خطاب أوباما.. سياسيون مصريون يرحبون بالمساعدات وينتقدون مواقفه من الفلسطينيين

جورج إسحاق: سنقبل المساعدات بشروطنا > العريان: مخيب للآمال

TT

تباينت ردود فعل القوى والشخصيات المصرية على خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما بين الترحيب بتقديم مساعدات اقتصادية والإعراب عن خيبة أمل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

واعتبر جورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان والقيادي بالجمعية الوطنية للتغيير أن خطاب أوباما إيجابي وجيد، وقال: «أعتقد أن قرار تقديم المساعدات الاقتصادية لمصر قرار صائب، لأن الأزمة الاقتصادية هي التي قد تعرقل مسيرة الثورة المصرية».

وأضاف إسحاق لـ«الشرق الأوسط»: «المساعدات المالية مهمة ولكن على الشعب أن يهدأ ويعود إلى العمل لدفع عجلة الإنتاج، كما يجب أن تتوقف الأحداث الطائفية لكي تعود السياحة التي تعد رافدا مهما للاقتصاد المصري يدر ملايين الدولارات».

في الوقت نفسه، أكد إسحاق أن هذه المساعدات لن تمنح واشنطن الفرصة للتدخل في الشأن المصري، وقال: «سنقبل المساعدات بشروطنا وليس بشروطهم، وأعتقد أن تلك المساعدات سيكون لها مواثيق وشروط تحكمها، كما أن النظام الحالي هو نظام وطني ولن يقبل أي فرض رأي أو تدخل في الشؤون المصرية».

من جانبه، أكد الدكتور عصام العريان عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، المتحدث الرسمي باسم الجماعة، أن الخطاب مخيب للآمال، وأن العقدة الصهيونية والإسرائيلية ما زالت هي التي تحكم الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، وقال إن «الأميركيون أنفقوا تريليونات الدولارات علي حروب دمار، ووعدوا بمليارين فقط من أجل المنطقة». وأشار إلى أن الأميركيين وعدوا بعدم انتقاد إسرائيل لمجرد الانتقاد في المحافل الدولية، ولم يعدوا الفلسطينيين إلا بالسراب.. وطالبوهم بالعودة إلى المفاوضات وجعلوا الأمن مقابل حدود مع تبادل أراض، «وهذا شيء محزن جدا، فالقدس وحق العودة أصبحت عواطف وليست حقوق»، وأضاف أنه خطاب مخيب الآمال، ولم يرفع الغطاء عن حلفاء أوباما الذين يتشبثون بالكراسي ويقتلون الناس، سواء كانوا في اليمن أو في البحرين أو في سوريا.

وأوضح العريان أنه لا توجد استراتيجية أميركية جديدة، وقال: «ما زلنا أسرى الصراعات الأميركية داخل أميركا، وما زلنا أسرى الرؤية الأميركية الأحادية التي لا تعتبر أن المنطقة فيها شعوب تستحق الحياة والاحترام»، وأضاف أن هناك آلاف الشهداء الذين سقطوا من أجل الحرية، بينما يرى الرئيس الأميركي أنهم لم يسقطوا من أجل الحرية فقط، ولكنهم كانوا يريدون عملا.. «وكأن المال الأميركي يمكن أن يعوض دم الشهداء.. أنا حزين، كنت انتظر خطابا مختلفا من الرئيس الأميركي، يمكن أن يعبر عن روية واستراتيجية جديدة، لكن دعونا نبنِ بلادنا بجهودنا وأموالنا ولا ننتظر من الأميركيين أي شيء».

بدورها، أعربت الناشطة السياسية أسماء محفوظ، إحدى قيادات شباب ثورة 25 يناير، عن غضبها من خطاب أوباما، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «لا أفهم سببا لتمجيد أوباما للثورات العربية فإدارته والإدارات السابقة للولايات المتحدة قد دعمت النظم الديكتاتورية في الشرق الأوسط طوال السنوات الماضية، وقد سمعنا هذا الكلام في خطاب أوباما في القاهرة». وتابعت محفوظ: «نقول لأوباما: العب غيرها.. ونعتقد أن هذا الخطاب يأتي في محاولة لكسر عزلة إسرائيل ودعمها بعد أن باتت تشعر بحصار كامل، وقد كرر أوباما أكثر من مرة وأكد على صداقة الولايات المتحدة لإسرائيل في وقت أعرب فيه عن خشيته من اتفاق المصالحة بين فتح وحماس والتي لعبت مصر دورا كبيرا في إنجازه». وأضافت أن أوباما يحاول عبر ترويج خطاب دعمه لمنظمات مجتمعية غير معترف بها أن يعطي انطباعا عن دور أميركي في تهيئة مناخ الثورات العربية، وهو كلام غير دقيق.

وأضافت محفوظ: «كان الأجدر بأوباما قبل أن يحدثنا عن الديمقراطية والقيم الأميركية أن يلتزم بهذه القيم، كان الأجدر به أن يقدم بن لادن لمحاكمة عادلة، لكنه تصرف كقاطع طريق».

أما سيد عبد العال، الأمين العام لحزب التجمع المصري المعارض، فقال إن التعويل على نهضة الاقتصاد في الدول التي نجحت في تغيير أنظمتها الحاكمة، يعتمد بالأساس على الإصلاحات التي يمكن أن يقوم بها الشعب الذي تمكن من الإطاحة بأنظمته الفاسدة، مشيرا إلى اختلاف تعامل دول المنطقة مع إسرائيل بعد الثورة، خاصة في مصر، عن الوضع في ظل النظام السابق.

وأضاف معلقا على خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه «بالنسبة للمساعدات الاقتصادية التي أعلن عنها أوباما فإن المعيار هو الشفافية والقدرة على استغلال أي أموال أجنبية الاستغلال الأمثل»، وأضاف أن «العلاقة بين شعب مصر وشعب أميركا تسمح بالمساعدة من الأميركيين للشعب المصري، لكن الجهد الأساسي لخروج الاقتصاد المصري من عثرته - التي تسبب فيها نظام الرئيس السابق حسني مبارك - هو جهد مصري بالدرجة الأولى، يقوم على التركيز على إقامة مؤسسات اقتصادية قوية تساند الصناعات الصغيرة والحرفية، والشفافية في إنفاق الأموال».

وتابع عبد العال أن الشرط لإصلاح الاقتصاد المصري هو أن تستعيد الدولة بعض المنشآت الحاكمة في الاقتصاد المصري كالحديد والأسمنت وضرب الاحتكارات الاقتصادية خاصة في السلع الغذائية الاستراتيجية مثل واردات القمح والفول والعدس والزيوت والذرة، مشيرا إلى أن «هذه إجراءات على الحكومة المصرية أن تشرع في التوجه إليها، وبالتالي قد لا تحتاج إلى مساندة أجنبية، أما في حالة غياب توجيه الاقتصاد المصري بعيدا عن أساليب الإدارة الفاسدة فلن تجدي أي مساندة إيجابية لأنها ستهدر أي تمويل (أجنبي)».

وعن رفض أوباما عزم السلطة الفلسطينية التوجه للأمم المتحدة لإعلان دولة فلسطينية من جانب واحد، قال عبد العال إن أوباما تحدث في خطابه أمس بالرؤية الإسرائيلية، معربا عن دهشته مما يقال عن حاجة إسرائيل لـ«الأمان»، وأضاف أن الذي يحتاج الأمان هو الشعب الفلسطيني.. «الرؤية الإسرائيلية ترى أن المقاومة إرهاب، وهنا يريد أوباما أن يسوق لنا أن إسرائيل في خطر، وعلى العكس الشعب الفلسطيني هو الذي في خطر».

وأضاف عبد العال أن شعوب العالم تتجه لتفهم القضية الفلسطينية وتأييد إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.. «الوضع الإقليمي الذي عاشت فيه إسرائيل قبل الثورتين المصرية والتونسية تغير، وعلى إسرائيل أن تتعامل مع الواقع وهو أنها مكروهة من الشعوب المحيطة بها.. هذه الشعوب أصبح لها قرار وقادرة على الفعل».