الثوار الليبيون يفتحون الباب أمام حل سلمي يتضمن رحيل القذافي.. وطرابلس ترفض

مصادر بالمجلس الانتقالي لـ «لشرق الأوسط»: شكوكنا تجاه تركيا انتهت

مصطفى عبد الجليل (إ.ب.أ)
TT

فتح أمس المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الممثل للثوار المناهضين لنظام حكم العقيد معمر القذافي، الباب مجددا خلال زيارته للعاصمة التركية أنقرة أمام إمكانية قبول الثوار لحل سلمي عبر مفاوضات لإنهاء الأزمة الليبية.

وقال عبد الجليل، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي في أنقرة، إن المجلس الوطني الانتقالي يتطلع إلى أي حل سلمي يحقن الدماء، ويجنب الأضرار في ليبيا، لكنه اشترط أن يكون هذا الحل يتضمن رحيل معمر القذافي وأبنائه ونظامه. واعتبر أن رحيل القذافي وعائلته عن الحكم وليبيا هو الأساس الأول لأي حل سياسي سلمي، «ولأن هذه أولا إرادة الله ثم إرادة الشعب الليبي»، على حد قوله. وأعلن عبد الجليل أنه ناقش مع المسؤولين الأتراك الأوضاع الإنسانية وخاصة بالنسبة للنازحين الليبيين في تونس، والذين يزيد عددهم على 70 ألف نسمة من النساء والأطفال الذين هربوا من جحيم القذافي الذي قال إنه عامل شعبه بعنف مفرط وبشكل لم يشهد له العالم مثيلا.

وأضاف: «شمل النقاش أيضا إعادة إعمار بعض المساجد التي هدمت في مصراتة والزنتان والزاوية، والمساعدة في إعادة العمل لبعض المستشفيات في المناطق المحررة».

وتابع: «الشعب الليبي سعيد بهذا الموقف التركي وبهذا الدعم غير المحدود، ويعلم الجميع أننا نتطلع إلى الحرية وإرساء الديمقراطية في شمال أفريقيا وإلى تسخير ثروات الشعب ومقدراته للتنمية الداخلية».

وعقد عبد الجليل محادثات مغلقة مع الرئيس التركي عبد الله غل، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان،س للحصول على اعتراف رسمي تركي بالمجلس الذي يرأسه بوصفه الممثل الوحيد والشرعي للشعب الليبي.

كما بحث الجانبان تطورات الوضع في ليبيا مع الاقتتال الدائر بين المعارضة المسلحة وقوات القذافي، بالإضافة إلى الوضع السياسي والميداني في ليبيا.

ويسعى عبد الجليل خلال زيارته التي تستمر يومين إلى الحصول على اعتراف تركي بالمجلس الممثل للثوار، على غرار ما فعلته عدة دول أوروبية وعربية، كما يسعى لضمان استمرار المساعدات التركية إلى الشعب الليبي ونقلها إلى مدينة بنغازي بشرق ليبيا، حيث مقر المجلس الانتقالي ومعقل الثوار.

وجاءت تصريحات عبد الجليل بشأن إمكانية البحث عن حلول سلمية للأزمة، في وقت تستعد فيه العاصمة الروسية موسكو لاستقبال وفد يمثل الثوار لبحث ما تقول موسكو إنه مبادئ يمكن الاتفاق عليها لإيجاد مخرج للأزمة المحتدمة في ليبيا على كافة المستويات. وقالت مصادر مقربة من عبد الجليل لـ«الشرق الأوسط»، إنه أبلغ كبار المسؤولين الأتراك باستعداد المجلس الانتقالي للقبول بخريطة الطريق التركية لحل الأزمة، شريطة أن تضمن أنقرة التزام القذافي الرحيل عن ليبيا وتخليه نهائيا عن السلطة. وأضافت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، «ثمة تطور إيجابي في المبادرة التركية، الكل اتفق على أن الوضع العسكري ليس هو الخيار الأنسب في هذه المرحلة، الكرة الآن في الملعب التركي، وعلي أنقرة أن تقنع القذافي بالخروج فورا ومن دون تباطؤ».

وأوضحت المصادر أن الشكوك التي كانت تنتاب المجلس الوطني والثوار في دوافع الموقف التركي قد انتهت على حد تعبيرها، بالنظر إلى ما لمسه عبد الجليل من تحول تركي لافت للانتباه، بات يقبل بإمكانية الحديث عن تنحي القذافي للمرة الأولى. لكن مسؤولين في الحكومة الليبية قالوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يمكن لأي جهة خارج ليبيا أن تتحدث عن رحيل القذافي من السلطة.

واعتبر ناطق باسم الحكومة الليبية، تحدث لـ«الشرق الأوسط» هاتفيا من العاصمة الليبية طرابلس، مشترطا عدم تعريفه، «مصير القائد (القذافي) يقرره الليبيون في الداخل وليس جماعة محدودة في بنغازي، نحن نطرح مبادرة لوقف إطلاق النار، وعلى المتمردين وحلف الناتو أن يقبلوها إذا كانت هناك جدية لوقف حمام الدماء في ليبيا». ودعت تركيا، الدولة المسلمة الوحيدة في الحلف الأطلسي، في الثالث من الشهر الحالي العقيد القذافي إلى مغادرة السلطة، لوضع حد لإراقة الدماء في البلاد.

وتحفظت تركيا في بادئ الأمر حيال تقديم مساعدة للتدخل العسكري الدولي في ليبيا، وذلك في إطار مساعيها لأداء دور الوسيط لحل أزمة هذا البلد، لكنها باءت بالفشل، وقدمت سفنا حربية للقوة البحرية في المهمة الدولية التابعة للحلف الأطلسي والمكلفة بفرض احترام حظر الأسلحة المفروض على النظام الليبي. واقترحت أيضا مطلع الشهر الماضي «خريطة طريق» تنص على تطبيق وقف عاجل لإطلاق نار بين الأطراف المتحاربة وتنظيم انتخابات حرة.

من جهة أخرى، أعربت وزارة الخارجية الليبية عن استغرابها من زيارة كاثرين آشتون، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية بالاتحاد الأوروبي، إلى مدينة بنغازي، واعتبرت أنها تستهدف تقسيم ليبيا.

وقالت الخارجية الليبية، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن زيارة كاثرين إلى مدينة بنغازي في حد ذاتها تعطي الانطباع بالاعتراف بكيان غير شرعي، وتستهدف تقسيم ليبيا، معتبرة أن هذا مخالف لقراري مجلس الأمن رقمي 1970 و1973، اللذين يؤكدان على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها. وأوضحت أن هذه الخطوة ستؤثر على علاقات ليبيا بعدد من دول الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، مشيرة إلى أن نظام القذافي يرى أن الدور الحقيقي الذي يجب أن يضطلع به الاتحاد الأوروبي هو المساهمة مع بقية أعضاء المجتمع الدولي في البحث عن حل سلمي، يحقن دماء الليبيين، ويعزز وحدة ليبيا وسلامة أراضيها طبقا لنصوص قراري مجلس الأمن ذات العلاقة. وأكدت الخارجية الليبية في بيانها التزامها بخريطة الطريق التي وضعها الاتحاد الإفريقي، وأعلنت أنها سوف تتابع هذا الأمر مع القمة الإفريقية الاستثنائية القادمة التي ستعقد يومي الأربعاء والخميس المقبلين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.