قمة مجموعة الثماني في دوفيل ستقيم «الربيع العربي» وتطلق شراكة بعيدة المدى

مصر وتونس على رأس اللائحة

صورة ارشيفية تظهر محتجين تونسيين يرمون رجال الشرطة بالحجارة في ساحة القصبة في تونس في أواخر يناير الماضي («نيويورك تايمز»)
TT

تنتقل «إدارة» شؤون العالم يومي 26 و27 مايو (أيار) الحالي، إلى منتجع دوفيل البحري الفرنسي، الواقع على بعد نحو 200 كم شمال غربي باريس، بمناسبة انعقاد قمة مجموعة الثماني الاقتصادية. وهذه القمة هي القمة السابعة التي تنظمها فرنسا التي كان رئيسها الأسبق فاليري جيسكار ديستان أول من روج لهذه اللقاءات التي بدأت سباعية (الدول السبع الأكثر تصنيعا) ثم تحولت إلى «مجموعة الثماني» مع ضم روسيا إليها.

ومع وجود قادة الدول الأربع الدائمة العضوية في مجلس الأمن، والقوى الاقتصادية الأضخم في العالم الغربي، ومسؤولي المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، خرجت قمة الثماني عن هدفها الأول وهو اقتصادي، لتتحول شيئا فشيئا إلى «مجلس إدارة» لشؤون العالم السياسية وغير السياسية. وبحسب المصادر الرسمية الفرنسية، فإن 25 بعثة رسمية ستكون حاضرة في دوفيل التي سيشرف على أمن القمة فيها ما يزيد على 12 رجلا من الشرطة والدرك والجيش، مع منع التحليق فوق المدينة، ونشر بطاريات صواريخ، وتحليق طائرات من غير طيار، فضلا عن سفن حربية في عرض البحر. وتجتذب القمة 3500 مندوب رسمي و2500 صحافي معتمد، مما جعل الحصول على غرفة في فندق أمرا متعسرا داخل المدينة وفي مدن الجوار.

وقالت مصادر رئاسية فرنسية بمناسبة عرضها لمجريات القمة إن رؤساء دول وحكومات الدول الثماني (الولايات المتحدة الأميركية، روسيا، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، إيطاليا، كندا، اليابان) الذين سيكونون حاضرين ليومين في دوفيل، سيبحثون الملفات الساخنة عبر العالم من «الربيع العربي» والوضع في ليبيا وسوريا واليمن والسلام في الشرق الأوسط، إلى الإرهاب وأفغانستان وباكستان وإيران. وسيصدر المجتمعون بيانا شاملا يتم العمل حاليا على تفاصيله يوم الجمعة.

وسيحتل الملفان الليبي والسوري موقعا خاصا في مناقشات الدول الثماني في عشاء العمل مساء الخميس القادم، والتي ينتظر أن تكون «حامية» وفق مصادر فرنسية رسمية، بسبب وجود الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الذي تنتقد بلاده بشدة كيفية تطبيق الغربيين لمضمون القرار 1973 بخصوص ليبيا، كما أنها تعارض استصدار قرار من مجلس الأمن يدين سوريا أو يجيز استخدام القوة بحقها، وهو ما أعاد تأكيده أول من أمس. وينتظر أن يستغل الرئيس الفرنسي المناسبة لطرح مشروع الدعوة إلى «مؤتمر أصدقاء ليبيا» الذي تريد فرنسا أن يحصل في باريس. وحتى تاريخه، لم يتم تحديد موعد واضح لهذا المؤتمر الذي تستمر المشاورات بشأنه. فضلا عن ذلك، يفترض أن يقيم المجتمعون النتائج التي أسفرت عنها عمليات الحلف الأطلسي العسكرية فوق ليبيا وصورة «الانتقال السياسي» التي ستقوم بعد نهاية نظام العقيد القذافي، وهو ما تعمل عليه أيضا «مجموعة الاتصال» حول ليبيا التي عقدت اجتماعها الأخير في روما. وسيتطرق المجتمعون للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، لرغبة باريس في تنظيم اجتماع للدول والهيئات المانحة الشهر القادم لا يكون مقصورا على الجوانب المالية والاقتصادية بل يحمل «مضمونا سياسيا» ويساعد على الخروج من الطريق المسدود الراهن. لكن سقف التوقعات ليس مرتفعا بسبب الممانعة الإسرائيلية والتردد الأميركي. وجدير بالذكر أن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه «أجل» زيارة إلى إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية بسبب التضارب البين في المواقف بين الطرفين من موضوع السلام وإعادة إطلاق مفاوضاته وحماس والشروط الإسرائيلية.

غير أن أهم ما سينتج عن قمة دوفيل يتناول «الربيع العربي». وأكدت المصادر الرئاسية أنه سيتم بهذه المناسبة إطلاق شراكة «بعيدة المدى» بين مجموعة الثماني والدول العربية التي عرفت تحولا ديمقراطيا رئيسيا، وهي تحديدا مصر وتونس. ولذا، فإن الدعوة وجهت لرئيسي وزراء البلدين من أجل اجتماع سيتم صباح الجمعة القادم، يحضره بجانبهما رؤساء دول وحكومات الدول الثماني وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون وأمين عام الجامعة العربية المنتهية ولايته عمرو موسى ورئيس البنك الدولي والمدير العام الفعلي لصندوق النقد الدولي (بسبب استقالة مديره الأصيل الفرنسي دومينيك ستروس كان المتورط في فضائح جنسية في نيويورك) ورئيس البنك الأوروبي للإعمار والتنمية. وسينشر بيان مفصل سيكون بمثابة «فعل الولادة» لهذه الشراكة التي ستكون مفتوحة أمام بلدان أخرى وأولها المغرب بفضل عملية التحول والتعديلات الدستورية التي يعرفها. وتريد باريس مساعدة بلدان الربيع العربي على إنجاح تجربتها الديمقراطية عن طريق «مواكبتها» سياسيا واقتصاديا وماليا. ولذا، فإن الغرض و«تعبئة» الهيئات المالية الدولية والإسلامية (صندوق التنمية الإسلامي) والخليجية، مع مراعاة دور خاص للبنك الأوروبي للإعمار والتنمية الذي أنشئ لمساعدة دول أوروبا الشرقية والوسطى بعد سقوط أنظمتها الشيوعية.

ولن تغيب أفريقيا عن القمة، إذ دعي إليها قادة بلدان الـ«نيباد» (الجزائر، إثيوبيا، مصر، السنغال، جنوب أفريقيا، نيجيريا) وثلاثة قادة أفارقة إضافيين (غينيا، النيجر، ساحل العاج) لمتابعة ملف التنمية في أفريقيا ومساهمات الدول الصناعية فيه. وستناقش، إلى جانب موضوع التنمية الاقتصادية، الأوضاع في السودان والصومال وساحل العاج والتحولات في أفريقيا.

ويعقد قادة الدول الثماني، إلى جانب غداء عمل (ظهر الخميس) سيخصص للوضع الاقتصادي العالمي والديون والنمو، وعشاء عمل (مساء اليوم نفسه) تناقش فيه القضايا الساخنة، جلستي عمل رئيسيتين، تتناول الأولى موضوع الأمن النووي «السلمي» في العالم على ضوء ما تعرفه اليابان من كوارث نووية، والثانية لظاهرة الإنترنت والتحولات التي تدخله على السياسة والاقتصاد والمعلومات، وانطلاقا من دوره في الثورات العربية.