3 من قيادات الجيش المصري: قدرنا أن شيئا سيحدث في 2011

أعضاء في المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتحدثون عن الثورة والانتخابات

TT

منذ توليه إدارة شؤون البلاد خلفا للرئيس حسني مبارك في 11 فبراير (شباط)، لم يعط المجلس الأعلى للقوات المسلحة سوى لمحات خاطفة عن طريقة تفكيره، على الرغم من الرسائل التي يبعث بها على صفحته الرسمية على موقع «فيس بوك». وفي مقابلة نادرة، تحدث اثنان من أعضاء المجلس البالغ عددهم 36 عضوا وجنرال ثالث بارز مع المحررة البارزة بصحيفة «واشنطن بوست» لالي ويموث عن الثورة المصرية التي وضعت النهاية لحكم مبارك بعد قرابة 30 عاما وعرضوا رؤيتهم لمستقبل مصر. وتحدثوا شريطة عدم ذكر أسمائهم. وفيما يلي مقتطفات من المقابلة:

* هل كانت القوات المسلحة المصرية مدركة أن البلاد تتحرك في اتجاه معين قبل أحداث يناير (كانون الثاني)؟

- أشارت الأعوام العشر الأخيرة إلى أن شيئا ما سيحدث. وفي عام 2011 قدرنا أننا سنشهد تغييرا.

* كان معروفا أن هناك بطالة وأن أسعار الغذاء مرتفعة، وبعد ذلك كان هناك موقع «فيس بوك»، ما الأشياء الأخرى التي غابت عنا كمراقبين من الخارج؟

- كانت القضية الخلافة في سدة الحكم وجمال مبارك، وغياب العدالة الاجتماعية وتآكل جزء كبير من الطبقة الوسطى. الأشخاص الذين كانوا منتبهين إلى ما يحدث هم قيادات المستويات العليا، وليس بالضرورة المستويات الوسطى أو الأصغر. بدأت المظاهرات في 25 يناير. ونزلنا إلى الشوارع كقوات مسلحة في 28 يناير. وبقينا هادئين ونراقب حتى 11 فبراير عندما تنحى الرئيس السابق مبارك. الشيء المهم الذي وضعناه في الاعتبار هو أنه عندما تضيع شرعية النظام، يجب أن تنحاز للشعب المصري.

* كان في استطاعة القوات المسلحة الانحياز للرئيس. لا بد أنه كانت هناك نقطة كان عليكم فيها اختيار الطريق الذي ستمضون فيه.

- ما دام النظام والشعب وحدة واحدة، يكون دور الجيش هو تقديم الدعم. ويتغير ذلك بمجرد أن نشعر أن هناك شرخا بين هاتين القوتين.

* هل كانت الرتب العليا والأقل (في الجيش) متحدة فيما تريدون القيام به؟

- قطعا.

* لم يكن هناك لواءات كبار كان لا يزال ولاؤهم لمبارك قويا؟

- في البداية، أعطينا مؤسسة الرئاسة الفرصة الكاملة لإدارة الأمور. ولو كانت قادرة على النجاح، ما حدث شيء. وكنا سنعيد رجالنا للثكنات. ولكنهم كانوا غير قادرين على التعامل مع الأحداث. وفي 10 فبراير كانت هناك تظاهرات شارك فيها ملايين من المواطنين بمختلف أنحاء البلاد. وكانت الشرطة والقوات الأمنية قد انهارت تماما في 28 يناير. وعلى مدار 10 أيام، كانت البلاد تغلي. وجعلنا ذلك نشعر بالقلق والخوف من أن البلاد تتجه لفوضى. ومع تنحي الرئيس مبارك عن منصب الرئاسة، كلفت القوات المسلحة المصرية بإدارة شؤون البلاد. وأقدس مهمة للمجلس الأعلى هي أن يسلم البلاد لسلطة مدنية منتخبة بصورة ديمقراطية وبنزاهة.

* لماذا قررتم إجراء الانتخابات البرلمانية سريعا بدلا من إعطاء الفرصة لبعض الأحزاب الأحدث لتتشكل؟

- أردنا إعطاء تطمينات للمصريين بأن الجيش لا يسعى وراء السلطة.

* يقول البعض إنه بإجراء الانتخابات في سبتمبر (أيلول)، تعطون لجماعة الإخوان المسلمين ميزة لأنهم منظمون جدا؟

- ربما يحصل الإخوان المسلمون على أغلبية في الانتخابات. وإذا جاءوا لسدة الحكم، فلن تتم إعادة انتخابهم. في الماضي كان المواطنون يصوتون لجماعة الإخوان المسلمين لمعارضة النظام الحاكم وفقط. ونبذل قصارى جهدنا لبدء عملية ديمقراطية، ولكن خلال الأعوام بعدئذ سيكون علينا أن نجعلها أكثر نضجا وقوة.

* هل أفهم من ذلك أن الجيش سيلعب دورا مهما من وراء الستار؟

- عندما تبدأ معظم الثورات، يكون الناس الذين يطلقونها لديهم القدرة والرؤية. ولكن في حالتنا، لدى الجيش القدرة، ولكن الرؤية والأفكار مستمدة من الشعب.

* يمكن أن يكون ذلك إيجابيا أو سلبيا، أليس كذلك؟

- من المعضلات التي نواجهها أنه لا يترك لنا إدارة البلاد بشكل كامل. وعلينا الاستجابة وإرضاء طموحات وتطلعات الشعب. المعضلة الأخرى هي أننا لا نجد قيادات حقيقية من الشعب يستطيعون الجلوس على طاولة التفاوض وتقديم أفكارهم ومناقشتها والوصول إلى حلول وسط.

* لا أحد؟

- ما نتعامل معه حاليا هي أفكار رائدة، وليست شخصيات قيادية. الأفكار تطرح على شبكة الإنترنت وعلى موقع «فيس بوك». وإذا كانت مقبولة لقطاع كبير من المواطنين، ينزلون في اليوم التالي إلى الشوارع. ويطلبون منا الاستجابة لها كمطلب.

* كيف تتعاملون مع شيء مثل هذا؟

هذه مشكلة، فسقف المطالب لا ينتهي. وربما نقول أيضا إن هذه الأفكار غير عميقة بالقدر الكافي لأن الشباب الذين أفرزوا هذه الأفكار ليست لديهم خبرة سياسية كافية. سأعطي لك مثالا. نتحدث عن معبر رفح (بين مصر وقطاع غزة) من وجهة النظر السياسية والأمنية والالتزامات الدولية التي علينا. ونتطلع لأن تفتح رفح وفق شروط وضوابط.

يقول الفلسطينيون على الإنترنت إن غزة محاصرة بالكامل وإنه على المصريين أن يفتحوا المعبر. وفي اليوم التالي، يكون ذلك طلبا عاما من المصريين ويمثل ذلك ضغطا علينا. وبالطبع، علينا الاستجابة لذلك.

* قال وزير خارجيتكم لي إن مصر ستكون مفتوحة على غزة وسترسل إليها ما يحتاجون، هل الجيش هو الذي اتخذ القرار؟

- السلطة في يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية. والمجلس مسؤول عن إدارة شؤون البلاد بالكامل في هذه المرحلة الانتقالية. وكان هناك مطلب بإطلاق سراح جميع المواطنين المعتقلين لأسباب سياسية ولأسباب أخرى غير الجنائية.

* اعتقلوا خلال الاحتجاجات أم قبلها؟

- على مدار الأعوام قبل الثورة - المسجونون لأسباب سياسية أو دينية – أي شيء غير الأسباب الجنائية.

* ماذا فعلتم بخصوص ذلك؟

- أطلق سراحهم. والآن يمثلون جزءا من المشكلة في الشارع.

* ما موقف المجلس الأعلى تجاه القطاع الخاص؟

- لدينا رجال أعمال شرفاء، ورجال مخلصون يريدون فعلا القيام بتنمية حقيقة داخل البلاد – وسيحظون بكل احترام.

* بصورة عامة، يمارس رجال الأعمال نشاطهم من أجل كسب المال، سواء كان ذلك مقبولا أم غير مقبول؟

- نرحب بهم كثيرا. يوجد انطباع خطأ أنه بتعقبنا لبعض رجال الأعمال غير الشرفاء فالمناخ غير مناسب أو تغير. وفي الواقع، لم يتغير المناخ.

* سمعت أن الإمارات والسعودية لم تكونا سعيدين بـ«مقاضاة مبارك». هل لدى الجيش أي مخاوف بشأن «محاكمة مبارك»؟

- يمثل احترام القانون جزءا لا يتجزأ من نهج الجيش المصري. والرئيس السابق مبارك فقط تحت التحقيق.

* ولكن اضطر الجيش إلى السماح بالتحقيق معه؟

- كان هناك قرار واضح من المجلس الأعلى بعدم التدخل في طريقة الإجراءات القانونية لملاحقة الناس أو جلبهم للعدالة. وأود ذكر شيء عن المطالب التي رفعها الناس خلال الثورة. لقد طلبوا منا أن نتخذ إجراءات استثنائية مع مسؤولي النظام السابق. وتمثل هذه المطالب ضغطا كبيرا علينا، وفي أحيان، تؤثر بصورة سلبية على مقدار الثقة بين الشعب والقوات المسلحة المصرية. ونحن مصرون على عدم اتخاذ أي إجراءات استثنائية لمقاضاة أحد.

* هل تعتقد أن موقف مصر الاستراتيجي تجاه إسرائيل سيتغير؟ تظهر الاستطلاعات أن أغلبية المصريين يفضلون إلغاء «معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل التي تعود لعام 1979». كيف ينظر الجيش لذلك؟

- تحترم مصر كافة التزاماتها، ويجب أن يكون ذلك واضحا. ومعاهدة السلام جزء من التزاماتنا وتعهداتنا. وليس ممكنا بسهولة إلغاء أو إنهاء 30 عاما من العلاقات الطيبة مع الولايات المتحدة.

* عودة إلى العلاقات المصرية الأميركية...

- هناك تعاون عسكري قوي بين مصر والولايات المتحدة. وكانت هناك مناورات تدريبية مصرية - أميركية كل عامين، وهي أكبر مناورات تدريبية في العالم. ولدينا علاقات ثنائية رائعة مع الولايات المتحدة. وبرهنت الثورة على أن القوات المسلحة المصرية هي ركيزة الأمن داخل مصر.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»