تلكلخ تتعرض للقصف المدفعي لليوم الرابع على التوالي.. واستمرار المظاهرات الليلية

السلطات السورية تعلن مقتل ضابط و4 جنود في تلكلخ على «أيدي مسلحين»

شريط مصور على هاتف جوال يظهر مظاهرات ضد النظام السوري في مكان غير محدد (إ.ب.أ)
TT

لليوم الرابع على التوالي، استمر القصف المدفعي لبلدة تلكلخ الحدودية أمس في استمرار للحملة العنيفة التي تشنها قوات الأمن السورية لإخماد الاحتجاجات، ما أسفر عن سقوط 8 قتلى على الاقل بحسب ناشطين. ودخلت القوات السورية بلدة تلكلخ يوم السبت بعد يوم من مظاهرة ردد المحتشدون فيها الهتاف الذي ساهم في إسقاط رئيسي كل من مصر وتونس وهو «الشعب يريد إسقاط النظام».

من جهة أخرى، استمرت المظاهرات الليلية في الخروج يوميا، ومساء أول من أمس أصدر المتظاهرون في مدينة حماه بيانا لهم أكدوا فيها أنهم لا يريدون حوارا مع النظام طالما هناك دبابات في الشارع وقالوا إنهم لم يطالبوا النظام بإدخال الدبابات إلى مدينتهم، وذكروا النظام بأن لهم تجربة مرة مع دباباته، وطالبوا بالإفراج عن كافة المعتقلين والكشف عن مصير المفقودين من أبناء البلاد، سواء في الأيام الأخيرة أو منذ الثمانينات، وفك الحصار عن باقي المدن. وفي ريف دمشق، خرجت مظاهرة نسائية هي الثالثة بعد خروج مظاهرة نسائية في حمص وأخرى في وسط مدينة دمشق خلال الأيام القليلة الماضية. وبحسب مصادر حقوقية، لا تزال بلدتا أنخل وجاسم في محافظة درعا تحت الحصار في ظل تواصل حملة الاعتقالات الجماعية في مختلف أنحاء البلاد.

الى ذلك، تضاربت المعلومات أمس حول مدى نجاح الإضراب العام الذي دعا إليه الناشطون السوريون على صفحات «فيس بوك» أمس، وفيما بدا أن الحياة جرت بهدوء حذر أمس في العاصمة دمشق، وعدة مدن سورية، فقد أكد ناشطون حصول تجاوب مع الإضراب العام. وبثوا شرائط فيديو تصور إغلاق بعض المحال والأسواق التجارية في مدينة حمص وسط البلاد، وأشارت المقاطع إلى حصول إضراب في شارع الغوطة والسوق المسقوف وسوق الدبلان وحي القصور وبلدتي الحولة وتلدو.

وفي دمشق، فتحت المحال التجارية والمدارس والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة في دمشق مع ملاحظة وجود أمني غير ظاهر للعيان، إذ كان عناصر الأمن ينتشرون في الأسواق والساحات والحدائق العامة التي من الممكن أن تشهد تجمعات أو مظاهرات. ولا يظهر عناصر الأمن بشكل واضح إذ كانوا يرتدون ملابس مدنية ويستدل عليهم من أجهزة الهواتف التي يحملونها، ولوحظ أن حركة السير أقل من الأيام الأخرى كما أن حركة التسوق خفيفة جدا.

ولم تلق الدعوة التي وجهها معارضون إلى القيام بإضراب عام أمس، تجاوبا شعبيا واسعا. وبدت الحياة طبيعية في العاصمة ومدينة حلب والقامشلي وحماه واللاذقية، حسبما أكد سكان هذه المدن التي تشهد مظاهرات ليلية يوميا.

ولم يكن متوقعا حصول تجاوب واسع مع الدعوة للإضراب العام، وذلك لأن طبقة رجال المال والأعمال والتجار في العاصمة دمشق ومدينة حلب ثاني أكبر مدينة سورية لم يتجاوبوا مع حركة الاحتجاجات التي تعم الشارع السوري على نحو يجعل الإضراب العام ممكنا.

من جهة ثانية، أعلن مصدر عسكري مسؤول مساء أول من أمس عن مقتل ضابط و4 عناصر على أيدي مسلحين في تلكلخ. إلا أن مصادر محلية قالت إن الضابط هو رئيس فرع الأمن السياسي في حمص العقيد محمد علي العبد الله، مع 4 من عناصره.

وقالت مصادر قريبة من النظام إن الضابط وعناصره قتلوا في كمين، والقتلة فروا باتجاه الأراضي اللبنانية. وقالت مصادر أخرى إن العقيد كان يتفاوض مع المحتجين في تلكلخ واقترب من التوصل معهم إلى اتفاق، وكان ذاهبا للتفاوض معهم مع 4 عناصر دون أن يحملوا سلاحا، حين اصطادهم رصاص قناصة، واتهم ناشطون شبيحة النظام «بقتل العقيد لا سيما أنه اقترب من الاتفاق مع المحتجين، ووعدهم بعدم إطلاق النار».

وقال الناشطون على صفحتهم في موقع «فيس بوك» إن «هذا السيناريو تكرر في حمص وحماه، وبات واضحا كلما تمكن ضابط من التحاور والتفاهم مع المحتجين ووعد بعدم إطلاق النار، يقوم قناصة بقتله». من جانب آخر، صرح مصدر عسكري مسؤول أن وحدات الجيش والقوى الأمنية أوقفت في منطقة تلكلخ وريف درعا «عددا من المطلوبين الفارين من وجه العدالة ممن روعوا المواطنين وعكروا صفو أمن الوطن، كما ضبطت كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر». ويشار إلى حصيلة يوم الثلاثاء في تلكلخ بلغت 8 شهداء و5 جرحى في صفوف الجيش والقوى الأمنية، بينهم 3 جرحى في ريف درعا، كما سقط عدد من القتلى والجرحى في صفوف «المسلحين».

وأفادت معلومات مستقاة من أبناء مدينة تلكلخ السورية الفارين إلى لبنان بمقتل ما يزيد على 25 شخصا خلال اليومين الماضيين في المدينة، أبرزهم ماجد العكاري، الذي يعد واحدا من أبرز وجهائها وأبرز مفجري الثورة فيها، في وقت لا تزال فيه عائلته ترفض دفنه قبل الانتقام من الذين قتلوه داخل بيته. ووفق ما ذكرته المصادر عينها لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجيش السوري لم يتمكن بعد من حسم الأمور داخل المدينة، ولم يستطع حتى الآن الدخول إلى منطقة الحارة القديمة. ونفت ما يتم التداول به في وسائل الإعلام السورية وعلى لسان المسؤولين السوريين عن وجود مجموعات إرهابية في تلكلخ، مؤكدة أن أبناء المدينة من عناصر الجيش السوري الذين انشقوا عنه هم من يدافعون عن المدينة وعن أهلهم وعائلاتهم.

من جانب آخر، التقى رئيس مجلس الوزراء عادل سفر مع السفير الكويتي في دمشق عزيز رحيم الديحاني يوم أمس (الأربعاء) وذلك بعد يوم من مطالبة 25 نائبا كويتيا محسوبين على التيار الإسلامي بطرد السفير من الكويت بعد رفض سوريا تسيير قافلة مساعدات مقدمة من الكويت إلى مدينة درعا.

وقالت مصادر رسمية إن اللقاء بحث «سبل التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري وتوسيع قاعدة الاستثمارات الكويتية في سوريا وتفعيل عمل اللجان المشتركة في هذا المجال». وذلك عشية زيارة منتظرة لوفد استثماري كويتي إلى دمشق سيلتقي فيها عددا من كبار المسؤولين السوريين للتباحث حول قضايا تتعلق بالاستثمار بشكل عام في دمشق والمعوقات التي تواجه المستثمرين العرب في سوريا وغيرها من الدول العربي.