نظام القذافي يبحث عن اتفاق سلام عبر حلفائه في أفريقيا وأميركا الجنوبية

وزير ليبي لـ «الشرق الأوسط»: العقيد مستعد للقبول بتغييرات جذرية.. وكل الأمور قابلة للتفاوض بما فيها وضعه

شابة ليبية تلتقط صورا للمقذوفات الفارغة والاسلحة المستخدمة خلال المواجهات بين الثوار وقوات القذافي في مصراته ( أ ب)
TT

بينما تتزايد الضغوط الدولية والداخلية على العقيد معمر القذافي لإجباره على التنحي عن السلطة التي يقودها منذ نحو 42 عاما، قالت مصادر رسمية ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن نظام القذافي يسعى عبر الاستعانة بمجموعة من حلفائه في قارتي أفريقيا وأميركا الجنوبية إلى إقناع المجتمع الدولي بضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية.

ومع أن القذافي الذي اعتاد أن يمنح نفسه لقب عميد الحكام العرب نظرا لكونه الأطول بقاء في السلطة، ما زال يتولى رسميا رئاسة الدورة الحالية للقمة العربية، فإن الزعيم الليبي على ما يبدو تزايدت عزلته حتى داخل العالم العربي. وتقلصت إلى حد كبير الاتصالات شبه اليومية التي اعتاد القذافي تلقيها أو إجراءها مع زعماء عرب آخرين منذ اندلاع الثورة الشعبية في السابع عشر من فبراير (شباط) الماضي.

واعترفت ثلاث دول عربية حتى الآن، هي الكويت وقطر والإمارات، بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل شرعي للشعب الليبي، وأسقطت شرعية القذافي، بينما تقول دول الجوار الجغرافي لليبيا، مثل مصر وتونس، إنها اتفقت على الحياد بشأن الحرب السياسية والعسكرية المحتدمة في الجارة ليبيا.

وبحسب مصادر عربية لـ«الشرق الأوسط»، فقد تلقى القذافي ضربة موجعة من الجامعة العربية بتعليق عضوية ليبيا، ومنع ممثلي نظام حكمه من المشاركة في أي اجتماعات تعقد على أي مستوى، لكن هذا الاتجاه لم يمنح في المقابل المجلس الانتقالي مقعد ليبيا الخالي في الجامعة.

وبعدما فقد مكانته الدعائية والسياسية في العالم العربي، يسعى القذافي جاهدا لإقناع من تبقى من حلفائه في أفريقيا وأميركا الجنوبية، بمد يد العون لإخراجه من ورطته الحالية. وقال وزير في الحكومة الليبية لـ«الشرق الأوسط» إن «الحل العسكري لن يجدي، من الأفضل أن نجلس جميعا برعاية دولية لوقف نزيف الدم. ما يجري سيؤدي في نهاية المطاف إلى تقسيم البلاد».

واعتبر الوزير، الذي طلب عدم تعريفه في اتصال هاتفي من طرابلس، أن القذافي مستعد للقبول بتغييرات جذرية على النظام الجماهيري الذي دشنه في البلاد منذ عام 1977، وأن كل الأمور قابلة للتفاوض بما في ذلك وضع القذافي نفسه. وتابع «قد نحتكم لمفاوضات نزيهة وبمراقبة دولية لتقرير مصير القذافي. الشعب الليبي وحده من هو سيفعل ذلك. على حلف الناتو أن يوقف فورا قصفه الصاروخي والجوي في أسرع وقت. يجب إنضاج الحل السياسي، هذا هو الحل ولا شيء غيره».

وأكد المسؤول الحكومي نفسه أن «مقتل القذافي أو اغتياله لن يحل الأزمة في ليبيا، فالنظام الموالي له سيستمر في المواجهة ولن يضع السلاح ولن يستسلم»، على حد قوله.

وما زال سيف الإسلام، النجل الثاني للقذافي، يروج لدى بعض أصدقائه الغربيين خارج ليبيا لإمكانية بلورة حل سياسي يتضمن ما تصفه مصادر دبلوماسية عربية وغربية في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» بـ«الخروج المشرف». ونقلت المصادر عن سيف الإسلام قوله «يجب وقف هذه الحرب المجنونة على الفور. إذا اعتقد الناتو والمتمردون أن إطالة الصراع العسكري ستصب في صالحهم فهذا ليس صيحا على الإطلاق».

وسخر نجل القذافي من تصريحات أدلى بها مؤخرا وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني مفادها أن «الساعات باتت معدودة بالنسبة لنظام القذافي». وكان فراتيني قد لفت في تصريحات تلفزيونية مؤخرا إلى أن «البعض ممن هم داخل الطوق المحيط بالقذافي بدأ يقول إنه يبحث عن مخرج مشرّف، دون أن يُقتل بالتأكيد، ولا أحد يريد هذا».

وتعقيبا على هذه التصريحات نقلت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن نجل القذافي قوله «هم يراهنون على عنصر الوقت، والزمن في صالحنا. سكان ليبيا ستة ملايين نسمة، وليسوا فقط حفنة من المتمردين».

من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الليبية عن دانيال أورتيغا، رئيس نيكاراغوا، دعوته إلى عقد اجتماع عاجل للأمم المتحدة لوقف ما وصفه بـ«عدوان الناتو الصليبي الاستعماري على شعب ليبيا». وقالت الوكالة إن أقوال أورتيغا وردت خلال كلمته بالجلسة الختامية للدورة السابعة عشرة لتجمع سان باولو التي أقيمت منذ يومين في العاصمة «ماناغوا».

وقال أورتيغا، الذي تربطه علاقات وطيدة وصلات شخصية قوية بالعقيد القذافي، إن الشعب الليبي «هو وحده الذي يجب أن يقرر مصيره، ويحل مشكلاته بنفسه،و هو قادر على ذلك بقيادة أخي القذافي الذي كان أول من دعا إلى وحدة أميركا اللاتينية وتلاحمها مع أفريقيا لإقامة فضاء جنوب - جنوب، وبقي يعمل من أجل ذلك حتى تحققت فكرة تلاحم الفضاءين».

وفى خطوة لافتة للانتباه من حليف استراتيجي للقذافي، اعترف الرئيس السنغالي عبد الله واد بالمجلس الانتقالي كمعارضة شرعية لنظام القذافي، وقال إنه يتعين منحه دعما دوليا ليقود تحول البلاد إلى انتخابات ديمقراطية. وقال بيان للرئاسة السنغالية «الرئيس واد أعلن أنه يعترف بمصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي والقوى السياسية التي يمثلها باعتبارها المعارضة القائمة والشرعية التي يتركز دورها الطبيعي، مع الدعم الأفريقي والدولي، على إعداد المؤسسات الجمهورية في ليبيا من خلال انتخابات حرة ونزيهة وشفافة». وجددت السنغال التأكيد على موقفها بأن عملية تنحية القذافي عن السلطة أمر «لا رجعة فيه».