العراقيون يطلقون على عاصمة إقليم كردستان «دبي العراق»

مطار أربيل الدولي يستقبل ويودع نصف مليون مسافر.. ومشاريع استثمار بمليارات الدولارات

صالة استقبال المسافرين في مطار أربيل الدولي («الشرق الأوسط»)
TT

تستقبل أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، زائريها من خلال مطارها الدولي الحديث، والذي يعد واحدا من أكبر خمسة مطارات في العالم من حيث سعة مدرجه (4300 متر طول و90 مترا عرضا) حسبما تؤكد تالار فائق، مدير عام المطار، موضحة أن «سعة مدرج المطار تعني استقبال أضخم الطائرات وتحقق كذلك الهبوط الآمن لأي طائرة».

وقالت تالار لـ«الشرق الأوسط» في أربيل، وفي أول حديث لها لجهة إعلامية «قبل عام 2005 لم يكن هناك أي مطار في أربيل، بل لم يكن يوجد أي مطار في عموم إقليم كردستان، كما لم يكن أي شخص يتصور أن ثمة مطارا سوف يودع ويستقبل المسافرين من أكبر مدينة في الإقليم الكردي حتى تم إنشاء مطار أربيل عام 2005 الذي استقبل المئات من الرحلات، لكن نجيرفان بارزاني، الرئيس السابق لحكومة إقليم كردستان ونائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني حاليا، كان قد استبق الأحداث وفكر في إنشاء مطار دولي يواكب المطارات العالمية وبمواصفات متطورة للغاية، وهو مهتم للغاية بهذا المطار ونجاحه»، موضحة أنه «في عام 2003 تم تكليف شركة بريطانية بوضع تصاميم مطار أربيل الدولي ليعمل وفق أحدث التقنيات التكنولوجية، وبوشر في عام 2005 التنفيذ من قبل شركة تركية انتهت من أعمالها بعد خمس سنوات إذ تم الاستخدام الفعلي للمطار في بداية سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، لكن الافتتاح الرسمي تم في مارس (آذار) من العام الحالي».

مدير عام مطار أربيل الدولي تأخذنا في جولة للمطار الذي يضم 16 بوابة لدخول المسافرين وصالتين للتشريفات، الأولى لكبار الضيوف تقع في بناية خارج صالة المسافرين والثانية (الديوان) داخل صالة المسافرين الفارهة بسعتها ومستلزمات الراحة، وبرج مراقبة بارتفاع 40 مترا. وأشارت إلى أن «مطارنا ودع واستقبل العام الماضي أكثر من نصف مليون مسافر، والعدد في ارتفاع هذا العام، خاصة في موسم الحج وفصل الصيف، ومن الممكن أن يرتفع العدد لو أن غالبية دول العالم لا تتشدد في منح تأشيرة الدخول للعراقيين الذين يعتبرون مطار أربيل بوابتهم لمعظم دول العالم، وخاصة أن سعة المطار مصممة لاستقبال ثلاثة ملايين مسافر سنويا ولأكثر عدد من الرحلات، إذ نستقبل أسبوعيا أكثر من 25 رحلة من مختلف أنحاء العالم».

وتشير تالار التي تم اختيارها عالميا كأفضل مديرة مطار في منطقة الشرق الأوسط وقارة آسيا للعام الحالي وسوف تتسلم جائزتها في احتفال دولي يقام في دبي قريبا، إلى أن «مطار أربيل الدولي تعاقد مع 14 شركة طيران عالمية، منها التركية والنمساوية والألمانية وغيرها، إضافة إلى وجود شركة أجنبية للطائرات الخاصة وفي طريقنا للتعاقد مع شركة أخرى في هذا المجال، وبإمكاننا التعاقد مع شركات أخرى، لكن سلطة الطيران المدني في وزارة النقل الاتحادية ببغداد تحدد حريتنا في التعاقد بسبب مسؤوليتها عن استخدام الأجواء العراقية»، منوهة بأنه «لا يوجد حاليا أي تنسيق بين المطارات العراقية عموما، كما نفتقر إلى سلطة أو مؤسسة رسمية للطيران المدني في الإقليم لتنظيم عمل مطاراتنا، أربيل والسليمانية ومطار دهوك المزمع إنشاؤه».

وتعبر المديرة العامة لمطار أربيل الدولي عن طموحات إقليم كردستان «بأن تكون للإقليم شركة طيران خاصة به أو حتى بالتعاون مع بغداد، ونحن ماضون لتحقيق هذا المشروع، وأن يكون هناك تنسيق بين المطارات داخل العراق، إذ إن علاقاتنا مع مطارات بغداد والبصرة والموصل والنجف مقتصرة على لقاءات اعتيادية تحصل في أربيل عادة بين فترة وأخرى».

تالار كانت قد درست الطيران المدني في الثمانينات ببغداد قبل أن تغادر العراق وتعمل في مطارات بريطانية دولية، مثل مطاري ستانسيد وهيثرو في لندن، موضحة أن «الكادر الذي يدير ويعمل في مطارنا محلي ومدرب وعندنا اتفاقية مع شركة (كوريا الشمالية لأغراض الاستشارة)، إذ إن هناك 15 خبيرا من مطار أنجن الذي اختير كأول مطار في العالم لخمس سنوات متتالية، ونبعث كادرنا للتدريب هناك»، منبهة إلى أن «من أهم أولوياتنا هي راحة وآمان المسافرين والتشدد في الجانب الأمني لحفظ حياة المسافرين».

مدينة أربيل، وبصورة عامة تنمو بسرعة تتناسب وحجم مشاريعها العمرانية التي تمتد في كل جهاتها، فهذه المدينة العراقية الوحيدة التي تسمع في صالات فنادقها الراقية والمترفة، وهي كثيرة، لغات لدول مختلفة، هي لغات المستثمرين ومديرو شركات البناء ودبلوماسيو الدول التي لها قنصليات وهيئات دبلوماسية هنا، حتى أسماء مجمعاتها السكنية الحديثة لها أسماء غربية، مثل القرية الإنجليزية والقرية الإيطالية والقرية الأميركية، وهكذا.

العراقيون اليوم يسمون مدينة أربيل (دبي العراق) لحداثة أبنيتها وعلو ارتفاع عماراتها ورفاهية شوارعها واتساع عدد مراكزها التجارية (المولات) وتعدد معارض شركات السيارات الغربية والآسيوية، ورقي حياتها اليومية، وإن كان المسؤولون يصرون على أن تكون عاصمة إقليمهم أكثر ازدهارا من دبي نفسها، فهذه المدينة تنطوي على طبيعة متنوعة من جبال وسهول ووديان وأراض منبسطة وشلالات ولها تاريخ حضاري وآثار يمتد تاريخها لأكثر من ستة آلاف عام، مثل قلعة أربيل التي تعد من أقدم المستوطنات البشرية في التاريخ، حسبما تؤكد نوروز مولود، مدير عام هيئة الاستثمار في إقليم كردستان العراق.

وتؤكد نوروز مولود، المسؤولة في هيئة الاستثمار في الإقليم قائلة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك إقبالا متزايدا من قبل شركات عراقية وعربية وغربية على الاستثمار في الإقليم ومن خلال مشاريع سكنية وفندقية وسياحية وصناعية وزراعية، وهذه المشاريع تتيح فرص عمل واسعة وتثري الأوضاع الاقتصادية في الإقليم».

وبلغة الأرقام، توضح نوروز التي ازدحم مكتبها بعشرات الملفات التي تعود لمشاريع استثمارية قيد الدراسة، أنه «تم إنجاز 61 مشروعا استثماريا في عموم مدن الإقليم وبتكلفة تزيد على الثلاثة مليارات دولار أميركي»، مشيرة إلى أن «هذه المشاريع تتوزع على السكنية والسياحية والصناعية والزراعية، بينما هناك عشرات المشاريع التي تمت الموافقة عليها وإجازتها من قبل هيئتنا وبتكلفة مليارات الدولارات، وهي قيد الإنجاز».

وتشير المسؤولة في هيئة استثمار إقليم كردستان إلى أن «الاستقرار الأمني والاقتصادي وقانون الاستثمار في الإقليم وتوفر الثروات البشرية من مهندسين واختصاصيين في مجالات عدة والأيدي العاملة هي من تشجع المستثمرين على إنجاز مشاريعهم في الإقليم».