ناشط حقوقي من دمشق: الخطاب الإعلامي يسهم في تفاقم الاحتجاجات

مازن درويش لـ «الشرق الأوسط» : النظام السوري ينتهك الإعلاميين نفسيا ومهنيا

TT

بصوت خفيض عبر الهاتف من دمشق، تحدث الناشط مازن درويش رئيس «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير»، الذي يعمل بالصحافة وتعرض للاعتقال عدة مرات، وحلل لـ«الشرق الأوسط» دور الإعلام الحكومي السوري والتعتيم الذي ينتهجه في تغطيته الاحتجاجات المناهضة لحكم الرئيس بشار الأسد، مؤكدا أن تلك الممارسات لم تحل دون وصول الحقيقة للرأي العام العالمي.

وحول تقييمه لحالة التعتيم الإعلامي على ما يحدث في سوريا، أكد درويش رفضه لذلك الوضع، قائلا إن «طريقة إدارة الخطاب الإعلامي تجاوزت حدود المهنية والمصداقية، وهو ما يمكن تفسيره بكون الإعلام الحكومي غير مستقل»، موضحا أنه لا يمكنه الجزم بنسبة تصديق المواطن السوري لإعلام بلاده، وإن أشار إلى وجود شريحة في الشارع السوري لا تصدق ما يقوله إعلامها، لأن «الإعلام السوري أقحم نفسه في المعضلة السياسية الجارية في سوريا كطرف رئيسي، وليس كمراقب ومتابع وهو الوضع الطبيعي للإعلام».

وأشار درويش إلى أن التعتيم لن يقضي على الاحتجاجات، وقال إنه يظن أن «طريقة إدارة الخطاب الإعلامي تساهم في تفاقمها، وتسهم في خلق انقسام حاد داخل المجتمع السوري. والشواهد على ذلك موجودة بوضوح الآن، فالإعلام السوري قسم سوريا إلى معسكرين؛ متآمرين، ووطنيين.. خونة، وشرفاء، وهو ما يمكن تسميته بعملية التخوين، وسيترتب عليه آثار كارثية».

وكمعايش للأحداث الجارية، وصف درويش وضع حرية التعبير في سوريا قائلا: «يمكنني أن أقول إن ما أوصلنا لهذه المرحلة هو عدم وجود مساحة كافية لحرية التعبير في سوريا؛ من مؤسسات تتبني الرأي الآخر كالأحزاب السياسية وخلافه».

وعن دور مواقع التواصل الاجتماعي في تغطية الاحتجاجات السورية، أكد درويش أنها لعبت دور المتنفس البديل للشعب السوري، قائلا إن «المواطن الصحافي» هو الذي سد فجوة التعتيم الإعلامي، ومشيرا إلى أن موقع «يوتيوب» (You tube) لعب دورا مؤثرا في سوريا، يوازي الدور المحوري الذي لعبه «تويتر» و«فيس بوك» في مصر وتونس، بعيدا عن وجهة النظر التي يتبناها النظام السوري.

وحول اللوم الذي وجهه النظام السوري إلى القنوات الأجنبية والصحف العالمية، لما وصفه بـ«تحيزها في تغطية الأحداث في سوريا»، علق درويش قائلا: «إنها ازدواجية في المعايير؛ فالنظام يمنع دخول الصحافيين الأجانب، وفي الوقت ذاته يلومهم على تغطيتهم للأحداث من الخارج. وكان جديرا بالسلطات السورية السماح للصحافيين الأجانب بالدخول ونقل الصورة كاملة».

وأكد درويش أن الانتهاك الأساسي الذي يتعرض له الصحافيين والإعلاميين في سوريا هو الحصار الإعلامي الذي يمارس عليهم، ومنعهم من الحق في التغطية، وكذلك الحصار النفسي وتخيير الصحافي بين كونه مع الحكومة أو ضدها، وتضييق هامش استقلاليته، معتبرا ذلك نوعا من أنواع الانتهاك النفسي، وهو ما ينعكس على أداء الصحافي مهنيا. كاشفا عن أن بعض الصحافيين يتعرضون للملاحقة القضائية حاليا بسبب آرائهم، قائلا إن «الصحافي مَعَنّ عاقل رفعت ضده دعاوى قضائية بسبب تناوله الأحداث بشكل لم يرق للبعض، وهو ما يهدد مصداقية الإعلام بشكل قاتل».

وأشار درويش إلى أن ما ينقص سوريا حاليا هو تحرير الإعلام من سيطرة الدولة، إضافة إلى صياغة قوانين لحماية العمل الإعلامي، تكفل الحق في الحصول على المعلومات والحق في التغطية والحق في النشر. كما يجب إعادة تشكيل نقابة الصحافيين بشكل أكثر حرفية واستقلالية، وأن تكون العلاقة بين الصحافي والسلطة تحتكم إلى القانون، لا إلى الولاء.

وفي تعليقه على الرد الحكومي على «بيان الحليب»، الذي أصدره مجموعة من المثقفين السوريين يناشدون السلطات السماح بإيصال الحليب إلى الأطفال المحاصرين في درعا، أكد درويش أن الرد مبالغ فيه، وأنه جزء لا يتجزأ من عملية حصر المواطن السوري في خندق «خائن أو شريف».. قائلا إن «السلطات أصدرت مقطعا مصورا ساخرا يتضمن تخوينا وتشكيكا في وطنية القائمين على البيان، وأعتقد أن الوضع لا يتحمل تلك المعالجة الآن على الإطلاق».