أوروبا تتجه لفرض عقوبات ضد الأسد اليوم تتضمن حظر السفر وتجميد الأموال

اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يعتزم إصدار بيان يدينون فيه قمع المظاهرات في سوريا

TT

من المنتظر أن يتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا اليوم بفرض عقوبات جديدة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، وعدد من كبار معاونيه بسبب قمع السلطات السورية للمتظاهرين.

وقالت مصادر في بروكسل إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيعتمدون قرار العقوبات الجديدة، خلال اجتماعهم اليوم في بروكسل، حيث تتضمن حرمان الأسد من السفر إلى أي من دول التكتل الأوروبي وتجميد أصوله في أوروبا. وإلى جانب الرئيس السوري، ينتظر تطبيق هذه العقوبات بحق 9 شخصيات قيادية أخرى في النظام السوري. تأتي هذه العقوبات التي تشمل أيضا تجميد جميع أشكال التعاون الاقتصادي والتجاري مع سوريا، في إطار احتجاج الاتحاد الأوروبي على قمع قوات الأمن السورية للمظاهرات المعارضة للنظام.

وكان الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات قبل أسبوعين بحق 13 شخصية قيادية في النظام السوري منهم ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري.

وقالت مصادر داخل المؤسسات الأوروبية ببروكسل في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن المواقف الأخيرة لعدة عواصم أوروبية بشأن مضاعفة العقوبات على النظام السوري، تعكس وجود توافق أوروبي حول هذا الهدف، وتوقعت أن يعتمد وزراء الخارجية عقوبات جديدة ضد النظام السوري. ونوهت المصادر نفسها إلى توقعات مماثلة صدرت عن الخارجية الإيطالية على لسان المتحدث باسم الوزارة ماوريتسيو ماساري، تشير إلى أن «الاتحاد الأوروبي لديه النية لتوسيع قائمة الأفراد السوريين الخاضعين للعقوبات، بحيث تشمل عشرة ممثلين للنظام، بما في ذلك الرئيس بشار الأسد». وقال إن هذه العقوبات ستتضمن «حظر السفر، وفرض حظر على مبيعات الأسلحة وتجميد الأصول»، مشيرا إلى أن هذه التدابير «قد جرى بحثها على المستوى الدبلوماسي»، وتابع ماساري «هناك توافق في الآراء على المستوى التقني»، ولكن «نظرا لأهمية هذا التدبير فقد تركت الموافقة لقرار وزراء الخارجية»، كما ستطرح على طاولة المحادثات التي سيشارك فيها وزراء خارجية الدول الـ27 الأعضاء في التكتل الموحد «إعادة النظر في مشاريع التعاون بين سوريا والاتحاد الأوروبي». وسبق أن طالب وزير الخارجية نائب المستشارة الألمانية، غويدو فيسترفيلله، بفرض عقوبات على الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال فيسترفيلله «بما أن العقوبات الحالية للاتحاد الأوروبي ضد مسؤولين سوريين لم تؤد إلى وقف الحكومة في دمشق لدورة القمع» ضد حركة الاحتجاج، فإن «من الضروري والحتمي من وجهة النظر الألمانية إدراج الرئيس السوري في الجولة القادمة من العقوبات الأوروبية».

ومن بين التدابير المحتملة ضد الرئيس السوري قال الوزير الألماني، إنه سيكون هناك «تجميد للأصول المصرفية وفرض قيود على السفر» إلى دول الاتحاد الأوروبي. وذكر فيسترفيلله أن استبعاد الرئيس السوري من العقوبات حتى الآن «كان بمثابة جسر لكي يتمكن من إيجاد مخرج للصراع، لكن الحكومة السورية لم تستغل هذا الجسر، وواصلت التعدي على ممتلكات الغير وممارسة العنف ضد المتظاهرين المسالمين». وحث الوزير الألماني كذلك، مجلس الأمن الدولي الذي تتمتع بلاده بعضويته غير الدائمة، على التعامل مع الوضع مرة أخرى في سوريا، لا سيما ضرورة تسليط الضوء على العنف الممارس ضد المتظاهرين وانتهاكات حقوق الإنسان.

يقول انزو سيمناتوري من المركز الأوروبي للعلاقات الدولية، إن الإعلان عن مضاعفة العقوبات على سوريا جاء بعد أيام قليلة من زيارة قامت بها منسقة السياسة الخارجية كاثرين أشتون إلى واشنطن مما يعكس وجود تنسيق في المواقف بين الجانبين حول التعامل مع قضايا المنطقة ومنها ملف الأوضاع في سوريا.

وذكرت مصادر دبلوماسية أوروبية في بروكسل أن اجتماعات على مستوى السفراء الدائمين لدول الاتحاد قد بحثت موضوع العقوبات على الرئيس السوري، خلال اجتماعات انعقدت الأسبوع الماضي، وأن الأمر لا يتعدى انتظار اعتماد القرار من جانب رؤساء الدبلوماسية الأوروبية. وأشارت المصادر نفسها إلى أنه على الرغم من وجود توافق أوروبي خلال الاجتماعات الأخيرة على ضرورة إدراج اسم الرئيس السوري بشار الأسد على لائحة المسؤولين السوريين الذين تطالهم العقوبات الأوروبية، فإنه تقرر تأجيل إعلان هذه الخطوة إلى اليوم (الاثنين).

وأشارت تقارير إعلامية أوروبية أن سبب التأجيل يأتي في إطار رغبة أوروبية في منحه فرصة جديدة، حيث ترغب قبرص تحديدا في تأجيل هذا الإعلان عدة أيام، أملا منها في أن يعمد النظام السوري إلى تغيير سلوكه تجاه المتظاهرين. وأشارت المصادر نفسها إلى أن العقوبات الجديدة ستشهد أيضا تجميد جميع أشكال التعاون الاقتصادي والتجاري مع سوريا، مؤكدة أن كل المشاريع الأوروبية – السورية ستجمد، عدا تلك الموجهة إلى اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين في البلاد، وكذا المشاريع التي تتم في إطار إقليمي.

وكان الاتحاد الأوروبي قد وضع لائحة تتضمن اسم 13 شخصية سورية تمنع من دخول أراضي الاتحاد وتجمد أموالها في أوروبا، وسوف تتسع اللائحة، عند اتخاذ القرار الرسمي اليوم لتشمل عشرين آخرين على رأسهم الرئيس الأسد والمقربون منه وبعض أفراد عائلته ممن توجه إليه اتهامات بالمسؤولية عن أعمال العنف التي سادت أثناء تعامل قوى الأمن مع حركة الاحتجاجات منذ ما يزيد على الشهرين. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما وقع قرارا بفرض عقوبات على الرئيس الأسد ومسؤولين رفيعين، بينهم نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع ووزيرا الدفاع العماد علي حبيب والداخلية محمد إبراهيم الشعار، ورئيس المخابرات العسكرية اللواء عبد الفتاح قدسية، تتضمن تجميد أي أموال خاصة بهم في الولايات المتحدة الأميركية وحظر التعامل التجاري معهم هناك.

من ناحية أخرى وفيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، قال دبلوماسيون إنه من غير المنتظر أن يبحث الوزراء في اجتماعهم اليوم مسألة الاعتراف المحتمل من جانب الاتحاد الأوروبي بالدولة الفلسطينية، وذلك بعد أن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قيام دولة فلسطينية على حدود ما قبل حرب يونيو (حزيران) 1967، وذلك في رد فعله على الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما.

ويعتزم الاتحاد الأوروبي تشديد عقوباته المفروضة بحق النظام الإيراني بسبب برنامج طهران النووي المثير للجدل، حيث ينتظر ضم 5 شخصيات و100 شركة إلى قائمة الممنوعين من السفر إلى دول التكتل وأصحاب الأصول المجمدة. وفي سياق متصل، يدرس الوزراء الأوروبيون فرض المزيد من العقوبات بحق أفراد النظام الليبي، حيث كان الاتحاد الأوروبي فرض في مارس (آذار) الماضي عقوبات تتضمن المنع من السفر وتجميد الأصول بحق الدائرة المحيطة بالعقيد الليبي معمر القذافي. وتتضمن الإجراءات الجديدة المقاطعة الرسمية لصادرات البترول الليبي على الرغم من توقف هذه الصادرات بالفعل منذ أسابيع بسبب الحرب الأهلية الدائرة في البلاد. ومن المنتظر أن يعلن الوزراء الأوروبيون استعداد الاتحاد الأوروبي لتأمين المساعدات الإنسانية إلى ليبيا عسكريا في حال قدمت الأمم المتحدة طلبا بذلك.