طرد دبلوماسي إسرائيلي من روسيا.. بتهمة التجسس

إسرائيل تنفي وتقول إنه ضحية صراعات داخلية بين أجهزة الأمن الروسية

TT

طردت السلطات الروسية الملحق العسكري بالسفارة الإسرائيلية في موسكو، فلاديمير لايدرمان، بعد اعتقاله والتحقيق معه للاشتباه بأنه تجسس على روسيا. واللافت للنظر أنه عندما وصل لايدرمان إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، اعتقلته المخابرات الإسرائيلية وحققت معه بشبهة التجسس ضد إسرائيل، وأجرت له اختبارا على جهاز كشف الكذب، وفقط بعدئذ أخلت سبيله، معلنة: «ثبتت براءته».

وروت مصادر أمنية إسرائيلية أن السلطات الروسية اعتقلت لايدرمان قبل أسبوع، عندما كان يجري لقاء مع شخص روسي في أحد المطاعم، غير آبهة لحصانته الدبلوماسية. فالأعراف الدولية تمنع اعتقال دبلوماسيين رسميين. وقد تعمدت السلطات الروسية تفجير هذه القضية في الوقت الذي كان فيه وفد برلماني إسرائيلي رفيع المستوى، بقيادة رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي وزير الدفاع الأسبق، شاؤول موفاز، يزور موسكو ضيفا على الدوما (مجلس الشعب الروسي) ويلتقي كبار المسؤولين فيه وفي وزارة الدفاع أيضا.

ولايدرمان من مواليد روسيا، وقد هاجر إلى إسرائيل في مطلع التسعينات، وانتسب للجيش الإسرائيلي بشكل فوري وتم استيعابه في سلاح الجو، وقد تدرج في سلم القيادة في الجيش الإسرائيلي بسرعة. ويعتبر أحد المتخصصين في تطوير الأسلحة. وقد وجهت سلطات الأمن الروسية إليه تهمة التجسس لصالح إسرائيل «بدرجة خطيرة»، ولكن وزارة الأمن الإسرائيلية ادعت أن لا أساس من الصحة للتهمة.

وقد لفت النظر أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية فرضت تعتيما على هذه القضية ومنعت الصحافة الإسرائيلية من النشر عنها، حتى فجر أمس، حيث أعلنت أن التحقيق معه أثبت براءته من تهمة التجسس في روسيا أو في إسرائيل.

وقد صرح من جهته، أن السلطات الروسية فسرت سلوكه بطريقة غير صحيحة وأن لا أساس للتهمة الموجهة ضده. وقالت مصادر صحافية في إسرائيل إن الأيام الأخيرة شهدت اتصالات محمومة بين مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الإسرائيلية والسلطات الروسية «لتهدئة الخواطر»، إلا أن الرد الروسي كان «غير متهاون» وأن السلطات في موسكو تطالب بمعاقبة المتهم. وذكرت أن للملحق العسكري أهمية خاصة في دولة مثل روسيا، فهو مسؤول عن الاتصالات بين الجيشين إضافة للتعاون في مجال الأمني والتصنيع العسكري. وأن المساس به يعتبر مساسا كبيرا بهيبة إسرائيل.

وقد أعلنت السلطات الإسرائيلية انها تنظر إلى القضية ببالغ الخطورة، خصوصا أن هذه ليست المرة الأولى التي تتعامل فيها روسيا بفظاظة مع الدبلوماسيين الإسرائيليين. وقد كانت اعتقلت مسؤول «الموساد» (جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجي)، رؤوبين دانئيل، قبل ست سنوات وهو يلتقي موظفا في المخابرات الروسية بمحطة المترو في موسكو، ويحصل منه على صور التقطت من الأقمار الصناعية ويدفع له المال لقاءها. وقد أشبعوه ضربا أمام الناس وقادوه إلى المعتقل وبعد التحقيق معه أعلنوا عنه «شخصية غير مرغوب فيها» وطردوه. وفي السنوات اللاحقة، مارست المخابرات الروسية مضايقات ضد ممثلي «نتيف»، وهو جهاز إسرائيلي رسمي يعمل على تجنيد اليهود للهجرة إلى إسرائيل. وتعتبر إسرائيل هذه التصرفات ملاحقات عدائية لإسرائيل ومساسا بالحصانة الدبلوماسية الإسرائيلية. وقال ناطق بلسان وزارة الدفاع الإسرائيلية إن قضية اتهام لايدرمان بالتجسس، لا أساس لها من الصحة وعزاها إلى «صراعات بين أجهزة الأمن الروسية».

ووجه عدد من قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية انتقادات شديدة لسياسة رؤساء حكوماتهم، بمن في ذلك الرئيس الحالي، بنيامين نتنياهو، على تهاونهم مع روسيا. وقال الخبير العسكري، يوسي ميلمان، إن «روسيا لا تفهم إلا لغة القوة. فلو ردت إسرائيل بحزم على تصرفات كهذه وفعلت مثل بريطانيا، بطرد الملحق العسكري الروسي إلى موسكو، فإن مثل هذه الإساءات لن تتكرر». بيد أن هناك من يخالف هذا الرأي ويقول: «على إسرائيل أن تعرف حجمها. فهي ليست دولة عظمى بحجم بريطانيا. ولذلك، عليها أن تكون حذرة في أي رد».