سوريا: «أحد» الاعتقالات يسفر عن توقيف 80.. والأمن ينكر وجود معتقلين

إطلاق نار في حمص على مشيعي ضحايا السبت.. والمرصد السوري يتحدث عن 1003 قتلى منذ الأزمة

طفل سوري في منطقة وادي خالد اللبنانية يرفع اشارة النصر أمس (رويترز)
TT

شنت السلطات السورية، أمس، حملة اعتقالات واسعة في مناطق مختلفة من سوريا كانت حصيلتها نحو 80 شخصا على الأقل، كما أفاد ناشطون سوريون لـ«الشرق الأوسط»، في حين أطلقت قوات الأمن السورية النار لتفريق مظاهرات في حمص، التي شيعت مع مدينة سقبا في ريف دمشق قتلى سقطوا السبت برصاص قوات الأمن السورية.

وبثت مواقع المعارضة السورية على «فيس بوك» مقاطع فيديو تصور مظاهرة، شارك فيها المئات في مدينة حمص، وأطلق خلالها المشاركون هتافات «الله أكبر يا بلادي كفى» بالإضافة إلى شعارات مناهضة للنظام.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد الشهود من مدينة سقبا في ريف دمشق، أن «أكثر من 10 آلاف شخص شاركوا في تشييع جنازة شخص قتل السبت في المدينة، وأطلقوا هتافات تدعو إلى إسقاط النظام، من دون أن تتدخل قوات الأمن». لكن الصورة كانت مختلفة في حمص التي شيعت القتلى الخمسة الذين سقطوا السبت برصاص قوات الأمن لدى مشاركتهم في تشييع 13 شخصا قتلوا الجمعة. إذ أكد رئيس «المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان» عمار القربي أنه «حصل إطلاق نار من قبل قوات الأمن في حمص لدى تشييع قتلى أول من أمس (السبت)»، مشيرا إلى أنه «لا تزال المنطقة الممتدة من تل النصر إلى ساحة العباسية حيث تم التشييع محاصرة»، ولفت إلى «حصول اعتقالات في حمص، وخصوصا في منطقتي باب عمرو وباب السباع، وفي منطقة إدلب (غرب) وخصوصا في مدن أريحا وبنش ومعرة النعمان وكفرنبل».

في المقابل، شيعت قرية حمام قنية في محافظة طرطوس الشرطي محمد علي شعبان. ونقلت وكالة الأنباء السورية عن المشيعين من أبناء القرية والقرى المجاورة ضرورة «الحفاظ على الوحدة الوطنية وحماية أمن واستقرار سوريا لإفشال المؤامرة التي تستهدف النيل من هذا الوطن». وكان مصدر في وزارة الداخلية ذكر أن «الشرطي محمد علي شعبان استشهد مساء أمس (السبت) بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل عصابة إرهابية مسلحة في منطقة سقبا بريف دمشق».

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «اعتقال العشرات في قرية خربة غزالة في ريف درعا، حيث فرض حظر التجول». وبدأ ناشطون سوريون حملة دعم على المواقع الاجتماعية على الإنترنت للإفراج عن عبد الرحيم درويشة، وهو ناشط قال أقرباؤه إن عناصر أمنية اقتحمت منزله منذ نحو أسبوع وأخذوا حاسوبه الشخصي وذهبوا به. وعندما سألوا عنه في فرع فلسطين حيث قيل إنه هناك جاء الرد بأنه لا يوجد أحد عندهم بهذا الاسم، وأنه لا يوجد عندهم معتقلون أصلا. وأفاد ناشط سوري لـ«الشرق الأوسط» بأن قوات الأمن اعتقلت الشيخ ماهر الزيات قبل ظهر أمس من أمام جامع السلطان إبراهيم بن الأدهم عندما كان قادما لتأدية صلاة الظهر.

وأفرجت السلطات السورية، أمس، عن المعارض أنور البني البالغ من العمر 51 عاما بعد أن أنهى حكما بالسجن لسبع سنوات صدر بحقه عام 2007 على خلفية توقيعه على «إعلان دمشق - بيروت». وقال رئيس المركز السوري للدفاع عن المعتقلين وعن حرية التعبير، المحامي خليل معتوق، إن «السلطات السورية أفرجت الأحد عن الناشط أنور البني بعد أن أنهى مدة الحكم الصادر بحقه بتهمة نشر أنباء كاذبة».

واعتقل البني في مايو 2006 مع 9 معارضين آخرين بعد توقيع إعلان «بيروت - دمشق. دمشق - بيروت»، الذي دعا إلى إصلاح العلاقات بين لبنان وسوريا، وحكمت محكمة الجنايات في دمشق عليه بالسجن 5 سنوات وبدفع غرامة مالية قدرها مائة ألف ليرة سورية بتهمة «نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة». وكانت أحزاب المعارضة السورية العلمانية وقعت في عام 2005 وثيقة تأسيسية عنوانها «إعلان دمشق» طالبت بإحداث «تغيير ديمقراطي وجذري» في سوريا. وقال معتوق إن البني «أنهى محكوميته في 17 مايو»، إلا أنه لفت إلى أن السلطات اقتادته على الأثر «إلى أحد فروع الأجهزة الأمنية»، مضيفا «كنا نأمل أن يتم الإفراج عنه فور انتهاء مدة حكمه وليس إحالته إلى الأجهزة الأمنية، وخاصة بعد انتهاء العمل بحالة الطوارئ، وبخاصة أنه لم يستفد من منح ربع المدة». وكانت 11 منظمة حقوقية سورية أعربت الجمعة في بيان مشترك عن «قلقها الشديد» إزاء استمرار احتجاز البني على الرغم من انتهاء مدة الحكم الصادر بحقه، مطالبة بالإفراج عنه.

إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في وزارة الداخلية قوله إن «شرطيا قتل مساء السبت بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل عصابة إرهابية مسلحة في سقبا». وأشارت الوكالة إلى أن «عدد شهداء قوى الأمن الداخلي وصل إلى 32 شهيدا، منذ بداية الأحداث التي تمر بها سوريا في الوقت الذي وصل فيه عدد الجرحى منهم إلى 547».

أما المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد أعلن أن «حصيلة القتلى وصلت إلى 1003 قتلى هم 863 مدنيا و140 من رجال الأمن والجيش، منذ بداية حركة الاحتجاجات التي تشهدها سوريا». وذكرت «سانا» أن «مجموعات تخريبية مسلحة في مدينتي أريحا والبوكمال أقدمت على تدمير وحرق بعض الممتلكات العامة والخاصة وبعض الوحدات الشرطية». وأوضحت أن عناصر هذه المجموعات أقدمت على اقتحام بعض المباني الحكومية في مدينة أريحا بمحافظة إدلب ومن بينها مبنى قيادة المنطقة ومكتب البريد والهاتف ومقر شعبة حزب البعث والوحدات الزراعية والشرطية فدمروا وكسروا وأتلفوا محتوياتها وسرقوا بعضها وعمدوا إلى إضرام النار فيها. وأشارت إلى أنه في مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور «أقدم عدد من المخربين على حرق 5 سيارات للشرطة وبعض المؤسسات الخاصة والعامة».

ونقلت صحيفة «تشرين» الحكومية، أمس الأحد، عن مصدر في وزارة الداخلية «أن 5 من عناصر الشرطة أصيبوا بجروح ليل الجمعة في محافظة إدلب جراء اعتداء مسلح عليهم من مجموعة إرهابية مسلحة». كما أوردت عدة روايات حول قيام «مجموعات تخريبية مسلحة» بالتعبير عن «مفهومها للحرية الذي ترفعه شعارا» في مدينتي أريحا (غرب) والبوكمال (شرق) «فأقدمت على تدمير وحرق بعض الممتلكات العامة والخاصة». وأرفقت بالخبر أربع صور بينت احتراق سيارة للشرطة وآثار حريق وتخريب لأبنية وكتبت تحتها «مفهوم الحرية.. التخريب وحرق الممتلكات العامة والخاصة».

واعتبرت صحيفة «البعث» الناطقة باسم الحزب الحاكم أن «كذبة الحرية التي رفعها المخربون لم تسلم منها الممتلكات العامة والخاصة والقوى الأمنية»، في حين رأت صحيفة «تشرين» أن «الطريق إلى الهدوء ليس طويلا لأن شعب سوريا يعرف أن حياته لن تمر عبر الطائفية الخادمة لمنطق الاحتلال والمبررة لعدوانه».