عشية لقائه أوباما.. نتنياهو يصادق على بناء 1550 وحدة استيطانية في القدس

الفلسطينيون يعتبرونها حربا ميدانية.. ويقتربون من خطوة مجلس الأمن.. باراك لا يستبعد فتح حوار مع حماس

أحد العمال الفلسطينيين في مستوطنة هارحوما بالقدس الشرقية المحتلة أمس (رويترز)
TT

كشف النقاب، أمس، في إسرائيل عن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أعطى موافقته المسبقة على إجراء بحث في اللجنة اللوائية في القدس للتخطيط والبناء، التابعة لوزارة الداخلية، لإقرار مخططين لبناء 1550 وحدة سكنية في مستوطنتي «هارحوما» و«بسغات زئيف» القائمتين في القدس الشرقية المحتلة. ووصف الفلسطينيون الخطوة بأنها حرب ميدانية.

وكان هذا المشروعان قد طرحا على جدول الأعمال مرتين في السابق، وفي كل مرة تقرر تأجيل البحث لموعد آخر تفاديا لغضب أميركي. ويتم التأجيل بطلب من نتنياهو نفسه. لكن في هذه المرة، وبسبب توجه نتنياهو إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأميركي، باراك أوباما، توجهت رئيسة لجنة التخطيط والبناء في القدس، روت يوسيف، إلى مكتب نتنياهو بالسؤال إذا ما كان يجب إبقاء المخططين على جدول أعمال اللجنة اليوم. وقد فوجئت بالرد الإيجابي، حيث إن مكتب رئيس الحكومة قال إنه يجب أن تتم مناقشة المخططين. واتضح أن مخططين يتحدثان عن بناء 930 وحدة سكنية في «هارحوما» و620 وحدة سكنية في «بسغات زئيف».

وتجدر الإشارة إلى أن رد مكتب رئيس الحكومة على تأجيل مناقشة المخطط في مطلع الشهر الحالي كان قد تضمن أن «إسرائيل تحافظ على سياسة عدم معالجة أو نشر قضايا البناء في القدس في مواعيد سياسية حساسة». ورفض مكتب رئيس الحكومة التعليق على مناقشة المخططين اليوم بالتزامن مع توجه بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة. وعقبت جمعية «عير عاميم» على ذلك بالقول إن بناء ألف وحدة سكنية جديدة في «القدس الشرقية» والتي تصل إلى أطراف بيت لحم، في إحدى بؤر الصراع المركزية، يشكل مساسا خطيرا بإمكانية الدفع بـ«عمليات سياسية» و«بمكانة إسرائيل الدولية»، وإن مناقشة قضية حساسة من هذا النوع تأتي عشية لقاء نتنياهو - أوباما تثير الكثير من علامات الاستفهام.

ونقل عن الأمين العام لحركة «سلام الآن»، ياريف أوفنهايمر قوله إن «رئيس الحكومة يضحي بالعلاقات مع الولايات المتحدة لصالح ولائه للمستوطنين وقادة اليمين». وبحسبه فإن «الحديث ليس عن توقيت بائس فحسب، وإنما عن سياسة بائسة تعرض مكانة إسرائيل في العالم للخطر». ودعا وزير الدفاع في حكومة نتنياهو، مرة أخرى، إلى «القيام بخطوات شجاعة لدعم عملية السلام». وحسب صحيفة «هآرتس»، فإن باراك يحمل رأيا متطرفا تجاه الأوضاع يؤيد فيه المصالحة الفلسطينية، وإنه سمع يقول مؤخرا إنه لا ينفي مطلقا إمكانية إجراء اتصالات مع حركة حماس، وإن «إسرائيل قوية بما فيه الكفاية لكي تقدم تنازلات». وردا على سؤال عما إذا كانت إسرائيل تستطيع العمل مع قيادة فلسطينية تضم حركة حماس، قال باراك إن الإسرائيليين يعتبرون ذلك كارثة، ولكن لا يوجد منطق في ذلك. وقال «لا يمكن أن ندعي من جهة أن عباس ليس شريكا وأن سلطته لا تتجاوز نصف شعبه، ومن جهة ثانية أنه يحاول إحكام سلطته حتى على حماس».

وقال باراك بشأن الجمود السياسي: «نحن بحاجة إلى الإحساس بالاتجاه والجاهزية لاتخاذ قرارات». وبحسبه، فمن الواضح أن إسرائيل على مفترق طرق، ويجب أن تفعل شيئا، ألا يشلها عدم الوضوح والرؤية غير الواضحة والانفجارات البركانية والهزات الأرضية حولنا. وأضاف أنه يجب أن يكون لدى إسرائيل ما تعرضه على الطاولة، سواء في المحادثات وراء أبواب مغلقة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما أو محادثات علنية. وقال «يجب أن نتحرك إلى الأمام باتجاه اقتراحات شجاعة تتضمن جاهزية للرد على كافة القضايا الجوهرية». ولكن في اليمين الإسرائيلي باركوا خطوة نتنياهو الاستيطانية في القدس وطالبوه بالمزيد. وتوجه إليه، أمس، رئيس فروع حزبه (الليكود) داني دنون، برسالة «الدقيقة الـ90» ألا يتهادن مع الرئيس أوباما ولا يقبل مبادرته للتسوية، بدعوى أنها مبادرة خطيرة تهدد أمن ومستقبل إسرائيل. وصفت السلطة الفلسطينية، الخطط الإسرائيلية بالتحدي السافر لإدارة المجتمع الدولي. وقال رئيس دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير، أحمد قريع، وعضو اللجنة التنفيذية، إن «الإجراءات التهويدية الحالية تأتي ضمن تطبيق الخطة الإسرائيلية لعام 2020 لتهويد القدس وأسرلتها، وكذلك لتنفيذ خطتها 2030 القاضية باستكمال الاستيلاء على الأرض وتقليص وتفريغ الوجود الفلسطيني وزيادة الوجود الاستيطاني الاستعماري في القدس المحتلة». ويرى قريع أن الإجراءات الإسرائيلية «تشكل حربا ميدانية تقودها إسرائيل بكافة أجهزتها ضد المواطنين المقدسيين أينما وجدوا عبر الاستيلاء على الأراضي المفتوحة واستغلال المناطق الخضراء لإقامة المستوطنات عليها وتوسيع المستوطنات المقامة». وحذر قريع من مخاطر هذه السياسة الإسرائيلية المستمرة دون توقف لاستكمال عمليات تهويد القدس وأسرلتها ما يشكل عقبة جدية أمام العودة إلى المفاوضات وإحياء عملية السلام بين الجانبين إلى جانب المخاطر الجدية التي تستهدف القدس حاضرا ومستقبلا.

ومن جهتها، قالت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية «هذا التصعيد الذي يتزامن مع وصول نتنياهو إلى واشنطن يدل على فشل الولايات المتحدة في ردع إسرائيل ووقف انتهاكاتها وعدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني، ويمثل محكا حقيقيا لها في إلزام إسرائيل بوقف الاستيطان كخطوة نحو إنهاء الاحتلال، والوفاء بتعهداتها للشعب الفلسطيني».

ومن شأن إقرار هذا البناء الاستيطاني أن ينفي كل احتمال لاستئناف عملية السلام، ويعزز قناعة السلطة بضرورة الذهاب إلى مجلس الأمن في سبتمبر (أيلول) المقبل لطلب الاعتراف بدولة فلسطينية. وجاء الخطوة الإسرائيلية فيما كانت تنتظر السلطة تحركا أميركيا جديا يفضي إلى تغير في السياسات الإسرائيلية، وكان تأمل بمثل هذا التغيير كنتيجة لزيارة نتنياهو إلى واشنطن. وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيحاول إقناع الرئيس الأميركي خلال اجتماعهما في البيت الأبيض، اليوم، بممارسة نفوذه على السلطة الفلسطينية، كي تعود إلى طاولة المفاوضات لكن مع عزل حركة حماس. وأكدت المصادر أن إسرائيل تحاول إقناع واشنطن بترؤس المعسكر المعارض للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، مما سيسهم في إقناع دول أوروبية بأن تحذو حذو واشنطن في هذا المضمار. وأكدت السلطة الفلسطينية على موقفها الداعي إلى التزام إسرائيل بالمرجعيات ووقف الاستيطان قبل العودة إلى طاولة المفاوضات. وأبلغ صائب عريقات، رئيس الوفد الفلسطيني لمفاوضات الوضع النهائي، أمس، مساعد وزير الخارجية الأميركية للشرق الأوسط جيفري فيلتمان، بضرورة إلزام الحكومة الإسرائيلية بمرجعيات عملية السلام ومبدأ الدولتين على حدود 1967، ووقف كافة النشاطات الاستيطانية وبما يشمل القدس الشرقية، باعتبار ذلك مفتاح استئناف مفاوضات الوضع النهائي.

وتنوي السلطة الفلسطينية أن تقدم إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة حتى منتصف شهر أغسطس (آب) المقبل مسودة مشروع القرار الخاص بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود عام 67. وقال مسؤول في مكتب الرئاسة إنه سيتم تقديم هذه المسودة من خلال المجموعة العربية في الأمم المتحدة، أو مجموعة دول عدم الانحياز، استعدادا لطلب التصويت على مشروع القرار في مجلس الأمن في النصف الثاني من شهر سبتمبر المقبل.