المعارضة اليمنية تتهم صالح بإفشال المبادرة الخليجية.. وحزبه يتنصل

مصادر لـ «الشرق الأوسط» : الزياني غادر غاضبا من المواقف الرسمية المتقلبة

جنود يمنيون يحرسون أحد الشوارع الهامة في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

بعد أن عادت الأوضاع في اليمن إلى مربع الصفر إثر فشل المساعي الخليجية الجديدة لحلحلة ما هو قائم من ثورة أو أزمة وإخفاق أمين عام مجلس التعاون الخليجي، الدكتور عبد اللطيف الزياني في إقناع الرئيس علي عبد الله صالح والأطراف الأخرى في السلطة والمعارضة بالتوقيع على الاتفاق الذي وضعته المبادرة الخليجية، برز في الأفق تطورا إيجابيا جديدا مساء أمس، بعد أن أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم أن السلطة والمعارضة ستوقعان، الأحد المقبل، اتفاق المبادرة الخليجية، وعندما سألت «الشرق الأوسط» نائب وزير الإعلام اليمني، عبده الجندي إن كان أمين عام مجلس التعاون الخليجي سيعود إلى اليمن قبل موعد التوقيع، قال إن بلاده لم تتلق، حتى اللحظة، أي رد رسمي خليجي عن موعد وصول الزياني، وردا على سؤال آخر إن كانت الاتصالات التي جرت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية عقب مغادرة الوسيط الخليجي، أسفرت عن الاتفاق مع المعارضة على قائمة بأسماء من سيوقعون على المبادرة إلى جانب الرئيس علي عبد الله صالح وقيادات حزبه، قال الجندي إن صالح وحزبه متمسكون بأن يوقع قادة أحزاب المعارضة الممثلة في مجلس النواب (البرلمان) وليس محمد سالم باسندوة، لأنه ليست له أي صفة قانونية، وإنهم يرغبون في أن توقع معهم شخصيات اعتبارية «قادرة على رفع الاعتصامات».

وقال الجندي، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس علي عبد الله صالح لا يمكن أن يستقيل من منصبه إلا إذا رفعت الاعتصامات، لأن أحد البنود الرئيسية في المبادرة الخليجية يؤكد على إزالة أسباب التوتر الأمني، وهي ما يعتقد الجندي أن سببها الرئيسي هو «الاعتصامات والتي تطورت إلى اقتحامات للمقار الحكومية»، حسب توصيفه.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، نفى مصدر في المعارضة اليمنية أن تكون الساعات الأربع والعشرين الماضية شهدت أي نوع من الاتصالات والوساطات بين الطرفين، أو أن تكون المعارضة بدلت أسماء من سيمثلها في التوقيع. وقال حسن زيد، رئيس حزب الحق القيادي في أحزاب اللقاء المشترك، إن مسألة اختيار الوقت الذي سيوقع فيه الرئيس صالح مسألة ترجع إليه «وعندما يوقع سوف نوقع».

وكانت الأطراف اليمنية قدتبادلت الاتهامات بشأن إفشال المساعي الخليجية، في حين وجهت دعوات جديدة للتظاهر اليوم الجمعة في سياق هذه التطورات.

وتنصل حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وحلفاؤه في أحزاب التحالف الوطني من أي اتهام بإفشال المبادرة الخليجية، وبعد أقل من ساعتين من مغادرة الزياني للعاصمة صنعاء، أصدر الحزب الحاكم وحلفاؤه بيانا أكدوا فيه استعدادهم للتوقيع على المبادرة «في أي وقت»، وقال مصدر مسؤول في الأمانة العامة (المكتب السياسي) للمؤتمر الشعبي العام إنهم رحبوا «منذ البداية بالمبادرة المقدمة من الإخوة وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتعاملوا معها بإيجابية تامة وأبدوا الاستعداد للتوقيع على تلك المبادرة مع الأحزاب المعترف بها قانونا والممثلة في مجلس النواب وبما يحقق انتقالا سلميا وآمنا للسلطة».

وأضاف المصدر، في بيان بثته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» أن تعاطي الحزب الحاكم مع المبادرة «يأتي حرصا على رأب الصدع وحقنا للدماء وعدم تفاقم الأوضاع نتيجة الأزمة التي تسببت فيها أحزاب اللقاء المشترك وشركائهم وما رافقها من تداعيات سلبية أضرت بمصالح الوطن والمواطنين نتيجة قيام عناصر تلك الأحزاب وشركائهم من تنظيم القاعدة بقطع الطرقات وإخافة السبيل وقتل رجال الأمن والجيش والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وضرب كابلات الكهرباء ومنع إمدادات الغاز والوقود من الوصول من محافظة مأرب إلى بقية محافظات الجمهورية والإضرار بالاقتصاد الوطني ومعيشة المواطنين».

واتهم المصدر أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» ومن «معهم من القوى المتخلفة والمتطرفة والإرهابية»، حسب وصفه، بالتسبب في عدم توقيع المبادرة، وذلك لأنها «ظلت على موقفها المتشدد وتصعيدها للأوضاع وأصرت وبتعنت شديد على أن يتم التوقيع على الاتفاقية من قبل عناصر وكيانات غير شرعية خارجة على القانون وغير معترف بها وغير قادرة على الوفاء بما ورد في الاتفاقية وآلية تنفيذها من بنود والتزامات وهو ما رفض المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه القبول به مؤكدين تمسكهم بالتوقيع على الاتفاق من قبل أحزاب معترف بها قانونا»، وذلك في إشارة واضحة إلى رفض الجانب الرسمي أن توقع قيادات في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني التي يرأسها السياسي اليمني المعروف، محمد سالم باسندوة وينوبه فيها الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر، وقال المصدر إن المؤتمر وحلفاءه «على استعداد للتوقيع على الاتفاق وفي أي وقت ووفقا لهذا الموقف الذي نتمسك به وهذا إيضاح للرأي العام ليعرف الجميع الحقيقة».

لكن المعارضة اليمنية في «اللقاء المشترك» اتهمت الرئيس علي عبد الله صالح بإفشال توقيع المبادرة في اللحظات الأخيرة، وذلك من خلال اعتراضه على أسماء الأشخاص الذين اختارتهم لتوقيع المبادرة، فقد كانت الصيغة الجديدة المتعلقة بالتوقيع، تنص على أن يوقع 10 أشخاص، 5 من السلطة ومثلهم من المعارضة على الاتفاق، وبحسب ما رشح من معلومات فإن ممثلي المعارضة وقعوا الاتفاق وكان منتظرا أن يوقع صالح لكنه اعترض على الأسماء، وهو ما يؤكده بشكل قاطع، البيان الصادر عن الحزب الحاكم.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن الزياني غادر غاضبا من المواقف الرسمية اليمنية المتقلبة، كما وصفت، وكان لافتا أثناء مغادرة المسؤول الخليجي لصنعاء أن مندوبا عن تشريفات رئاسة الجمهورية هو من كان في وداعه في المطار وكان يفترض أن يقوم بهذه المهمة وزير الخارجية أو نائبه بروتوكوليا، ولم تجد وكالة الأنباء الرسمية حرجا في ذكر صفة صاحب التوديع الرسمي، كما تردد معلومات عن أن القيادي المعارض محمد سالم باسندوة هو من قام، نيابة عن المعارضة، بتوديع الزياني في المطار.

وكان الوسيط الخليجي غادر صنعاء بعد مشاورات مكثفة أجراها على مدى 5 أيام متنقلا بين الأطراف اليمنية بما في ذلك لقاؤه بعدد من شباب الثورة في «ساحة التغيير» بصنعاء، وقالت مصادر مطلعة إن السفير الأميركي بصنعاء، جيرالد فايرستاين وسفراء أوروبيين، بذلوا جهودا لإنجاح المبادرة وإقناع الأطراف بالتوقيع، وقد خيب عدم توقيع المبادرة أمل قطاع واسع في الشارع اليمني والذي يأمل أن ينتهي الوضع القائم ويقبل الرئيس صالح بالتنحي وتعود الحياة إلى طبيعتها وتزول المخاوف بدخول البلاد في دوامة عنف أو حرب أهلية.

وفي حين شهدت العديد من المحافظات اليمنية، أمس، مظاهرات حاشدة تجدد المطالبة برحيل الرئيس عبد الله صالح عن الحكم وتطالب دول مجلس التعاون الخليجي بـ«موقف حاسم» ضد صالح، يتوقع أن يعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون اجتماعا استثنائيا في غضون اليومين المقبلين للوقوف على ما وصلت إليه الأمور في اليمن وأسباب فشل المساعي الخليجية، وفي أعقاب فشل المساعي الخليجية ومغادرة أمين عام مجلس التعاون الخليجي بعد 5 أيام من المشاورات مع الأطراف اليمنية، دعت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية السلمية جماهير الشعب اليمني إلى حشود مليونية فيما أطلق عليها «جمعة وحدة الشعب»، وفي نفس الوقت دعا نظام الحكم في اليمن أنصاره للخروج والتظاهر فيما سمي «جمعة 22 مايو»، في إشارة إلى يوم الوحدة اليمنية بين شطري البلاد الشمالي والجنوبي عام 1990.

وتوقعت مصادر محلية أن يشهد الأسبوع المقبل تصعيدا من كافة الأطراف، خاصة بعدما سدت منافذ التوصل لحلول عملية عبر الوساطة الخليجية، وكذا مع حلول الذكرى الـ21 لقيام الجمهورية اليمنية التي تحل هذا العام واليمن يعيش في أسوأ مراحله السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، فهناك العديد من المحافظات في الشمال والجنوب، لم تعد تحت سيطرة الحكومة المركزية في صنعاء، إضافة إلى أن الحياة معطلة على مختلف الصعد العملية والدراسية والوظيفية، ووجود مئات الآلاف من المتظاهرين في ساحات الاعتصام في معظم المحافظات اليمنية.