الأحزاب السياسية المغربية تطالب بتوفير الشروط الملائمة لإنجاح الانتخابات التشريعية المقبلة

مصادر: موعدها لم يتحدد بعد.. والاستفتاء على الدستور في أول يوليو

TT

ذكرت مصادر حزبية مغربية أنه لم يتقرر بعد تحديد تاريخ معين لإجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، وأن مشاورات تجري حاليا بخصوص موعد إجراء انتخابات مبكرة بعد الاستفتاء على الدستور الجديد المقرر في الأول من يوليو (تموز) المقبل.

وعبرت مختلف الأحزاب السياسية عن خشيتها من عدم توفير الظروف الملائمة لإنجاح تلك الانتخابات، من حيث إعداد القوانين التي تتلاءم مع التعديلات الدستورية المرتقبة، وأصبح عامل ضغط الوقت يشكل هاجسا لها.

وفي هذا السياق، قال نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، المشارك في الحكومة، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه لم يناقش بعد موضوع الانتخابات التشريعية المبكرة، وإن اجتماعا سيعقد الأحد المقبل سيتناول هذا الموضوع.

وتحفظ بن عبد الله في الإفصاح عن ما دار في اجتماع جمع الأمناء العامين للأحزاب السياسية مع المستشار الملكي محمد المعتصم، الذي يرأس لجنة متابعة تعديل الدستور، وإن كان تم تحديد موعد معين لإجراء الانتخابات التشريعية، وقال «الاجتماع كان مغلقا وهو عبارة عن نقاش أولي بين أعضاء لجنة متابعة تعديل الدستور، وقادة الأحزاب السياسية، وما طرح فيه حتى الآن كان بغرض التداول والتشاور فقط».

وردا على سؤال حول ما يقال عن أن معظم الأحزاب السياسية المغربية غير مهيأة لخوض الانتخابات المقبلة، قال بن عبد الله «هذا الأمر مطروح بالفعل لأن الوقت قصير، لكننا بصدد البحث عن الصيغ المثلى والملائمة للمغرب ومؤسساته وللأحزاب»، على حد تعبيره. من جهته، قال التهامي الخياري، الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية المعارض، لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يتخذ حتى الآن أي قرار بشأن موعد إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة المقبلة.

وأضاف أن الاجتماع الذي تم مع لجنة متابعة تعديل الدستور برئاسة المستشار المعتصم طُرح خلاله تصور مبدئي بخصوص المرحلة التي ستلي الاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد المقرر في الأول من يوليو المقبل، والتي تحتم أن يكون للمغرب برلمان جديد في الخريف المقبل. وأوضح الخياري أن حزبه ليس لديه أي اعتراض على تاريخ إجراء الانتخابات المبكرة، لأن الأهم بالنسبة إليه هو انتخاب مؤسسات ذات مصداقية لدى الشعب، بيد أنه تساءل هل ستكون كل الشروط ملائمة لإجراء هذه الانتخابات في الخريف المقبل سواء من ناحية تهيئة المواطنين، أو إعداد القوانين المصاحبة للانتخابات، مشيرا إلى أنه «إذا كنا سنطوي صفحة الدستور القديم، فعلينا أن نطوي صفحة المرحلة السياسية القديمة كذلك، ونوفر الشروط الملائمة لانتخاب مؤسسات شرعية وذات مصداقية».

وأوضح الخياري أن حزبه كان قد أعلن موقفه من الحكومة الحالية قبل الحراك السياسي الذي عرفه المغرب بعد 20 فبراير (شباط). وأضاف «سبق أن قلنا إن الحكومة الحالية لا يمكنها الاستمرار حتى عام 2012 لأنها حكومة غير متجانسة، والخريطة السياسية التي أفرزتها عام 2007 لا علاقة لها بالخريطة الحالية، دون تجاهل نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات».

أما محمد الأنصاري، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي، فقال لـ«الشرق الأوسط» إنه يعتقد أن «لا أحد من الأحزاب السياسية المغربية مهيأ لخوض انتخابات مبكرة، فالظروف الحالية باغتت الجميع»، على حد قوله.

وأضاف أنا شخصيا مع تهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات التشريعية لأن أي تسرع سيؤدي إلى نتائج سلبية، وستتكرر معه أخطاء الماضي. وقال الأنصاري إنه لا بد من إعداد قوانين جديدة ملائمة لمقتضيات الدستور الجديد، ومن بينها قانون الأحزاب وقانون الانتخابات الذي يشمل نمط الاقتراع والتقطيع الانتخابي، وتحديد العتبة. وتساءل: ألن يتسبب حل البرلمان بعد الاستفتاء على الدستور في إحداث فراغ سياسي، أم أن البرلمان الحالي هو من سيصوت على هذه القوانين؟

وفي السياق ذاته، قال النائب عبد اللطيف بروحو، عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، لـ«الشرق الأوسط» إن كل مراجعة دستورية تتطلب إجراءات تشريعية ومؤسساتية خاصة بها تقطع مع الجيل الدستوري السابق، وتؤسس لمجال قانوني وسياسي جديد يتلاءم مع السياق العام الذي يحكم الإصلاح الدستوري. وأضاف «لا يعقل منطقيا أن نعمل بدستور جديد بوسائل قانونية ومؤسساتية قديمة تنتمي لدستور منتهي الصلاحية».

وأوضح بروحو أن الاستفتاء سيتم لا محالة في الأول من يوليو المقبل، وبمجرد المصادقة على الدستور الجديد سيتم حل مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) نظرا لتغير تركيبته بشكل كامل وتغير مهامه ومجالات اختصاصاته حيث سيصبح مجلسا لتمثيلية الجهات (المناطق)، وهذا ما يعني أن مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) سيستمر في مهامه لحين انتخاب مجلس جديد، ويتوقع أن يتم تنظيم الانتخابات التشريعية الأولى لانتخاب مجلس نواب جديد أوائل شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وذكر بروحو أنه إلى حين انتخاب مجلس جديد، يستمر مجلس النواب الحالي، دستوريا، في ممارسة مهامه التشريعية، وهذا أمر منطقي في الممارسات الدستورية، بحيث سيتكلف في الدورة الحالية باستكمال الإجراءات القانونية لانتخاب مجلس جديد يتلاءم مع المنطق الدستوري الجديد. وقال «قد نضطر لفتح دورة استثنائية لمجلس النواب في شهر أغسطس (آب) أو سبتمبر (أيلول) المقبلين، أو تمديد الدورة الحالية التي يُفترض أن تنتهي في أوائل يوليو المقبل، وهذه كلها حلول دستورية تتماشى مع منطق الإصلاح وتنزيل مقتضيات الدستور الجديد.

وأوضح أنه «لا خوف من فراغ دستوري أو تشريعي لأن الأحكام الختامية والانتقالية للدستور الجديد ستحدد بدقة هذه الإجراءات وطرق تنزيلها».

أما فيما يتعلق بالانتخابات المبكرة فيجب أن تطال، برأيه، جميع المؤسسات المنتخبة وليس فقط البرلمان، فالجماعات المحلية (البلديات)، والغرف المهنية (وهي كلها مؤسسات دستورية منتخبة عام 2009) لا يعقل أن تبقى حتى 2015، خاصة أن مجلس المستشارين الجديد سيتم انتخابه أوائل العام المقبل، الذي يجب أن يكون بعد الانتخابات البلدية والإقليمية، وليس قبلها، على اعتبار أن من يصوت على أعضائه هم المنتخبون المحليون في البلديات والجهات (المناطق)، فهل يعقل أن يتم انتخاب الغرفة الثانية في برلمان جديد وفق دستور جديد من طرف مؤسسات تنتمي للعهد القديم، وتم انتخابها بدستور منتهي الصلاحية الأمر الذي يحتم تنظيم استحقاقات انتخابية شاملة خلال الأشهر الستة المقبلة.

وحول موقف حزب العدالة والتنمية من تنظيم انتخابات مبكرة، قال النائب بروحو أن لا مشكلة مبدئية للحزب مع الانتخابات السابقة لأوانها، لأنه مستعد لجميع هذه الاستحقاقات، لكن الحزب يؤكد حسن الاستعداد من قبل الدولة نفسها لهذه الانتخابات كي لا يتم تكرار نفس التجاوزات الانتخابية التي شهدها المغرب خاصة عام 2009.

وقال إنه يتعين على الدولة الآن أن تضع برمجة واضحة للاستحقاقات الانتخابية (التشريعية والبلدية والإقليمية) حتى تتضح الصورة، كما يتعين الإسراع بالتوافق حول النظام الانتخابي الفعال والأكثر ديمقراطية حتى لا تتكرر ما وصفه بـ«المهازل الانتخابية السابقة».

وفي موضوع ذي صلة، قدم الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية المغربي الليلة قبل الماضية، أمام لجنة الداخلية بالبرلمان مشروع قانون يتعلق بالمعالجة المعلوماتية لضبط اللوائح الانتخابية العامة بعد مراجعتها بصفة استثنائية. ويهدف هذا المشروع إلى تمكين السلطات المختصة من تنقيح اللوائح الانتخابية، واستدراك الأخطاء المادية التي قد تشوبها، واستبعاد حالات التسجيل المزدوج أو غير القانوني، علاوة على تقليص الآجال المنصوص عليها في هذا المجال في قانون الانتخابات.

وكان مجلس النواب قد صادق على مشروع القانون المتعلق بتنظيم مراجعة استثنائية للوائح الانتخابية العامة، الذي يندرج في إطار اتخاذ التدابير التمهيدية اللازمة لتنظيم الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد.