الجامعات الألمانية: عدد المقاعد المحدود قد يدفع الطلاب إلى احتجاجات واسعة

الواقع يخالف مقولة ميركل إن ألمانيا ستصبح جمهورية للتربية والتعليم

د. أحمد آل مفرح
TT

عقدت الدكتورة ميرل هوميرتش حلقة دراسية بعنوان «الهجرة والتعليم» في جامعة يوهان فولفغانغ فون غوته في فرانكفورت بألمانيا، وكان من المفترض أن يحضر الندوة 50 طالبا، وهو عدد محدود بالنسبة للعلامات الدراسية التي يمكن أن تمنحها للطلبة. ولكن وفقا لكارمن أكشتاين، وهي طالبة كانت تكافح من أجل الحصول على مكان لها في الندوة، ظهر 400 طالب في اليوم الأول، ونتيجة لعدم وجود مقاعد، جلس معظمهم على الأرض أو وقفوا خلال الندوة.

أما قاعة المحاضرات التي يلقي بها الأستاذ بنيامين أوتمار محاضراته عن مساوئ استخدام التعليم خلال الحقبة النازية، فهي مخصصة لحضور 500 شخص، ومع ذلك قام 720 طالبا بتسجيل أسمائهم لحضور هذه المحاضرات. ويحضر هذه المحاضرات نحو 600 طالب كل أسبوع. وقال أوتمار: «لا أفهم لماذا لم يحتج الطلاب على ذلك».

وقد بدأ الطلاب احتجاجهم بالفعل، مع استعداد الجامعات الحكومية الألمانية، المكتظة أصلا، لاستقبال مزيد من الطلاب. ويقول فلوريان موهز، وهو طالب ضمن فريق العمل المعني بحل مشكلة التكدس الطلابي في جامعة فرانكفورت «تلقينا الكثير من الشكاوى الخاصة بهذا الأمر، لا يوجد ما يكفي من الأساتذة، والقاعات ليست كبيرة بما فيه الكفاية».

ويشير موهز إلى أن الفريق بعث برسالة مفتوحة إلى رئيس الجامعة ومسؤولي الدولة، يؤكد فيها على أن اتحاد الطلبة ربما يفكر في اللجوء إلى تنظيم احتجاجات، بهدف الحصول على الاهتمام، وخاصة من غير المتضررين بصورة مباشرة من هذه الحالة.

كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد تعهدت في كلمة لها نشرت على نطاق واسع في عام 2008 بأن ألمانيا ستصبح جمهورية للتربية والتعليم، تحقق حلمها بسرعة كبيرة. وهناك عدة عوامل تزيد من ارتفاع عدد الطلبة في الجامعات، بما في ذلك الرغبة في فرص الحياة التي يوفرها التعليم الجامعي، وإلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية، وخفض عدد مراحل التعليم الثانوي عاما واحدا.

بيد أن البروفسور ماتياس جاروتش، المتحدث باسم الرابطة الألمانية للأساتذة والمحاضرين، يقول إن الحكومة فشلت في تدعيم رؤيتها بالتمويل، مما تسبب في زيادة عدد الطلبة. وطالبت الرابطة الدولة والحكومات الفيدرالية بضخ المزيد من الأموال في التعليم. وقال جاروتش: «نحن نعمل الآن بمعدل 60 طالبا لكل أستاذ. ولا يمكن الاستمرار في هذا النظام بعد ذلك».

وتقول بعض الجامعات إنها تحاول التخطيط للمستقبل من خلال توظيف المزيد من أعضاء هيئة التدريس وتوفير المزيد من قاعات المحاضرات. ومع ذلك، يتفق الأكاديميون والخبراء على أن هناك حاجة إلى مزيد من الأموال الحكومية لإصلاح نظام عفا عليه الزمن ومطالب في الوقت ذاته باستيعاب الكثير من الطلاب خلال السنوات المقبلة.

وبحسب تصريحات جاروتش، تمت إضافة نحو 200.000 طالب للنظام الجامعي خلال السنوات الثلاث الماضية، بزيادة قدرها نحو 10 في المائة، وفقا لمكتب الإحصاء الاتحادي الألماني. وبحلول عام 2020، يتوقع زيادة عدد الطلاب بمقدار 300.000 طالب.

وقال أولاف كالتينبورن، المتحدث باسم جامعة يوهان فولفغانغ فون غوته، إن الجامعة قد شهدت ارتفاعا في عدد الطلاب إلى نحو 38.000 طالب، بزيادة قدرها 7000 طالب خلال السنوات الثلاث الماضية.

وأضاف أن عدد الطلاب في معظم الأقسام يتجاوز قدراتها، فعلى سبيل المثال، نجد أن العدد الموجود في قسم التاريخ والفلسفة يشكل 170 في المائة من طاقة القسم، ومن المتوقع زيادة الضغط، لذلك أنشأت الجامعة فرقة عمل للتعامل مع العدد المتزايد من الطلاب بعد قرار المدارس الثانوية في ألمانيا بإلغاء السنة الثالثة عشرة من الدراسة خلال السنوات القليلة المقبلة. وقال كالتينبورن: «لا نريد أن يتم النظر إلينا على أننا نواجه العاصفة على نحو أعمى».

وتقول أكشتاين إن الطلاب الجدد من أمثالها يتلقون تحذيرات من زملائهم الأقدم في الجامعة بأنهم لن يتمكنوا - بسبب العدد الكبير للطلاب - من الحصول على الدورة بصورة جيدة وبشكل كامل. ويحصل طلاب السنة الأخيرة من الدراسة على أفضلية حتى يتمكنوا من التخرج.

وأضافت أن أول جملة يتفوه بها الأستاذ الجامعي عادة ما تكون «طلاب الفصل الدراسي الأول يجب أن يرحلوا».