مصادر إسرائيلية: الأسد اقترح على واشنطن استئناف المفاوضات مع إسرائيل

قالت إن أميركا لينت من موقفها بسبب مقترح دمشق.. تل أبيب تزرع 2000 حقل ألغام في الأراضي السورية

صورة أخذت من منطقة وادي خالد اللبنانية أمس لجنود سوريين منتشرين في قرية العريضة (رويترز)
TT

في الوقت الذي أعاد فيه الجيش الإسرائيلي زرع حقول ألغام في هضبة الجولان السورية المحتلة، لمنع دخول مسيرات اللاجئين الفلسطينيين مرة أخرى مثلما حدث في يوم النكبة، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس، نقلا عن مصادر أميركية قولها إن الرئيس السوري، بشار الأسد، بعث خلال الأسابيع الماضية برسائل إلى الإدارة الأميركية أبدى فيها استعداده لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل.

وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن الرئيس الأسد قال للأميركيين في رسالته، إن 98 في المائة من المواضيع المختلف عليها بين سوريا وإسرائيل تم الاتفاق حولها، في مراحل المفاوضات المختلفة بين البلدين. وحسب المصادر الأميركية، فإن الأسد سيقترح استئناف المحادثات مع إسرائيل بعد أن تهدأ الأوضاع في سوريا. وأشارت المصادر إلى أن الرسالة أثارت نقاشا بين المسؤولين في واشنطن حول مدى صدق النوايا في رسائل الأسد، ولكنها أثرت على قطاعات واسعة منهم، ولذلك قررت الإدارة الأميركية تليين الموقف تجاه الاحتجاجات المتواصلة في سوريا.

وقالت الصحيفة إنه «في الوقت الذي قررت فيه الولايات المتحدة قصف معاقل القذافي في ليبيا، اكتفت بفرض عقوبات رمزية فقط على سوريا وقادتها». وحاولت الإدارة الأميركية تبرير موقفها هذا بالقول إن «سوريا تملك أسلحة كيميائية، ونحن نخشى من أن يؤدي سقوط النظام الحالي وقيام نظام آخر جديد أقل مسؤولية، لاستخدام السلاح الكيميائي أو تسليمه لحزب الله أو لجماعات (إرهابية) أخرى واستخدامه ضد إسرائيل وغيرها من حلفاء الولايات المتحدة».

وتابعت الصحيفة أنه لهذا السبب يتم النظر إلى الأسد على أنه «أفضل الشرور». وأردفت الصحيفة أن سوريا كانت أحد المواضيع التي بحثها الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على انفراد يوم الجمعة الماضي، ورفض الجانبان الإفصاح عن مضمون المحادثات بهذا الخصوص. الجدير ذكره أن الأوضاع في سوريا تثير حيرة إسرائيل التي تخشى من المجهول بسبب عدم معرفتها بتكوينات المعارضة السورية بشكل دقيق. وقد عبر الرئيس الأسبق لجهاز «الموساد» (المخابرات الخارجية الإسرائيلية)، أفرايم هاليفي، عن هذه الحيرة بقوله: «لا يوجد تعليق رسمي إسرائيلي على الأوضاع في سوريا لأنه لا يوجد أي شخص يمكنه الإدلاء بتصريح موثوق أو لديه البيانات المطلوبة للقيام بحكم مدروس». وقال العميد السابق في جيش الاحتياط، أفرايم سنيه، الذي شغل منصب نائب وزير الدفاع، «إننا نفضل شيطانا نعرفه»، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن الإسلاميين لا يشكلون الأغلبية في المعارضة، فإنهم الأكثر تنظيما والأكثر قدرة سياسيا. وأضاف سنيه «إن حلمنا هو أن ننجح في يوم ما في إبعاد النظام العلماني في سوريا عن المحور الإيراني» و«سيكون أصعب إن لم يكن مستحيلا في حال كان النظام إسلاميا».

وأكد المقرب من نتنياهو والذي شغل في الماضي منصب السفير الدائم في الأمم المتحدة، دوري غولد، المستشار السياسي الأسبق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على أهمية أن تراقب إسرائيل «من هي المعارضة» في سوريا لمعرفة ما إذا كان الإخوان المسلمون قد يختطفون ما يبدو أنه رغبة جادة في الحرية. وأعرب غولد عن تخوفه من أن تستفيد إيران من الأحداث الجارية في الشرق الأوسط. وقال شلومو بوم، من معهد الدراسات الأمنية الوطنية في جامعة تل أبيب، إن الرئيس السوري بشار الأسد حافظ على هدوء الحدود مع إسرائيل وعلى الرغم من دعمه لحزب الله في لبنان فإنه رد بحذر على قصف إسرائيل لمنشأة نووية في سوريا، كما اعتبر أن تغيير النظام في سوريا سيلحق الضرر بالمحور السوري - الإيراني مع حزب الله.

وقال مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبق، د. ألون لئيل، إن الحيرة الإسرائيلية في غير مكانها. فما يتعلق بإسرائيل هو عملية السلام. «وعلينا أن ندرك أنه لا يوجد زعيم سوري، لا الأسد ولا من يحل محله، يستطيع التخلي عن الجولان وإعطائه هدية لإسرائيل». ودعا أوري ساغي، الرئيس الأسبق بشعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، الأميركيين إلى «استغلال هذه الأزمة لتغيير التوازن القائم في منطقتنا» وإخراج سوريا من حلفها مع حزب الله وإيران من خلال تقديم عرض لها «لا يمكن أن ترفضه»، عبر دعم سياسي واقتصادي يعيد الاستقرار إلى النظام.

من جهة ثانية، وفي خطوة تظاهرية واضحة للإعلام، بدأ الجيش الإسرائيلي، أمس، حملة بناء وزرع ألغام بهدف منع تدفق لاجئين فلسطينيين عبر سوريا إلى البلاد. وقد تم تفجير ألغام قديمة منتشرة قبالة الحدود السورية في الجولان المحتل وإقامة أسياج شائكة جديدة وذلك بعد قيام متظاهرين قادمين من سوريا باقتحام الحدود الأحد الماضي.

وأفادت صحيفة «معاريف» أن الجيش يعتزم إقامة حقول ألغام جديدة لأن القديمة لم تحل دون دخول متظاهرين قادمين من سوريا إلى مجدل شمس في القسم الخاضع للاحتلال الإسرائيلي منذ يونيو (حزيران) 1967، خلال تظاهرات إحياء ذكرى النكبة. وأكدت متحدثة باسم الجيش لدى سؤالها من قبل وكالة الصحافة الفرنسية أن «فرق الهندسة في الجيش تقوم بأعمال بنى تحتية في الجولان»، دون إعطاء تفاصيل أخرى.

وأشارت مصادر عسكرية إسرائيلية رفضت الكشف عن هويتها أنه تمت إزالة الألغام القديمة لتعزيز الحدود، وأوضحت أن استبدالها بأخرى أحدث طرازا لا يزال قيد الدرس. وتمكن نحو مائة متظاهر أتوا من سوريا من الدخول الأحد إلى المنطقة التي كان الانتشار العسكري الإسرائيلي فيها محدودا وعبروا حقول الألغام قبل أن يرحل غالبيتهم بحلول المساء. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في 2010 أن الجولان «تضم نحو ألفي حقل ألغام محددة ومحاطة بأسلاك شائكة».