الجيشان السوري واللبناني يرسلان تعزيزات عسكرية غير مسبوقة إلى الحدود

المرعبي ينبه عبر الـ«الشرق الأوسط» إلى تمادي المخابرات اللبنانية في اعتقال نازحين

وحدات من الجيش اللبناني تجوب منطقة وادي خالد الحدودية (إ.ب.أ)
TT

بقي الهدوء الحذر سيد الموقف عند الحدود اللبنانية الشمالية، وتحديدا في منطقة وادي خالد، التي لا تزال معابرها مغلقة بشكل تام أمام النازحين من سوريا إلى لبنان، وترافق ذلك مع رفع مستوى التعزيزات العسكرية من الجيشين اللبناني والسوري على جانبي الحدود بشكل غير مسبوق.

وتحدثت مصادر إعلامية عن إرسال القوات السورية تعزيزات غير مسبوقة عند الحدود مع لبنان عند قرية العريضة، وقد شوهد استحداث نقطة جديدة للجيش على الحدود معززة بالدبابات وعشرات الجنود. ويأتي ذلك بعد يوم واحد من دخول قوة من الجيش بلدة العريضة، بينما أشار شهود عيان إلى أن القوات السورية بدأت الانسحاب من بلدة تلكلخ المجاورة في محافظة حمص التي اقتحمتها السبت الماضي، وأسفرت فيها العمليات العسكرية عن مقتل 35 شخصا خلال أربعة أيام.

وكشفت مصادر مواكبة للوضع الميداني لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه «لم تسجل أي حالة نزوح من سوريا باتجاه لبنان خلال الـ48 ساعة الماضية»، لكنها أشارت إلى أن «النازحين الموجودين في وادي خالد والبلدات اللبنانية المجاورة في حالة جيدة، وأن وضعهم الاجتماعي والإنساني والصحي يتعزز أكثر فأكثر». وأكدت المصادر أن «الوضع الأمني من الجانب السوري تميز بهدوء مشوب بحذر، في ظل تعزيزات إضافية للجيش السوري الذي أقام في بلدتي العريضة والبقيعة مراكز ثابتة ونشر المزيد من دباباته في المنطقة، وكذلك فعل الجيش اللبناني في الجهة اللبنانية، حيث أقام حواجز وسير دوريات راجلة ومؤللة». وأوضحت المصادر، أنه «لم يسمع أي طلق ناري في الجانب السوري»، وعزت الأسباب لكون مدينة تلكلخ غادرها أهلها بنسبة 70 في المائة بعد أن داهمها الجيش السوري ومشط أحياءها ومنازلها بحثا عن مطلوبين. ولفتت إلى أن «مئات السوريين في وادي خالد حاولوا تنظيم مظاهرة تضامنا مع أقاربهم المحاصرين في المدن والقرى السورية، فتدخل الجيش اللبناني ومنعهم من ذلك حفاظا على الأمن ومنعا لأي استفزاز».

من جهته، وصف عضو كتلة «المستقبل» النائب معين المرعبي حال النازحين السوريين بـ«الصعب»، لافتا إلى أن «المساعدات المقدمة من الرئيس سعد الحريري والجمعيات الإنسانية غير كافية للأعداد الكبيرة من الناس». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك مئات الأطفال يحتاجون إلى الحليب والأدوية والغذاء السليم»، مناشدا كل مواطن لبناني أن يقدم المساعدة بحسب مقدرته. وأبدى المرعبي أسفه «لما تقوم به مخابرات الجيش اللبناني من توقيف لأشخاص سوريين بحجة ألا أوراق ثبوتية لديهم، وكأن هؤلاء دخلوا لبنان للسياحة وبأحوال طبيعية، علما بأن معظمهم هرب بثيابه من الحقول للنجاة بروحه»، ناصحا بعض الأجهزة الأمنية بأن «لا يدخلوا في هذه اللعبة فقط من أجل حماية أرواح هؤلاء النازحين الذين أصبحوا تحت حماية ورعاية القانون الدولي، الذي يفرض حماية أي شخص من أي دولة إذا كانت حياته عرضة للخطر». وقال «إننا نتابع بالتعاون مع الصليب الأحمر الدولي وجمعيات حقوق الإنسان كل حالة توقيف، كي لا يصار إلى تسليم هذا الموقوف كما حصل مع الجنود الثلاثة منذ أيام، ونحمل كل من يقدم على هذه الخطوة المسؤولية القانونية لأن حياة هذا الشخص تصبح في خطر»، مناشدا جهاز الأمن العام، أن «يجد حلا لهذه المشكلة وأن يقوم بزيارة النازحين ويطلع على مشكلاتهم من الناحية القانونية»، موضحا أنه «تم اكتشاف خمس حالات لشبان وفتيان مصابين بكسور في الأيدي والأرجل ولم يجرؤوا على الإعلان عنها خوفا من نقلهم إلى المستشفى والقبض عليهم هناك من قبل مخابرات الجيش اللبناني، كما حصل مع مواطنيهم»، مؤكدا أن «أحد الذين أوقفوا في المستشفى كان في حالة غسيل كلى وهذا الشخص لم يعرف وضعه الصحي، الأمر الذي يستدعي الشجب والاستنكار».

إلى ذلك، أعلنت مصادر معنية بحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجيش اللبناني أوقف عمليات المداهمة التي كان ينفذها ويلقي خلالها القبض على نازحين سوريين في وادي خالد وغيرها»، لكنها أشارت إلى أن «أحد عشر سوريا ستة منهم اقتيدوا من بلدة العريضة اللبنانية وخمسة من مستشفى رحال في حلب من قبل مخابرات الجيش اللبناني وسلموا إلى الأمن العام ما زالوا قيد التوقيف، وأنه بنتيجة المراجعات التي تتولاها مؤسسات حقوق الإنسان والصليب الأحمر الدولي و(أطباء بلا حدود) تلقت هذه المؤسسات وعدا من السلطات المختصة بأنه سيصار إلى إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى حيث كانوا في وادي خالد مع التعهد بعدم تسليمهم إلى الجيش السوري، كما أنه سمح لأهلهم بزيارتهم».

وردا إلى ما يحكى عن توقيفات، أصدرت قيادة الجيش اللبناني بيانا جاء فيه «تداولت أوساط سياسية وإعلامية في الآونة الأخيرة معلومات ومواقف حول قيام الجيش اللبناني بتسليم جنود سوريين إلى سلطات بلادهم بعد دخولهم إلى لبنان، أو دخول جنود آخرين وبقائهم على الأراضي اللبنانية، ويهم قيادة الجيش أن تؤكد ألا وجود لجنود سوريين على الأراضي اللبنانية، خصوصا بعد اتخاذ وحدات الجيش إجراءات مشددة على المعابر المشتركة».

وقال البيان: «أما لجهة ما ذكر عن تسليم في وقت سابق لثلاثة جنود وجثة جندي رابع من حرس الحدود السوري، فإن ظروف وجودهم على الأراضي اللبنانية جاءت إثر تعرض مركزهم لإطلاق نار من قبل مسلحين وإصابة اثنين بجروح بليغة، ما لبث أحدهما أن فارق الحياة أثناء عبور الحدود متأثرا بجراحه، وبعد مراجعة القضاء المختص أشار إلى وجوب إعادتهم إلى بلادهم، كونهم لا تنطبق عليهم صفة اللجوء أو الفرار». وذكرت قيادة الجيش بمضمون بيانها السابق «القاضي بمنع عمليات التسلل في الاتجاهين». وأكدت أنها «ماضية في التشدد في تطبيق الإجراءات المتخذة، حفاظا على سلامة المواطنين في المناطق الحدودية».

وكانت وكالة الصحافة الفرنسية، أعلنت أن الجيش السوري استحدث مواقع في بلدة العريضة المحاذية للحدود مع لبنان، صباح أمس، ونشر عددا من العناصر والآليات مقابل منطقة وادي خالد اللبنانية، مشيرة إلى أن «نحو مائة جندي من العناصر المنتشرين في هذه المواقع راحوا يهتفون (بالدم بالروح نفديك يا بشار) على مرأى من عشرات اللبنانيين والسوريين النازحين من سوريا، والذين تجمعوا على الضفة اللبنانية من النهر الكبير الذي يفصل بين البلدين، كما صعد عدد من اللبنانيين على أسطح منازلهم لمراقبة ما يجري في الجانب السوري من الحدود». وقالت الوكالة الفرنسية، إن «الجيش السوري نشر ثلاث دبابات على متنها عناصر، وأربع ناقلات جند على أطراف بلدة العريضة على بعد 300 متر من الأراضي اللبنانية، ونصب الجنود السوريون خيمتين، واتخذت الدبابات وضعيات قتالية. كما تمركزت دبابتان في مكان مجاور تحت أشجار السرو في مواجهة الأراضي اللبنانية أيضا، وهذه التعزيزات أضيفت إلى القوة السورية التي نفذت صباح الخميس انتشارا كثيفا معززا بالآليات والسيارات العسكرية في أطراف بلدة العريضة السورية المحاذية للنهر».