باكستان: 16 قتيلا في اعتداءين على شاحنات «الناتو»

برقيات «ويكيليكس» تظهر تعاونا مخابراتيا مشتركا بين واشنطن وإسلام آباد

باكستانيون يتطلعون إلى شاحنة نفط تابعة للناتو بعد تدميرها بالقرب من الحدود الباكستانية أمس (أ.ب)
TT

أسفر اعتداءان منفصلان في شمال غربي باكستان أمس عن تدمير 12 شاحنة إمدادات لحلف شمال الأطلسي كانت متجهة إلى أفغانستان، مما تسبب في حريق أسفر عن مقتل 15 مدنيا على الأقل، بحسب مسؤولين باكستانيين. وفي مدينة لاندي كوتال بولاية خيبر القبلية عند الحدود مع أفغانستان تجمع السكان صباح أمس حول شاحنة صهريج لحلف شمال الأطلسي انفجرت فيها قنبلة صغيرة، لجمع البنزين الذي كان يتسرب منها. وقال المسؤول في الإدارة المحلية، سفير الله وزير، إن «الشاحنة الصهريج احترقت بعد انفجار قنبلة صغيرة»، موضحا أن «سكان المنازل المجاورة هرعوا لجمع الوقود الذي كان يتسرب من الشاحنة المتضررة بعد السيطرة على الحريق»، لكن «فجأة اندلع الحريق مجددا وأصيب 15 شخصا على الأقل، بينهم 5 فتيان كانوا يجمعون الوقود في دلاء، بحروق قاتلة». وأكد مسؤولون محليون أن كل الضحايا مدنيون ومعظمهم من الشبان، 9 منهم من عائلة واحدة. وقال مسؤول باكستاني آخر يدعى إقبال خاتاك إن 11 شاحنة أخرى بينها صهاريج كلها لحلف شمال الأطلسي دمرت ليل الجمعة/ السبت قرب توخام في شمال غربي البلاد، وأضاف أن النار اشتعلت، على ما يبدو، بعد انفجار قنبلة زرعت تحت إحداها، لكنه أكد عدم سقوط أي ضحية. ولم تتبن أي جهة تدمير الشاحنات الـ12. غير أنه غالبا ما تستهدف اعتداءات تنسب لطالبان وغيرها من الحركات المسلحة شاحنات الإمدادات والصهاريج لحلف شمال الأطلسي بهدف تعطيل إمداد الجنود الـ130 ألفا الذين يقاتلون في أفغانستان. ثلثا هذا العدد من الولايات المتحدة. ويعبر القسم الأكبر من الإمدادات والتجهيزات المتجهة إلى جنود حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، باكستان، لكن الولايات المتحدة تتفاوض من أجل التوصل إلى طرق نقل بديلة عبر آسيا الوسطى. وقد توعدت حركة طالبان الباكستانية التي أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة في 2007، وتشن من حينها حملة اعتداءات عنيفة في باكستان، بالثأر لمقتل أسامة بن لادن في 2 مايو (أيار) في عملية نفذتها مجموعة كوماندوز أميركية بمروحيات في شمال البلاد. وتبنت الحركة اعتداءين استهدفا مباشرة الولايات المتحدة منذ مقتل مدبر اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وقبل أسبوع استهدف اعتداء انتحاري مزدوج مركز تدريب الشرطة في شبقدار في شمال غربي البلاد أيضا، مما أسفر عن سقوط 98 قتيلا وأكثر من 140 جريحا.

إلى ذلك، أظهرت برقيات دبلوماسية أميركية سرية أن قوات أميركية خاصة رافقت قوات باكستانية في مهمات جمع معلومات بحلول صيف 2009، وهو كشف قد يضر بالصورة العامة للجيش الباكستاني. يأتي هذا بعد يوم من كشف النقاب عن مجموعة أخرى من البرقيات أفادت بأن رئيس الجيش الباكستاني القوي لم يوافق ضمنيا فحسب على الحملة الأميركية السرية للطائرات من دون طيار على المتشددين، بل طلب أيضا: «تغطية مستمرة من طائرات (بريديتور) للمناطق القبلية».

وذكرت صحيفة «دون» المحلية التي تقول إنها حصلت على البرقيات السرية من «ويكيليكس» إن البرقيات تكشف أن القوات الأميركية الخاصة في باكستان شاركت مع القوات الباكستانية في عمليات بباكستان بحلول 2009. ونقلت البرقيات عن السفيرة الأميركية لدى باكستان في ذلك الوقت، آن باترسون، قولها: «من خلال عمليات المرافقة نساعد الباكستانيين على جمع وتنسيق أصول المخابرات الموجودة». وواجه الجيش الباكستاني القوي انتقادا نادرا بعد غارة سرية للقوات الأميركية الخاصة أسفرت عن مقتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن قرب العاصمة الباكستانية هذا الشهر. وقال الجيش الذي أغضبته هذه العملية إن الهجوم الذي أدى إلى توتر شديد في العلاقات بين البلدين هو انتهاك للسيادة الباكستانية. لكن الباكستانيين انتقدوا جنرالات الجيش لعدم معرفتهم بالغارة. وقالت «دون» إن عدة برقيات أظهرت أن الولايات المتحدة كانت حريصة على نشر قوات أميركية مع الجنود الباكستانيين. وتشير البرقيات إلى أنه بحلول 2009 جرى توسيع الخطط الخاصة بأنشطة المخابرات المشتركة لتشمل مقار الجيش.

وكتبت باترسون: «باكستان بدأت قبول دعم الجيش الأميركي في المخابرات والاستطلاع والمراقبة لعمليات مكافحة التمرد». ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من مسؤولين عسكريين باكستانيين بخصوص هذه البرقيات. وهناك اعتراف علني في باكستان بوجود مدربين أميركيين، لكن لم يجر حتى الآن الاعتراف بمثل هذه العمليات المشتركة. وتشتد المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في باكستان لأسباب من بينها هجمات طائرات من دون طيار على المتشددين التي تعتبر انتهاكا للسيادة وتؤدي إلى مقتل مدنيين. وتشير البرقيات التي نشرتها صحيفة «دون»، أول من أمس، الجمعة، إلى أن قائد الجيش الباكستاني الجنرال اشفق كياني طلب من الأميرال مايك مولن الذي كان في ذلك الوقت رئيس القيادة المركزية الأميركية تكثيف عمليات الاستطلاع على مدار الساعة لطائرات «بريديتور» فوق وزيرستان الشمالية والجنوبية، وهما من معاقل متشددي طالبان، ونفى الجيش الباكستاني ما تضمنته هذه البرقيات.