مصر: الآلاف في التحرير يرفضون العفو عن مبارك ويستعدون لـ«جمعة الغضب الثانية»

وسط جدل بشأن تولي مجلس رئاسي مدني إدارة البلاد بدلا من المجلس العسكري

مظاهرة في ميدان التحرير تطالب بعدم التخلي عن محاكمة الرئيس السابق وأعوانه أمس (أ.ف.ب)
TT

تظاهر آلاف المصريين بميدان التحرير في وسط القاهرة أمس، استجابة لدعوة أطلقها نشطاء سياسيون لمظاهرة مليونية أطلقوا عليها اسم جمعة «إنقاذ الثورة». وقال مراقبون إن قلة أعداد المتظاهرين لا تعكس رضا المصريين عن ممارسات المجلس الأعلى للقوات المسلحة (المجلس العسكري) الذي تولى إدارة شؤون البلاد عقب تخلي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن السلطة. في حين أكد عدد من قيادات شباب الثورة أن ما تم أمس هو فقط تمهيد لـ«ثورة الغضب الثانية» التي دعت لها قوى سياسية الجمعة المقبلة، وترفع مطلب تولي مجلس رئاسي مدني منتخب سلطة البلاد بدلا من المجلس العسكري.وحمل الأسبوع الماضي تطورا نوعيا في العلاقة بين القوى السياسية والمجلس العسكري، على خلفية تسريبات عن تقديم مبارك لاعتذار إلى الشعب المصري تمهيدا لطلب العفو عنه وعن زوجته من المجلس العسكري، وهو ما ترافق مع إخلاء سبيل سوزان مبارك وعدد من رموز النظام السابق.

ورغم نفي المجلس العسكري وجود نية للعفو عن مبارك، وإعادة السلطات القضائية حبس عدد من رموز النظام السابق بعد إخلاء سبيلهم بكفالة مالية، قال مراقبون ونشطاء سياسيون إن «المصريين يشعرون بأن ثورتهم تحيد عن مطالبها، وأنها في حالة لتصحيح المسار».

وبث نشطاء مصريون للمرة الأولى منذ الإطاحة بنظام مبارك رسائل موجهة للمجلس العسكري على غرار الرسائل التي يصدرها المجلس ويوجهها للمصريين. وقالت الرسالة التي حملت رقم (3) وعنونت بـ«الشعب المصري الثائر على الفساد المتطلع لبناء البلاد»: «حرصا منا على أمن واستقرار البلاد وعلى استمرار نجاح الثورة وتحقيقا لأهدافها (..) نهيب بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة عدم تضييع الفرصة التي أتت لمصر وشعبها بعد أكثر من 30 عاما صبر فيها على الفساد». وتابعت الرسالة بقولها «نقول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة نحن معك يدا واحدة طالما أنك ترعى مصالح الشعب وتسعى بكل جهد لتحقيق أهدافه دون تباطؤ أو تسويف أو اختبار لمدى صموده وإصراره على موقفه».

ورفع المتظاهرون في ميدان التحرير أمس هتافات تدعو المصريين إلى المشاركة في «ثورة الغضب الثانية» يوم 27 مايو (أيار) الجاري، في إشارة لثورة الغضب الأولى في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو ما يعكس بحسب مراقبين حجم الغضب الشعبي حيال بعض قرارات المجلس العسكري.

ورفع الداعون للمظاهرة المليونية الجمعة المقبلة 4 مطالب هي انتخاب مجلس رئاسي مدني ثوري لتنفيذ طلبات الثورة كاملة، وتطهير جهاز الشرطة من قيادات الفساد، وتطهير القضاء والنيابة العامة، لتطبيق العدل، وتطهير المحليات والمحافظات من قيادات النظام السابق.

ودعا رئيس الاتحاد العام لشباب الثورة سامح المشد خلال خطبة الجمعة أمس إلى عدم المصالحة مع رموز النظام السابق، قائلا: «كيف نتصالح معهم وهم السبب في استشهاد الكثير من شباب وأبناء الوطن».

وقال المشد إنه من غير المعقول التصالح مع من يؤجج أحداث الفتنة الطائفية التي شهدتها مصر خلال الأيام الماضية، مطالبا بضرورة المحاكمة العادلة والسريعة لكل رموز النظام السابق وعلى رأسهم الرئيس السابق وأفراد أسرته.

وفي الإسكندرية نظم نشطاء سياسيون مظاهرة حاشدة في أعقاب انتهاء صلاة الجمعة أمس، أمام مسجد القائد إبراهيم بمنطقة محطة الرمل، وأعقب الصلاة مؤتمر لجماعة الإخوان المسلمين أمام المسجد ألقى فيه عدد من القيادات الإخوانية كلمات عبروا فيها عن رفضهم العفو عن الرئيس السابق وأفراد أسرته. وتسبب الدكتور حسن البرنس، القيادي بالجماعة، في إحداث أزمة بين الحضور أدت لشق الصفوف بين المتظاهرين وانسحاب عدد من القيادات الليبرالية، حينما قال خلال كلمته للمتظاهرين: إن «العلمانيين والليبراليين واليساريين موافقون على العفو عن مبارك ونحن والقوى الإسلامية نرفض ذلك تماما». وتحركت مسيرة حاشدة من منطقة محطة الرمل إلى منطقة سيدي جابر حيث تمركز المتظاهرون أمام مقر قيادة المنطقة الشمالية العسكرية شرق المدينة ورددوا هتافات قالوا فيها: «يا مبارك يا مبارك.. مش قابلين اعتذارك». كما قام ائتلاف شباب الثورة بالإسكندرية بتوزيع آلاف البيانات والمنشورات الداعية لمظاهرات مليونية يوم 27 مايو المقبل. من جهته قال محمد نصر، مدير العلاقات العامة بجماعة الإخوان المسلمين بالإسكندرية، إن الجماعة ستشارك بكل قوة في ثورة الغضب الثانية، مؤكدا أن الجماعة تعمل على التمهيد لهذا اليوم بمظاهرة مليونية يوم 24 مايو.

ولا يزال ائتلاف شباب الثورة الذي يضم شباب 9 قوى حزبية وحركات احتجاجية بالإضافة لشباب جماعة الإخوان المسلمين، يدرس قرار المشاركة في «ثورة الغضب الثانية»، وقال محمد القصاص عضو ائتلاف شباب الثورة وممثل شباب «الإخوان»: إن «الموقف الغالب داخل الائتلاف هو المشاركة، لكن القرار لم يحسم بعد».

وأوضح القصاص أن النقاشات تدور حول المطالب التي سيرفعها الائتلاف، مشيرا إلى وجود نقاط اتفاق أهمها محاكمة المتسببين عن الفساد السياسي في البلاد خلال سنوات حكم مبارك، لكن الائتلاف متحفظ ولا يزال يناقش مسألة انتخاب مجلس رئاسي. وقال القصاص لـ«الشرق الأوسط»: «ندرس هذا المطلب جيدا خاصة أنه ما زال لا يحظى بإجماع القوى الوطنية، وسنجتمع غدا (اليوم) لاتخاذ قرار في هذا الشأن».