، ولكن في الوقت نفسه يجب أن يقف كل هؤلاء النشطاء والسياسيين والحزبيين وقفة قوية وموحدة ضد أي تراجع عن مكاسب الثورة.

* كيف تقيم أداء حكومة الدكتور عصام شرف؟

- الدكتور عصام شرف يحمل على كتفيه عبئا ثقيلا، وأنا أدعو كل من ينتقده أن يذهب للجلوس معه في مكتبه ساعة واحدة ليرى كم المشكلات أمامه، النظام السابق ترك مصر على الأرض، بلا أمن ولا صحة ولا أجور ولا أي خدمات، شرف يبني مصر من جديد، أعطوه فرصة ليعمل وخففوا الضغط عنه ليستطيع تحقيق ما نريد.

* الخطوات السياسية التي أقرها المجلس العسكري أثارت خلافا بين القوى السياسية فالبعض يريد الانتخابات البرلمانية أولا بينما يرى آخرون أن انتخابات الرئاسة هي الأولى، فيما يرغب فريق ثالث في تشكيل مجلس رئاسي، إلى أي الآراء تميل؟

- نتمنى من المجلس العسكري الموافقة على مجلس رئاسي مكون من شخص مدني وآخر قاض وثالث عسكري، وهذا أفضل في رأيي لرفع الحرج عن المجلس العسكري الذي قد ينتقده البعض عند حدوث أي شيء. أما بالنسبة للانتخابات فأنا مع تأجيل الانتخابات البرلمانية من سبتمبر (أيلول) المقبل، حسبما أقره الإعلان الدستوري الذي أعلنه الجيش، إلى شهر ديسمبر (كانون الثاني) المقبل، لوجود انفلات أمني غير مسبوق في الشارع المصري.. هناك 4 آلاف مركبة شرطية محروقة ومدمرة، وهناك 90 نقطة ومركزا للشرطة تم تدميرها، هناك ستة سجون غير صالحة للعمل بعد اقتحامها، كل هذا يحتاج وقتا طويلا لإعادة الأمن كما كان في الشارع. السبب الثاني هو أن هناك أحزابا وقوى سياسية جديدة ظهرت على الساحة، وعليها أن تجوب محافظات مصر لشرح أفكارها وكسب التأييد وجذب الأنصار قبل خوض الانتخابات، وهذا مستحيل أن يحدث قبل شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، لذلك فأنا أرى أن إجراء الانتخابات في الموعد المقرر يحرمهم من التكافؤ ويضعهم في موقع ضعيف أمام قوة سياسية تعمل على الأرض منذ أكثر من 80 عاما مثل الإخوان المسلمين، ولهم شعبيتهم وقاعدتهم الجماهيرية، وإصرار الإخوان على هذا الأمر يضر الآخرين ويعد نوعا من احتكار العمل السياسي.

* هل موقف الإخوان المسلمين سببه أنهم شعروا بقوتهم في الشارع المصري بعد نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية؟

- لا أعرف، أنا أشهد للإخوان المسلمين أنهم طوال عام كامل من العمل في الجمعية الوطنية من أجل التغيير، لم يفرضوا رأيا ولم يرفعوا شعارا وكانوا متعاونين لأقصى درجة.. لا أعرف ما سر تحولهم فجأة، ولكني في الوقت نفسه أحذرهم من استخدام فائض القوة في فرض الآراء لأنه يضر، لأن الحزب الوطني الديمقراطي عندما استخدم فائض القوة في فرض الآراء انتهى ودُمر تماما.. نريد أن نسترجع روح ثورة 25 يناير.

* عندما تتحدث عن الملف الديني في مصر، أشعر في حديثك بمرارة، في رأيك، كمسيحي مصري، ما هي أسباب زيادة الفتن الطائفية مؤخرا؟

- أهم الأسباب هي الانفلات الأمني، الاحتقان الطائفي المتراكم منذ سنين بسبب الجهل، وسيطرة الكنيسة على المسيحيين، وأنا سعيد أن الشباب المسيحي بدأوا يخرجون بمظاهراتهم خارج أسوار الكنائس، بالإضافة إلى عدم محاسبة أحد ممن ارتكبوا جرائم الفتنة الطائفية، فمثلا في حادث كنيسة أطفيح هناك كنيسة حرقت وهدمت ولم يقبض على متهم واحد، وهذا ضد مصلحة الشعب المصري، فالكنائس من ممتلكات الشعب المصري وليست من ممتلكات الكاتدرائية أو البابا، فالكنيسة مؤسسة وطنية مصرية والأزهر مؤسسة وطنية مصرية مملوكتان للشعب المصري وليس لأشخاص، ومن يعتدي على أي منهما يعتدي على الشعب المصري. يجب أن يفتح الملف الطائفي على مصراعيه الآن من جوانبه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، الدولة لم تتحرك منذ أكثر من 40 عاما في هذا الملف وأعتقد أنه حان الوقت الآن لتلك الخطوة.

* وهل تملك تصورا لمعالجة هذا الملف الشائك؟

- اتفقنا كجماعة من المثقفين المصريين على تشكيل لجنة مشتركة مع المجلس القومي لحقوق الإنسان للعمل على هدفين، الأول قصير المدى، وهو إطفاء الحرائق الطائفية الحالية، والثاني طويل المدى، وهو معالجة أسباب الفتن الطائفية من أساسها، فالوضع خطير. وحله تطبيق المواطنة، أي أن الكل متساو أمام القانون في الحقوق والواجبات.

* ولكن الأزمات الطائفية الأخيرة كانت أسبابها - كما قيل - إشهار مسيحيات إسلامهن؟

- الطلاق مشكلة في المسيحية، وبعض المسيحيات يلجأن إلى إشهار إسلامهن للطلاق، ولكن هل يكون هذا سببا في فتن طائفية ومقتل العشرات بسببها، هل نختزل كل المشكلات في تحويل مصري لديانته، نحن لا نملك مفاتيح الجنة لنحاسب من أسلم أو تنصر، الدين علاقة بين الشخص وربه لا شأن لنا بها، وفي واقعة عبير التي تسببت في أحداث إمبابة على سبيل المثال، اتضح أنها مُزورة، حيث كتبت في وثيقة إشهار إسلامها أنها عذراء بينما هي زوجة وأم. وتردد أنها على علاقة بشخص مدمن، ثم ما كان من قتل وإصابة المئات من أجل هؤلاء؟ وفي أزمة كاميليا خرج الدكتور محمد سليم العوا المفكر الإسلامي وقطع بأن كاميليا لم تُسلم ومع ذلك ظلت مظاهرات السلفيين تخرج وتنادي «عايز أختي كاميليا»، هل توجد مصداقية بالنسبة لهم أكثر من الدكتور العوا.. لا أعرف، وحل تلك الإشكالية بثقافة تقبل الآخر، وأنا أدعو المتشددين إلى قراءة عهد الرسول محمد (ص) مع نصارى نجران، ففيه نموذج يحتذي به من يدعي أنه حامي الإسلام.

* هل كان الظهور القوي للسلفيين على الساحة السياسية في الفترة الماضية سببا في زيادة الاحتقان الطائفي؟

- أنا أرى أن ظهورهم بهذا الشكل كان شيئا إيجابيا، لأنهم كانوا مكتومين بفعل أمن الدولة، الآن ظهروا على حقيقتهم وسقطت أقنعتهم وعرفنا كيف يفكرون.

* كنت أول منسق لحركة «كفاية» التي رفعت شعار لا للتمديد (للرئيس السابق مبارك) ولا للتوريث (لنجله جمال)، بسقوط النظام لم يعد هناك تمديد ولا توريث فهل انتهت «كفاية»؟

- بالقطع لا، «كفاية» موجودة وستستمر، لأن «كفاية» فكرة لا يمكن أن تموت، ولا ننسى أن كل الحركات الموجودة على الساحة خرجت من رحم «كفاية» التي كانت أول من نزل إلى الشارع عام 2004 للتظاهر ضد مبارك، وسنظل ضد فساد أي مسؤول، وبريق الحركة كان نابعا من أنها كانت الوحيدة على الساحة، الآن بعد تعدد الحركات لا أحد يذكر فضل «كفاية». نحن دفعنا الثمن؛ البعض سجن والبعض فقد عمله وزوجته طلبت الطلاق بسبب اشتغاله في حركة «كفاية».

* منذ سقوط مبارك عن كرسي الرئاسة، أعلن كثير من الشخصيات العامة اعتزامهم الترشح للرئاسة، كيف ترى هؤلاء المرشحين؟

- أنا سعيد جدا بكل من أعلن ترشحه، الدكتور محمد البرادعي وعمرو موسى والمستشار هشام بسطاويسي وحمدين صباحي والفريق مجدي حتاتة وبثينة كامل وغيرهم، لأن البديل في حال بقاء مبارك في السلطة كان هو رؤساء مجموعة من أحزاب المعارضة الكارتونية التي صنعها النظام السابق، أمام مبارك أو نجله في انتخابات محسومة مقدما.

* لمن ستعطي صوتك في الانتخابات الرئاسية؟

- حسمت قراري بشأن المرشح الذي سأدعمه ولكن الوقت مبكر جدا لإعلانه.

* الدكتور كمال الهلباوي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين رشحك لرئاسة الجمهورية، ألا تفكر في الأمر؟

- نريد أن نكسر خط برنامج حزب الإخوان المسلمين الذي قالوا فيه إنه لا يصح للمسيحيين والمرأة تولي رئاسة الدولة، وفي هذا الإطار أعلنت الإعلامية بثينة كامل نيتها في الترشح ونبحث حاليا عن مسيحي للترشح.

* لم أحصل على إجابة لسؤالي.. هل تنوي الترشح للرئاسة؟

- لا تعليق..

* وفد الدبلوماسية الشعبية المصري الذي تتمتع بعضويته، نجح فيما فشل فيه نظام مبارك وهو استعادة العلاقات المصرية الأفريقية، كيف تم ذلك؟

- عن طريق بناء العلاقات الإنسانية، فهي أهم بكثير من العلاقات السياسية، ففي أوغندا استقبلونا بالترحاب الشديد، وخصصوا لنا موكبا رئاسيا، واستضافونا في أفخر فنادقهم، ورفضوا أن ندفع ثمن إقامتنا رغم أنها دولة فقيرة، ولأن كل فرد منا دفع ثمن تذكرة الطيران، وخلال اللقاء مع الرئيس يوري موسيفيني بدأ اللقاء متوترا ثم ذاب الجليد بيننا حتى أنه في نهاية الجلسة كان سعيدا جدا، وتحدث مع رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي ليسهل مهمتنا في إثيوبيا. وفي رحلتنا لأديس أبابا رافقنا السفير الإثيوبي في القاهرة محمود درير وهو يتحدث العربية كأهلها ولم يتركنا لحظة حتى عدنا للقاهرة، وحين حطت الطائرة في المطار كنا خائفين من جفاء الاستقبال، لكنهم أعدوا لنا استقبالا فولكلوريا أفريقيا واجتمعنا بزيناوي وهو رجل دولة قدير ونجحنا في التوصل معه إلى تعليق تصديق البرلمان الإثيوبي على اتفاقية عنتيبي (محل الخلاف) لحين إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة في مصر.

* إذن أين كانت المشكلة بين مصر وتلك الدول؟

- المشكلة كانت في النظام السابق الذي كان يتعامل معها تعاملا فوقيا فيه استعلاء، وقد كشف لنا الرئيس موسيفيني في أوغندا عن علاقة عمر سليمان بإسرائيل لوقف أي مشاريع مشتركة مع أوغندا، بعدما أفشل يوسف بطرس غالي وزير المالية السابق أي محاولات لتلك الدول للاستدانة من الجهات الدولية، موسيفيني وزيناوي أكدا لنا أنهما لم يكونا ضد الشعب المصري بل كانا ضد تعامل النظام السابق مع بلديهما.

* عُينت مؤخرا عضوا في مجلس حقوق الإنسان، ما هي رؤيتك لتطوير أدائه؟

- منذ الاجتماع الأول أكدت أننا يجب أن نتخلص من الشكل القديم للمجلس، وأصررت على أن ينزل أعضاء المجلس في بعثات تقصي الحقائق بدلا من الباحثين الذين كان يتم إرسالهم لأماكن المشكلات المختلفة، وهو ما حدث بالفعل في أحداث إمبابة الطائفية، وهذا أعطى زخما لتقرير اللجنة، وحاليا نعمل على إعداد مشروعي قانون أحدهما ضد التمييز والثاني القانون الموحد لبناء دور العبادة لإرسالهما إلى رئيس مجلس الوزراء لإقرارهما، المشكلة الوحيدة هي عدم توافر مقر للمجلس بعد حرق المقر القديم.

* في نهاية الحوار.. ضع سؤالا وأجب عنه؟

-السؤال هو ما المطلوب من المصريين الآن؟ والإجابة: المطلوب هو المزيد من الصبر والهدوء، لأننا على وشك الدخول في أزمة اقتصادية كبيرة، يجب على كل المصريين أن يعملوا لتجاوزها، ولا بد من وقف المظاهرات الفئوية لأنها تعطل الإنتاج.