رئيس اللجنة التعليميةفي «الشورى السعودي»: «الرخصة التعليمية» لا تهدف لتسريح المعلم

قال إن الأشهر القليلة المقبلة ستشهد تصويتا على مشروعيتها

TT

دافع الدكتور أحمد آل مفرح، رئيس اللجنة التعليمية في مجلس الشورى السعودي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، عن «رخصة المعلم»، التي شهدت وقعها قبة الشورى قبل ثلاث سنوات، مبينا أنها وضعت لمنهجة العمل التطويري، ولتحسين مستويات الجودة، مشيرا في ذات السياق، إلى أن المعلم يجب أن يحصل على حقه المالي الذي أخذ منه، قبل أن يطلب منه، تطبيق معايير عالمية في الأداء من أجل تحسين مخرجات التعليم.

وتوقع آل مفرح أن يشهد الشورى تصويتا على القرار في غضون الأشهر القليلة المقبلة، قبيل رفعها للجهات العليا لمناقشة امتيازاتها المالية، وتدشينها رسميا، فكان هذا الحوار:

* لم تهدأ قبة الشورى في الحديث عن رخصة المعلم، حدثنا عنها، وما هي الجدوى من إنشائها؟

- الرخصة أتت ضمن عدة أسباب جوهرية، فيما يتعلق برفع كفاءة المعلمين، من النواحي المعرفية والمهارية، وهو ما ينعكس إيجابا على مهارات التعليم، ودائما ما يتم التركيز في المدرسة على المعلم، بحكم أنه البناء المعرفي وحجر الزاوية في عملية التعلم، فلا المبنى ولا البيئة ولا الكتاب، تفيد بغياب معلم فاعل، فهو الوحيد الذي يستطيع إيصال مادته العلمية باقتدار، ومتطلب الرخصة هو المفضي للجودة، وهي متطلبات عالمية، ودعني أضرب لك مثلا باختبارات الثانوية العامة، وانخراط الطلاب في اختبارات القياس والتقويم، فهل هو عدم ثقة في اختبارات الثانوية العامة؟ بالطبع لا، ليس بالضرورة.

* ما هي الأهداف المنوطة بها؟ وكيف سيتم تفعيل دور الشراكة مع الجامعات لمأسستها؟

- من ضمن أهداف الرخصة العامة أن تحسن الجامعات مخرجاتها، وتطور الأدوات المعينة للمعلمين، لتعدهم إعدادا مناسبا فيما يتعلق باختبارات الكفايات، يتسق مع أهمية المرحلة، وحينما يكون لديك نظام تحت مظلة واحدة، يلزم الجامعات حينها أن تعدل من برامج إعدادها، حتى تضمن أن خريجيها منافسون يستحقون الدخول في مجال التعليم، وحين إقرار الرخصة بشكل فاعل، سيتعين على الجامعات حينئذ أن تحسن من مخرجاتها، سواء عن طريق النواحي المعرفية، أو النواحي المهارية بما يختص بأساليب التدريس، فضلا عن النواحي التربوية، بكل تأكيد، يجب أن يأتي وقت يحسن فيه اختيار المعلم والمعلمة، بحكم أن لدينا أعدادا هائلة من الخريجين، ونحن نفتقر في السعودية إلى المعايير المحكمة التي من شأنها أن يكون المخرج من أفضل الكفاءات وأجودها، والمعايير الموجودة في الخدمة المدنية هي معايير وظيفية، وليست مهنية، وهنا فرق أن الخدمة المدنية تتعامل مع خريجي الجامعات، وهنا يطرح التساؤل: هل المعلم هو الأفضل مهاريا للتدريس؟، هل هو الأكفأ بين أقرانه؟

* يواجه مشروعكم بانتقادات واسعة بين أوساط التربويين، برأيك ألا يعتبر عبئا إضافيا على كاهل مثقل بالأساس؟

- نحن نرنو لأن يكون التعليم مهنة، كما هو حاصل في الطب، فحين جاءت هيئة التخصصات الطبية ألزمت بدخول الاختبار كشرط للانخراط بالمهنة طبيا، وهو ما دفع بمؤسسات طبية لأن تعد برامج طبية، ودورات تأهيلية للرفع من كفاءة الأطباء والممرضين على حد سواء، ونحن في التعليم، نسعى لنصل لمرحلة لا ننظر فيها إلى الجامعة التي تخرج منها المعلم بقدر المعايير التي تمأسس قبوله كمعلم في قطاع التعليم والتربية، ونحن نسعى للوصل لمعلمين مهيأين مهاريا ومعرفيا للميدان التربوي. هناك جانب من المعلمين والمعلمات يعتقدون أننا أتينا بهذا النظام كي نسرح من هم على رأس العمل، بل سننا رخصة العمل من أجل التطوير، وإلزام الجامعات بأن ترفع من برامجها التأهيلية، ونلزم أيضا الجهات المنظمة كوزارة التربية والتعليم، أن تعد البرامج التدريبية والإثرائية ورفع التأهيل لمن هم على رأس العمل، ولا نستطيع أن نأتي بالمعلم بعد تخرجه في الجامعة، ونقول له أتى دورك لأن تدرب نفسك، نحن نعلم الخلل الذي لديه ونحن نعمل على تدريبه وتأهيله، ونعطيه الوقت الكافي الذي يستطيع من خلاله أن ينهض بمستواه، ونحن باختصار نريد أن نرفع من قدرة ومكانة المعلم السعودي في نهاية الأمر.

* ما هو الحد الزمني لإصدار الرخصة؟

- الرخصة لم توضع لها حدود زمنية، وهي كمقترح قدمته قبل ثلاث سنوات، وافق عليه المجلس لملاءمته، تخلله ورشة عمل مع تربويين في المنطقة الشرقية، وأجريت عليه بعض التعديلات على المسودة الأولى، ووافقت عليه اللجنة في حينها، ثم عمل على تنقيحه من المجلس الاستشاري بالشورى، ثم تمت قراءته أوليا في المجلس، وكان لبعض أعضاء المجلس بعض الملحوظات عليه، طلب النظر فيها قبيل التصويت على المشروع، وأتوقع التصويت عليه إما بعد شهرين أو خمسة أشهر من الآن.

* دكتور أحمد ألا تعتبر سبر أغوار الرخص التعليمية إغراقا في التنظير؟

- من قال لك إنني أقوم بعملية تنظير، أنا لا أتكلم من برج عاجي، أنا بالأساس معلم خرج من معترك العملية التربوية، تمرست في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية وكلية المعلمين، لم نأت في الشورى أكاديميين من أجل التنظير، شخصيا خرجت من الفصل الدراسي، وأعلم العبء التدريسي، وضغط الـ24 حصة، لذلك لا بد أن تتهيأ الظروف ولا بد من تهيئة المجال الذي يتدرب المعلم فيه، والزمان الذي يتدرب فيه، والحوافز المشجعة على ذلك، سواء كانت مادية أو معنوية، ونحن نتحدث عن نظام لسنوات طويلة قادمة، نظام يستوعب الأجيال القادمة، وهي مسؤولية يجب أن نتحملها معا، وندركها كذلك، ولدينا هدف في آخر المشوار، هو أن نرتقي بالخدمة بشكل ممنهج ومنظم.

دعني أضرب لك مثلا، كيف أن العالم بدأ بهذا الأسلوب، أميركا على سبيل المثال، قضوا سنوات طوالا من أجل الحصول على ترخيص للمهنة، ونحن نستشرف الـ15 سنة المقبلة فيما يتعلق بمهنة التعليم.

* أنت تتكلم عن مراحل متقدمة، في وقت قفزت فيه عن حقوق المعلم المالية والمعنوية؟

- صدر من المجلس 3 قرارات مهمة، تناشد منذ أكثر من 8 سنوات، صب جلها حول وجوب إعطاء المعلم حقه، وظلم كبير أن لا يعطى حقا مستحقا، ولا أستطيع أن ألزم المعلم بأدوار منوطة، وهو محروم من أبسط حقوقه المالية، نريد إعطاءه كامل حقوقه، ومن ثم نطالبه بالعمل، فله حقوق مالية ومعنوية، ويحق له أخذ راتبه الذي أقره له النظام، والمميزات كذلك، بالإضافة إلى الفروقات المستحقة، وأي شيء له حق فيه فليأخذه، ونحن نتعامل مع قضايا استراتيجية مستقبلية على الرغم من الاستحقاقات الآنية، ولا يمكن أن أكلف المعلم بشيء داخل محيطه المدرسي ثم أطالبه بجودة التعليم، يجب أن أصف وبدقة، ما هي واجبات المعلم المدرسية، فالمعلم بات يقوم بكل شيء، فتسند إليه المهام الإدارية، والأنشطة، ومراقبة الطلاب، ومهام مستودعات، وخطابات لمعاملات، وصادر ووارد، ونحن نسعى إلى خلق توصيف مهني سليم ودقيق لمهام المعلم، وأي مهمة يقوم بها خارج التوصيف يجب أن يدفع له مقابل شأنه في ذلك شأن أي موظف حكومي.

* برأيك كيف ستتمكنون من إعادة هيبة المعلم؟

- يجب أن تعاد للمعلم هيبته وكرامته، والاحترام في جو المدرسة، بمعنى ألا نضيق عليه في التعاميم والتعاملات اليومية، سواء كان في المنهج بما يختص بالتدريس وأساليبه، أو من خلال تعامله مع الطلاب والآلية التي يستخدمها، وهناك لائحة بالسلوك ويجب على المعلم أن يكون ضليعا باستخدامها، وليس صحيحا أن نتحدث عن الضرب وكأنه الأسلوب الوحيد الذي سيعيد كرامة المعلم وهيبته، هذا أمر غير صحيح، والعقلاء التربويون لا يقرون هذا المبدأ، وعملت لائحة السلوك كبدائل للضرب، وهي للأسف لم تفهم من أغلب إدارات المدارس والمعلمين، ويؤسفني كذلك أنه لم تعقد لهم حتى دورات في هذا الإطار، وهي لائحة مهمة في ضوء ضبط الفصل، وإعادة احترام المعلم، وهي أداة من ضمن أدوات، وشهدت غيابا حتى في فهم أولياء الأمور لها، وغياب ثقافة تعزيز مفاهيم تلك اللائحة خلق لدينا فجوة بين ما هو مكتوب وما هو مفعل، ومن الفعل كبديل عن الضرب أن يتمتع المعلم بشخصية يستطيع من خلالها انتزاع الاحترام من الطالب في الفصل، والمعلم حين يبدأ بنصاب 24 حصة في بداية مشواره التعليمي، هو أمر معقول، شريطة أن يقوم بالتدريس على منهج واحد، وهو معقول لشاب في بداية حياته المهنية، وتعدد المناهج لهذا النصاب، دفعني لخلق مفهوم المعلم المساعد.