بن عثمان لـ«الشرق الأوسط»: البحث عن بديل سعودي لخلافة بن لادن

قيادي المقاتلة السابق: عرفت سيف العدل شخصيا وهو قائد عسكري منضبط

TT

في الوقت الذي شنت فيه الطائرات الأميركية من دون طيار غارات شبه يومية على الشريط القبلي منذ مقتل زعيم «القاعدة» في أبوت آباد الباكستانية بداية الشهر الجاري، نجحت مجموعة صغيرة من قيادات «القاعدة» في عقد اجتماع لها في ولاية كونار الأفغانية اختاروا فيه الضابط المصري سيف العدل الذي كان يشغل بالفعل دورا قريبا من رئيس أركان التنظيم حتى قبل مقتل أسامة بن لادن، كزعيم مؤقت لـ«القاعدة». وكشف الخبير بشؤون «القاعدة» نعمان بن عثمان وهو معاون سابق لابن لادن قيادي الجماعة المقاتلة السابق لـ«الشرق الأوسط» أن سيف العدل عين بشكل مؤقت وأنه لا يتولى دور قائد، وإنما يتولى القيادة في شؤون العمليات والنواحي العسكرية.

وقال إن اختيار سيف العدل جاء نتيجة الاضطراب الذي يسود صفوف «القاعدة» في غياب قائد لهم. وأوضح أنه علم باختيار سيف العدل لقيادة التنظيم، من خلال اتصالاته الشخصية، والمناقشات الدائرة على مواقع «منتديات جهادية».

وتحدث بن عثمان أحد المطلعين على الأمور الداخلية المتعلقة باختيار قيادة «القاعدة» على مدار العقدين الماضيين: «عن صيغة تبحث في كواليس (القاعدة) للإبقاء على اسم ولقب بن لادن داخل التنظيم، مشيرا إلى أنه لا يوجد أحد من أولاده مرشح لتولي الخلافة أو تقبل البيعة، فيما أن هناك مناقشات جارية في أوساط الكوادر العليا للتنظيم للبحث عن بديل سعودي يتولى إدارة شؤون التنظيم، خلفا لابن لادن». واعتبر أن البحث عن خليفة سعودي يتولى إدارة التنظيم سيكون من أكبر القضايا التي تبحث عن حل. وأكد بن عثمان الذي يعمل حاليا كبير محللي مؤسسة كويليام البحثية البريطانية لمكافحة التطرف أن قرار اختيار سيف العدل لم يكن نتيجة اجتماع مجلس شورى رسمي لـ«القاعدة»، لأن التجمع مستحيل حاليا في مكان واحد، وإنما نتيجة قرار اتخذه 6 أو 8 من قادة التنظيم في منطقة كونار، مشيرا إلى أن قادة «القاعدة» الذين أعلنوا اختيار اسم سيف العدل كقائد مؤقت للتنظيم هم أنفسهم الذين أصدروا بيان النعي بعد موت بن لادن بعدة أيام تحت عنوان «عشت حميدا ومت شهيدا». وأضاف بن عثمان أن التعيينات المختلفة التي وردت في مواقع إسلامية وباكستانية وصاحبت إعلان اسم سيف العدل، بها خلط كبير وتنم عن أن مصدرها لا يعلم شيئا عن شؤون «القاعدة». وأضاف نقلا عن مصادر جهادية، تدور في كواليس التنظيم منذ مقتل بن لادن مناقشات على سياقين مختلفين أولهما يتعلق بإدارة ورعاية شؤون التنظيم في القوت الراهن، حتى لا يصبح التنظيم من دون رأس، وبالتالي تم الإعلان عن اسم سيف العدل، لأنه ابتداء هو أعلى شخصية عسكرية في التنظيم، أما السياق الثاني فهو بيعة خليفة بن لادن، ولن يكون سيف العدل، ولن يكون قائدا عسكريا، بل سيكون القائد الذي يصنع رؤية التنظيم، ويكون قادرا على التواصل ليس مع الجهاديين فحسب بل مع الأمة كلها وحتى مخالفيه، كما كان يفعل بن لادن، ولكي نقرب الصورة أكثر أن يكون خليفة بن لادن هو «خوميني أهل السنة». واعتبر بن عثمان قيادي «الجماعة الليبية المقاتلة» السابق أن اختيار سيف العدل زعيما مؤقتا لـ«القاعدة» يعد خطوة باتجاه الإعداد لمبايعة شخص آخر ربما من السعودية، لتولي قيادة التنظيم خلفا لابن لادن، أو ربما أيمن الظواهري، الذي اعتبر لفترة طويلة مساعدا لابن لادن. وأوضح بن عثمان الذي عرف العدل شخصيا حينما شاركا في القتال في أفغانستان ضد الروس، إلى أن من سماهم الجهاديين على شبكة الإنترنت يشعرون بقلق بالغ من التأخير في الإعلان عن خليفة بن لادن، وأكد أن «سيف العدل يمهد الطريق للظواهري لتولي قيادة التنظيم». وقال إن العدل من الشخصيات الجهادية القديمة وهو عضو في الجهاد المصري، منذ أن كان ضابطا بالقوات المسلحة المصرية، من مواليد 1963، وعمل مع «القاعدة» منذ تأسيسها عام 1988، وهو ضمن الكوادر الجهادية الأولى التي كلفتها جماعة الجهاد المصرية بأوامر مباشرة من الظواهري مثل أبو عبيدة البنشيري ومحمد عاطف أبو حفص المصري في بناء تنظيم القاعدة، وقال إن سيف العدل يمكن وصفه بأنه شخص عسكري ومنضبط للغاية. ويقول مدعون أميركيون إن سيف العدل هو من القادة العسكريين البارزين لتنظيم القاعدة، وإنه ساعد في تخطيط التفجيرات التي استهدفت سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام في 1998، وإنه أقام معسكرات تدريب لـ«القاعدة» في السودان وأفغانستان في التسعينات. كما يعتقد أن سيف العدل - المدرج على قائمة المطلوبين أميركيا فر إلى إيران بعد الغزو الأميركي لأفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) في 2001 على الولايات المتحدة. وقالت تقارير إن السلطات الإيرانية أفرجت عن سيف العدل قبل نحو عام وإنه عاد إلى منطقة الحدود بين أفغانستان وباكستان. يذكر أن سيف العدل يبلغ من العمر نحو 50 عاما وكان ضابطا في القوات الخاصة المصرية قبل أن ينضم إلى جماعة الجهاد الإسلامي المصرية. ويعتقد أنه كان حتى الآن مسؤولا عن العمليات المسلحة لـ«القاعدة» أو ما يعادل رئيس الأركان في الجيوش النظامية. وعرضت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال سيف العدل. وتم وضع اسمه على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لأبرز «الإرهابيين المطلوبين». كما يعد سيف العدل، والذي يعتقد أنه كان يشغل منصب «رئيس أركان» «القاعدة»، أحد أبرز من ساهموا في التدريب العسكري والاستخباراتي لأعضاء التنظيم، منذ عام 1990، كما أنه عضو سابق في مجلس شورى «القاعدة». يذكر أن سيف العدل كان قد انضم إلى المقاتلين الأفغان في حربهم ضد الغزو السوفياتي في ثمانينات القرن الماضي، ويعد الرجل الثالث في قيادة تنظيم القاعدة، بعد أسامة بن لادن، والرجل الثاني أيمن الظواهري، وهو أيضا طبيب مصري انتقل إلى أفغانستان في تلك الفترة.

وبعد سقوط نظام حركة طالبان، في أعقاب «الغزو» الأميركي لأفغانستان عام 2001، انتقل سيف العدل إلى إيران، بحسب ما أكد مسؤولون سعوديون مختصون في مكافحة الإرهاب، حيث بدأ في توجيه تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.