السعودية تودع الشيخ عبد الله بن خميس

محافظ الدرعية والأمير فيصل بن سلمان والسفير الفلسطيني يتقدمون المصلين

الأمير فيصل بن سلمان يقدم العزاء في جامع الأمام تركي بن عبد الله (تصوير: خالد المصري)
TT

ودعت السعودية، أمس، الشيخ عبد الله بن خميس، الذي توفي أول من أمس بعد معاناة مع المرض. وشهد جامع الأمام تركي بن عبد الله، وسط الرياض، صلاة الميت على الراحل، وتقدم جموع المصلين الأمير أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، محافظ الدرعية، والأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس مجلس إدارة «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق»، الذي حضر نيابة عن الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، لتواجده خارج الرياض، وجمال عبد اللطيف الشوبكي، سفير دولة فلسطين لدى السعودية. وكان الأمير سلمان قد زار أول من أمس، منزل الأديب الراحل قدم خلالها عزاءه ومواساته لأبناء الشيخ بن خميس.

كما أدى الصلاة أبناء الراحل، وجمع غفير من الأدباء والمفكرين والإعلاميين. وحملت جنازة الفقيد إلى الدرعية، مسقط رأسه، حيث ووري جثمانه في المقابر الشعبية بالمحافظة.

وتلقى أبناء الشيخ الراحل العزاء في والدهم في منزله بحي المعذر بالرياض، حيث تقاطر المعزون من الأمراء والوزراء والمثقفين، إلى المنزل، مستحضرين الجهود التي بذلها الشيخ الراحل على مدار ما يربو على سبعة عقود مضت. وكان ظاهرة لافته في المشهد الثقافي المحلي والعربي، حيث أسس صحيفة «الجزيرة» قبل نصف قرن، وما زالت تصدر حتى هذا اليوم، كما أبرز الحضور الفراغ الذي سيتركه رحيله عن الساحة الأدبية والفكرية بعد أن قدم للمكتبة العربية نحو 25 مؤلفا في مختلف أبواب المعرفة من شعر وأدب وتاريخ وجغرافيا.

وكان الدكتور عبد العزيز خوجه، وزير الثقافة والإعلام السعودي، وصف الراحل بأنه رمز العلم في بلاده. وقال: «ابن خميس أضاء دربا وأتاح أفقا جديدا في المعرفة، وجعلنا نفخر حين نقول هذا رمز العلم في بلادنا»، مضيفا «لقد أثرى حياتنا الأدبية وشق طريقا وعرا ليجعلنا نعرف معنى أن تكون لنا صحافة حديثة، صاغ وجداننا بشعر عربي في شعر تحدر إلينا من ربى اليمامة، وأعادنا إلى حيث يكون الشعر ناصعا ساطعا بهيا نقيا، الشاعر والمؤرخ والجغرافي والصحافي والآثاري والمربي والعلامة، اسمه غدا رمزا لكل تلك القيم، عبد الله مكتبة في رجل، وتراثه العلمي اللامع يعيد إلى أذهاننا أسماء تلك الكوكبة العظيمة من الشخصيات الكبيرة في تراثنا الثقافي العربي.. لقد كان بحق جبلا من العلم».

وأضاف خوجه: «لا أعرف كيف أحيط بتجربته وقد كان رائدا في مجالات عدة، كرمته المملكة واختارته الدول العربية عضوا في لجانها ومؤسساتها الثقافية والعلمية لريادته في مسيرته الشعرية، ولا أعرف كيف استطاع أن يعيد للشعر نقاءه وإبداعه وهو المشغول بالسير والجغرافيا والموروث والبحث والتحقيق، لكنها نفحة الإبداع التي خصه الله تعالى بها، قصائده ثمرة وقوفه على شعر العرب القديم واستطاع أن يضمن أسلوبا خاصا في نصوصه، يأخذ بيدي إلى زمن الشعر النقي واللغة الصافية. شاعر ينبجس الشعر بين يديه عذبا.. وقد قرأ الوزير نماذج من القصائد الجميلة لابن خميس».

واعتبر خوجه أن كتب الأديب الكبير تعد علامة مضيئة في تراث العربي الأدبي الحديث يفزع إليها الباحثون ليجدوا فيها ما يريدون، وأن مؤلفاته محل احترام الباحثين، ومرجع مهم لدراسة تاريخ العرب وثقافتهم في العصر الحديث. وخص بالذكر كتابه «الأدب الشعبي في جزيرة العرب»، و«المجاز بين اليمامة والحجاز»، وكتابه الشهير «من القائل» الذي قال الوزير إنه بات أثرا أدبيا خالدا بعد أن كان برنامجا إذاعيا ماتعا لا ينسى، مضيفا في محور آخر: «رغم انتماء ابن خميس للتاريخ القديم الذي أحبه وأخلص له، فإنه كذلك مثقف منتم إلى التاريخ الحاضر الذي عاشه وأثر فيه وكان بانيا لمؤسساته الحديثة، فالذي تذكرنا مؤلفاته بالأصمعي والواقدي هو نفسه الذي تحمس لإنشاء أول مجلة في الأحساء، وهي مجلة «هجر» عام 1376هـ، وهو من أصدر صحيفة «الجزيرة» في الرياض عام 1379هـ، وهو يتمتع بحس وطني ذي مضمون اجتماعي مستنير، ويعرف له من قرأه حس الغيرة على بلده ومقدراته، عبر مقالات تملؤها الجرأة والإنسانية.