باراك: على نتنياهو اتخاذ خطوات «جريئة» تجاه السلام

قال: إذا لم نتخذ خطوات نحو الأمام ستضعف حجتنا للحصول على المزيد من الدعم الأميركي

إيهود باراك (ا.ب)
TT

اعتبر إيهود باراك، وزير الدفاع الإسرائيلي، أن قيادة محمود عباس للفلسطينيين أكثر نضجا من قيادة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. كما اعتبر، في حوار، أن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني أقرب إلى الحل من أي وقت منذ مفاوضات كامب ديفيد عام 2000. ودعا إلى أن يتخذ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مواقف جريئة، ولا يسمح لحالة عدم اليقين وغموض الرؤية والانتفاضات والتغيرات التي تحدث في المنطقة بأن تشل حركته. وفي ما يلي نص الحوار..

* على الأرجح لن يكشف نتنياهو عن مبادرة سلام جديدة خلال رحلته إلى الولايات المتحدة كما قلت أنت وآخرون.. هل هذا صحيح؟

- لا أعرف إن كان ذلك حقيقة أم لا، ما زلت آمل أن يكشف عن نواياه بوضوح.

* إذن هل من المحتمل أن يفاجئ الجميع؟

- إذا استمعت إلى خطابه في الكنيست يوم الاثنين الماضي، ستجد أن هناك أمورا محددة تشير باتجاه اتخاذ مواقف واضحة يعتبرها الكثيرون ضرورية لأي مقترح إسرائيلي صادق، أي أننا سوف نوضح هذه النقاط التي تتعلق بالحدود والحاجة إلى تقديم تنازلات كبيرة مؤلمة بشأن ما نعده جزءا من أرض آبائنا.

* إنك تدعو إلى اتخاذ خطوات «جريئة».. هل ترى أن تلك الخطوات جريئة بالقدر الكافي؟

- لا أستطيع أن أحكم، فمن الواضح لي أن على إسرائيل أن تتخذ موقفا، ولا تسمح لحالة عدم اليقين وغموض الرؤية والانتفاضات والتغيرات التي تحدث حولنا بأن تشل حركتها. من الطبيعي أن يقول الناس «لنكن غير متحمسين للقيام بأي خطوة بأي ثمن». على العكس أرى أن نكون مستعدين لاتخاذ خطوات، فعلينا أن نطرح شيئا ما على الطاولة سواء خلف الأبواب المغلقة مع الرئيس أو علنا. نحن بحاجة إلى التوجه نحو تقديم مقترح جريء يتضمن استعدادا لتقديم أجوبة عن كل التساؤلات الخاصة بالقضايا الجوهرية.

* هل ينبغي على الولايات المتحدة أن تسرع نحو بدء العملية من خلال تقديم مقترح أميركي يكون إطارا للقضايا الجوهرية؟

- لا أعرف، فهذا يعتمد على التفاصيل. أميركا رغم كل علامات الاستفهام التي أثيرت بشأن تأثيرها أو قوتها خلال الأشهر القليلة الماضية لا تزال أكبر قوة في العالم وأهم لاعب في المنطقة. لكن لا يستطيع نتنياهو أو أوباما أو اللجنة الرباعية الدولية التي تتكون من الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يقوموا بذلك وحدهم. فهذا يتوقف على الطرفين وعلى الكثير من التفاصيل. ينبغي أن يكون هناك دائما استعداد أميركي لتقديم أي خدمات لازمة لمساعدة الجانبين على المضي قدما.

* يرى البعض أن تقديم تنازلات الآن سوف يجعل إسرائيل تبدو في حالة ضعف، و«يكافئ» السلطة الفلسطينية على ابتعادها عن طاولة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق مصالحة مع حركة حماس التي تعدها إسرائيل والولايات المتحدة تنظيما إرهابيا..

- لا أعتقد ذلك. إسرائيل أقوى دولة على مسافة 100 ميل حول القدس، وينبغي أن نتحلى بالثقة في أنفسنا لنرى ما تم إنجازه. ما نحتاجه هو بوصلة تشير إلى وجهتنا واستعداد لاتخاذ قرار.. علينا القيام بذلك. لا يمكنني أن أخبرك على وجه الدقة أن هذا سيجدي نفعا، بل على الأرجح لن يجدي. لكن لدينا مسؤولية والتزاما تجاه التحرك واتخاذ خطوات. ينبغي أن نقوم بذلك بأنفسنا لأنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في هذه المرحلة، ستقع المسؤولية على عاتق الطرف الآخر. ربما على المدى الطويل نكتشف أننا توصلنا إلى اتفاق مؤقت أثناء سعينا لتحقيق انفراجة توصلنا إلى اتفاق شامل. لذا فلنسع إلى ذلك. ينبغي أن نستعد لثلاثة احتمالات: اتفاق ناجح يحقق انفراجة، أو حالة جمود، أو اتفاق مؤقت. في كل الأحوال تعد الاحتمالات الثلاثة أفضل من البديل الذي قد يؤدي إلى زيادة عزلة إسرائيل.

* في تقديرك، هل الفلسطينيون مستعدون للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق؟

- بات ذلك أكثر تعقيدا بالنسبة إليهم من السابق، لكن يبدو محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، لي غير صادق كثيرًا، حيث لا أستطيع أن أتكهن بطويته، على عكس سلام فياض، رئيس حكومة تسيير الأعمال. إنهم يقومون بعمل رائع في هذه المؤسسة الأساسية التي تعد من بين مؤسسات الدولة التي لا تزال في مرحلة المخاض. هناك المزيد من الحرية والسلاسة والأمن، وتراجع مستوى الإرهاب عنه في السنوات الماضية.

* هل يمكن لإسرائيل أن تعمل مع سلطة فلسطينية من مكوناتها حركة حماس؟

- يقول الناس هنا «إنها كارثة»، لكنني أقول إن هذا ليس له أي معنى، فنحن لا نستطيع القول من جانب إن عباس ليس شريكا حقيقيا، لأن أي اتفاق يتمخض عن المفاوضات لن يكون قابلا للتطبيق نظرا لعدم سيطرته على نصف الشعب، بينما من جانب آخر عندما يحاول التعاون مع الطرف الآخر (حماس) الذي يسيطر على النصف الآخر من الشعب نقول إننا ضعنا، فهذا ليس صحيحا. لكن ينبغي أن نقول بوضوح إنه إذا تم تشكيل حكومة تكنوقراط، فإننا ننتظر من تلك الحكومة التي تضم حركتي فتح وحماس أن تكون على استعداد لقبول الاعتراف بإسرائيل وكل الاتفاقات السابقة ونبذ وإدانة الإرهاب.

* كان المقربون من نتنياهو يتوقعون لعامين أنه يحمل مفاجأة للعالم من خلال المبادرة باتخاذ خطوة كبيرة مهمة تجاه السلام.. لكن يشك البعض الآن في ذلك..

- لا أعتقد أنه يحمل مفاجأة كما يقولون، أو حتى أنه سيفاجئنا من خلال اتخاذ هذه الخطوة الحتمية. إن الأمر أكثر تعقيدا، ينبغي أن يصل إلى هذه النقطة المؤلمة تحت هذه الظروف ليشعر عندها بمسؤوليته.

* هل سيصل إلى هذه النقطة؟

- أتمنى ذلك. أنا في الحكومة حتى أضمن عدم إضاعة فرصة التوصل إلى اتفاق سلام. أعتقد أنه إذا وجد نتنياهو استجابة من القيادة الفلسطينية ودعما من الإدارة الأميركية واللجنة الرباعية، ربما يتمكن من اتخاذ قرارات، فهو يدرك الواقع جيدا. أتمنى ألا يعمي الجو المرحب في الاجتماع في الولايات المتحدة سواء مع الإدارة أو في الكونغرس بصيرته. على الأرجح سيتسم الجو بالود والترحاب، لكن علينا أن ندرك أن ما وراء الود والقيم العامة الرئيسية، سيكون هناك عمل يجب إتمامه وهو دفع عملية السلام قدما.

* يطلق عليك النقاد ورقة التوت الأخيرة التي تغطي نتنياهو.. هل مشاركتك في الحكومة ستحدث فارقا في عملية السلام؟

- أنا متأكد من أنه لولاي لم تكن لتسمع خطاب جامعة بار إيلان في يونيو (حزيران) 2009، الذي من خلاله أصبح نتنياهو أول رئيس وزراء من حزب الليكود يدعم حل الدولتين. لولاي لم تكن لترى تجميد المستوطنات لمدة عشرة أشهر أو كنت ستجد إسرائيل أقل التزاما في ما يتعلق باستخدام القوة في بعض اللحظات الحساسة. كان يمكن للحكومة اليمينية أن تدفع باتجاه المزيد من العزلة على إسرائيل. وهنا يكمن دوري، حيث يقول أفراد التيار اليساري إن باراك هو ورقة التوت، بينما يقول أفراد التيار اليميني إن باراك يقود نتنياهو، لكن الواقع مختلف. في مرحلة أدفعه إلى مدى أبعد مما يعتزم، وأحيانا أقدم إشارات وأستطيع أن أمنع نقدا علنيا.

* لقد قلت في الماضي إنه إذا وقعت إسرائيل على اتفاقية سلام، فإن الولايات المتحدة سوف تزيد المعونة العسكرية المقدمة إليها للمساعدة في التصدي للمخاطر الأمنية المحتملة. فهل إذا لم تفعل إسرائيل ذلك، هل تتوقع خفض المعونة العسكرية المقدمة إليها من الولايات المتحدة؟

- من الواضح للجميع ومن ضمنهم أميركا أنه في هذه المنطقة التي تموج بالاضطرابات، تعد إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تنعم بالاستقرار. يمكنك بسهولة التبرير للجميع الحاجة إلى دعم إسرائيل. نحن نتلقى دعما كريما للغاية نحن بحاجة إليه. لكن بالطبع إذا لم نتخذ خطوات نحو الأمام، فستضعف حجتنا للحصول على المزيد من الدعم بشكل ما.

* خدمة «غلوبال فيوبوينت» خاص بـ«الشرق الأوسط»