معركة كلامية بين رئيس البرلمان العربي ونائب سوري بشأن الأوضاع السورية

الدقباسي: بيان البرلمان حول سوريا «مخجل»... الحسن: نعم للإصلاح والحديث عن الجيش السوري خط أحمر

جانب من اجتماعات البرلمان العربي في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

حالة من السجال والشد والجذب غلفت اجتماع الدورة العادية الأولى للبرلمان العربي في ختام جلساته المستأنفة لعام 2011 التي عقدت بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة أمس، كان بطلاها رئيس البرلمان العربي علي سالم الدقباسي (كويتي)، ورئيس لجنة الشؤون السياسية السوري عبد العزيز الحسن. وتباينت أقوال كل منهما بخصوص ما يجري حاليا في سوريا والأحداث المتصاعدة فيها، حيث طالب الدقباسي أعضاء البرلمان باتخاذ موقف حاسم إزاء ما يحدث في سوريا، منتقدا البيان الذي توافق عليه البرلمان فيما يتعلق بالوضع في الدول العربية، ووصفه بأنه «مخجل» خاصة أنه لم يشر لما يحدث في سوريا بشكل محدد.

وقال الدقباسي إنه تعرض لتهديدات وضغوط لعدم فتح هذا الموضوع، وتهديده بطرح موضوع البحرين إذا طرح موضوع سوريا. وتابع قائلا: «ما يحدث في سوريا لم يدرج على جدول الأعمال، ولولا اقتراحي ما نوقش الوضع في سوريا»، متسائلا «كيف يجتمع البرلمان ولا يتناول ما يحدث في سوريا وليبيا من قمع وقتل ووأد وهم يطالبون بالحرية والكرامة».

واعتبر الدقباسي أن البرلمان أمام أكبر امتحان عربي، فالحكومات العربية محرجة ولا تتخذ قرارا، وتسكت عن أنين المعتقلين، وأصوات المطالبين بالحرية. وطالب رئيس البرلمان العربي بوقف آلة القتل وأن يحاسب القتلة، مؤكدا «إننا أمام فرصة تاريخية، إما أن يكون البرلمان وصمة عار أو يدافع عن الحق، فلا يمكن أن نسكت على ما يجري في الشام أو ليبيا والكويت أو غيرها». وتساءل: «ألم تتخذ الجامعة العربية موقفا تجاه ليبيا، لماذا لا يكون هناك إجراءات تجاه ما يحدث في سوريا، هل هناك صفقة ما، هناك مسؤولية علينا وهي أن نزود عن حريات الشعوب العربية».

وتابع: «لا أستطيع أن أنام وهناك أمهات ثكلى وأطفال أصبحوا أيتاما، هذا كلام حتى أخواتنا في الجنوب السوري لا يخالفوننا عليه»، واختتم حديثه بالقول: «حاولت أن أكون محايدا ومتزنا واخترت كلماتي بعناية، ولكن القرار لكم، أحثكم أن لا تخذلوا الشباب، وأتيحوا الفرصة للشعوب العربية للثقة في مؤسساتها». من جانبه، انتقد عبد العزيز الحسن رئيس لجنة الشؤون السياسية (سوري) التي وضعت مشروع البيان، حديث رئيس البرلمان، قائلا إن الحديث عن الجيش السوري خط أحمر، وتساءل: «هل الجيش السوري جيش محتل»، مشددا على أنه جيش قومي وله ماله في الدفاع عن القضايا الوطنية.

وتساءل الحسن: «من هدد الدقباسي، ومن هو لكي يتم تهديده؟»، قائلا إن الموضوعية غابت في حديثه.

وشدد الحسن على أن «البرلمان العربي مؤسسة، وسوريا من أولى الدول التي دعمت هذا البرلمان لكي يقوم بدوره بل إنها دولة المقر، وأرادت أن يكون هذا البرلمان عروبيا لا أن نحوله - سواء كنا ندري أو لا ندري - إلى أداة لتنفيذ أجندات أجنبية تجاه أمتنا العربية، فهذا نوع من الخيانة»، واستدرك قائلا «لا أتهم أحدا».

وقال لقد خرجنا بهذا البيان لأن هناك قواسم مشتركة سلبية بين معظم الدول العربية، وأردف: «نعم للإصلاح في سوريا وأي دولة عربية، ونعم لفتح حوار وطني مع كافة أطياف الشعب في سوريا وغير سوريا، نعم لمحاكمة كل من ارتكب جريمة بحق مدني أو عسكري».

وقال الحسن إن سوريا قامت بإصلاحات ولكن للأسف هناك حفنة اعتقدت الحكومة أنها تريد الإصلاح، ولكن تبين أن الإصلاح وسيلة ولم يعد هدفا، وكان واجب الدولة أن تحفظ الأمن والاستقرار في البلاد. وأضاف أن «ما يحدث لدينا في سوريا يعد تنظيما، ولا أريد أن أذكر بعض المصطلحات التي قد تثير لدى زميلنا تشنجا أو حساسية (في إشارة لرئيس البرلمان)، ومن واجب الدولة أن تقوم بالقبض عليهم، وإن استخدموا السلاح، فواجب الدولة أن تستخدم السلاح».

واستعرض الحسن الخطوات الإصلاحية التي قامت بها سوريا مثل قانون الأكراد وقانون الأحزاب وقانون الانتخابات وإلغاء حالة الأحكام العرفية. وتساءل «لماذا لا نذكر إلا الجانب السلبي دائما»، مؤكدا أن سوريا لم تنكر وقوع جرائم وشكلت لجنة للنظر فيما حدث في درعا ولجانا أخرى على مستوى المحافظات. قائلا: «تطالبون بمحاسبة من ارتكب هذه الأعمال الإجرامية، هناك لجان سوف تصدر قراراتها بسرعة ويحالون للمحاكم».

وفي جانب آخر من السجال الذي شهدته الجلسة؛ انتقد محمد الحسن الأمين (سوداني) وصف رئيس البرلمان لمشروع البيان بأنه «مخجل»، وقال: «أعتقد أن فيه إساءة للجنة وأرجو أن يتم سحبها من مضابط الجلسة». وأقر البرلمان البيان كما جاء من اللجنة السياسية، فيما تصافح كل من رئيس البرلمان وعبد العزيز الحسن بعد انتهاء الجلسة، تأكيدا على عدم وجود أي رواسب بينهما.

وحول تطور الأوضاع في بعض الدول العربية، قال البرلمان في بيان له «لقد تابع البرلمان العربي باهتمام بالغ تطور الأوضاع في بعض الدول العربية وتداعياتها الوطنية والإقليمية والدولية، وإن البرلمان العربي إذ يؤكد على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي هذه الدول وضرورة الحفاظ على وحدة النسيج الوطني لشعوبها في مواجهة المخططات الخارجية والصهيونية التي تستهدف زرع بذور الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد، بالعمل على تقسيم هذه الدول، فإنه يشدد على ضرورة وقف نزيف الدم بين أبناء الوطن الواحد واحترام القانون وتعزيز حقوق الإنسان واحترام إرادة شعوبها وحقوقها المدنية والسياسية».

وأكد البرلمان أهمية فتح الحوار الوطني بين مختلف الأطياف الوطنية بما فيها قوى المعارضة، كما يؤكد على أهمية الإسراع في تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية وإطلاق الحريات ووقف الاعتقالات التعسفية للمواطن العربي وفتح المجال للوسائل الإعلامية للتعرف عن قرب على مسار الأحداث بكل شفافية وموضوعية وبما يحقق الأمن والاستقرار السياسي والسلم الأهلي وتحقيق تطلعات الشعوب العربية في نيل حقوقها المدنية والسياسية.

وأضاف البيان: «يعبر البرلمان العربي عن قلقه ورفضه للصراعات الداخلية والزج بالجيوش العربية في صراعات مع شعوبها ورفض استعمال القوة للوصول للسلطة أو البقاء فيها». أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقد أوضح البرلمان أن تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية يشكل حجر الأساس في مواجهة المخططات الصهيونية الرامية إلى استمرار الاحتلال والاستيطان، وثمن البرلمان اتفاق المصالحة الفلسطيني وقال إنه شكل وباستمرار مطلبا أساسيا، وبذل فيه الكثير من الجهود المتواصلة من أجل تحقيقه، وأكد على أن هذا الاتفاق سيعزز مكانة الشعب الفلسطيني، ويزيد من قدرته على الصمود ومقاومة الاحتلال من أجل تحقيق أهدافه في العودة وتقرير المصير وقيام دولته المستقلة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس.