بركان آيسلندا يثير المخاوف مجددا.. ورماده يقترب من بريطانيا

«غريمسفوتن» تسبب في تقديم موعد سفر أوباما من آيرلندا باتجاه لندن

TT

فيما واصل بركان آيسلندا قذف سحب كثيفة من الرماد، أمس، وتقرر إغلاق المجال الجوي فوق الجزيرة الواقعة في شمال المحيط الأطلسي، تجددت المخاوف في أوروبا الغربية، من تكرار الفوضى العارمة التي كان أثارها بركان مماثل قبل عام في حركة الملاحة الجوية.

وكان متوقعا أن تطال غيمة الرماد التي انبعثت من بركان غريمسفوتن منذ السبت الماضي، اسكوتلندا في شمال بريطانيا، الليلة الماضية. وقال متحدث باسم المصلحة البريطانية للأرصاد الجوية إن «التوقعات الحالية تفيد بوصول الغيمة إلى شمال وغرب اسكوتلندا ليلا وصباح» اليوم الثلاثاء. وكانت منظمة يوروكونترول الأوروبية لسلامة الطيران، ومقرها بروكسل، قد أشارت في موقعها على الإنترنت إلى أن سحابة الرماد قد تصل إلى شمال اسكوتلندا بحلول اليوم الثلاثاء. وأمام هذه المخاوف، ألغت شركتا طيران رحلاتهما في اسكوتلندا أمس. ويتعلق الأمر بشركة «لوغانير» (مقرها غلاسكو) التي ألغت 36 رحلة أمس، وشركة «إيسترن إيرويز» التي ألغت 50 رحلة. وأكدت مصلحة تنظيم حركة النقل الجوي أن مطارات المملكة المتحدة ستبقى مفتوحة لكنها حذرت من أن الحركة قد تضطرب في مطارات صغيرة في جزر هبريدس شمال غربي اسكوتلندا (بارا وبنبيكولا وتايري).

وفي آيرلندا، قدم الرئيس الأميركي موعد مغادرته هذا البلد الذي بدأ منه جولة أوروبية أمس، فغادر دبلن مساء أمس بدلا من صباح اليوم، بسبب «تغير أخير في مسار سحب الرماد» المنبعثة من بركان آيسلندا، وفق ما أعلن متحدث باسم البيت الأبيض. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث أن «برنامج الثلاثاء لم يطرأ عليه أي تغيير». كذلك، ذكرت هيئة الطيران المدني بآيرلندا أمس أن الرحلات الجوية من آيرلندا وإليها ربما تتعطل في وقت لاحق من الأسبوع الجاري بسبب الرماد المنبعث من بركان آيسلندا. وذكرت الهيئة أنها لا تتوقع أي تعطل للرحلات الجوية في غضون اليومين القادمين بسبب الرماد البركاني.

وكانت المتحدثة باسم سلطات المطارات والمرافئ الآيسلندية (ايسافيا) هيورديس غودموندسدوتير قد أعلنت أن آيسلندا أغلقت مجالها الجوي منذ أول من أمس، لكنها قد تعيد فتح مطارها الدولي ريكيافيك - كيفلافيك. وقالت: «سنعرف المزيد بهذا الصدد عندما نتلقى معلومات جديدة حول سحابة الرماد». وبدورها، أعلنت غونلاند إغلاق قسم من مجالها الجوي وعلقت النرويج رحلاتها مع أرخبيلها سفالدبارد (شبيتزبرغ) في القطب الشمالي.

وتقع آيسلندا على مسار بعض خطوط الرحلات العابرة للأطلسي، غير أن الإلغاء لم يطاول منذ أول من أمس سوى الرحلات من الجزيرة وإليها. ودخل بركان «غريمسفوتن» الذي يعتبر أنشط البراكين الآيسلندية منذ السبت اعنف ثوران يعرفه منذ ما لا يقل عن قرن فقذف سحابة من الدخان والرماد ارتفعت في الساعات الأولى إلى علو عشرين كلم.

وقال عالم الفيزياء الأرضية اينار كيارتانسون من معهد الأرصاد الجوية الآيسلندي أمس إن البركان «ما زال ناشطا وإن كانت قوة الثوران تراجعت بالنسبة إلى صباح (الأحد)، إلا أنها بالمستوى الذي كانت عليه الليل الماضي». وأكد ارسون أن «السحابة ظلت ثابتة على علو 10 كلم طوال الليل». وأضاف كيارتنسون أن الرماد «انتشر فوق جزء كبير من البلاد» وصولا إلى العاصمة الواقعة على مسافة 400 كلم غرب الفوهة. وقال إن ثورة البركان قد تستمر «أسبوعا أو أسبوعين» مؤكدا أنه «من المستحيل» التكهن بهذه الفترة بشكل دقيق.

وأفاد كيارتنسون بأن «الاختصاصيين يقولون إن الرماد قد يتجه نحو أوروبا في وقت لاحق هذا الأسبوع، لكن هذا مجرد احتمال، ليس مؤكدا». وبدوره، أوضح خبير الأرصاد الجوية بيتور اراسون أن «الرياح على ارتفاع منخفض، وهي تهب بقوة في اتجاه بريطانيا، لكنها على ارتفاع أعلى تتجه نحو الشمال الغربي». وحذر من أن الرماد في «النصف الأسفل» من السحابة قد يؤثر على حركة الملاحة الجوية في أوروبا خلال الأيام المقبلة.

أما سكرتير الدولة الفرنسي لشؤون النقل تييري مارياني فأكد أنه «في اليوم الذي يطاول فيه (الرماد) أوروبا، سوف يتم إلغاء رحلات». غير أن منظمة يوروكونترول الأوروبية لسلامة الطيران أفادت أنه «من غير المتوقع اتخاذ أي إجراءات لإغلاق المجال الجوي» الاثنين والثلاثاء خارج آيسلندا.

وكانت حالات الثوران الأخيرة التي سجلها بركان غريمسفوتن قصيرة وتراجعت شدتها بسرعة بعد الساعات الأولى. أما الثوران الذي بدأ السبت فكان بالغ الشدة وسرعان ما غطت طبقة كثيفة من الرماد المنطقة المحيطة بالبركان. وقال كيارتنسون إن «انقشاع الرؤية في قرية كركيوبياركلاوستور (نحو 70 كلم من الفوهة) محدود جدا وكذلك في جزر وسلمان» جنوب شرقي آيسلندا. وبحسب الملاحظات الأولية، فإن الرماد المنبعث من غريمسفوتن أكثر ثقلا من رماد بركان «ايافيول»، الذي شهدته المنطقة العام الماضي، ويترسب أرضا بالتالي بسرعة أكبر.

وكانت آيسلندا قد شهدت العام الماضي ثورة لبركان تحت جبل إيافيالايوكل الجليدي، حيث أطلق سحابة سوداء تسببت في إرباك كبير لحركة النقل الجوي في أوروبا، حيث تم إلغاء مئات الرحلات الجوية بسبب مخاوف على سلامة الطائرات بسبب سحابة الرماد البركاني. يذكر أن البركان، الذي ثار أيضا في عامي 2004 و1996، هو الأكثر نشاطا على الجزيرة الواقعة بمنطقة شمال المحيط الأطلسي. ويقع أسفل جبل فاتناجوكل، أكبر الجبال الجليدية في آيسلندا.

وعلى الفور، أثر ثوران البركان الجديد على البورصات الأوروبية التي أظهرت قلقا خشية تكرار الوضع الكارثي الذي شهدته القارة قبل عام حيث أعلن عن أكبر إغلاق للمجال الجوي الأوروبي خارج حالات الحرب مع إلغاء أكثر من مائة ألف رحلة وبقاء أكثر من ثمانية ملايين مسافر على مدى شهر عالقين في المطارات.

وفي بدء المداولات في البورصات أمس، تراجع سهم شركة «لوفتهانزا» الألمانية، الأولى في أوروبا، بأكثر من 4% مقابل تراجع 4% لشركة «إير فرانس - كاي إل إم»، وأكثر من 3.5% لشركة «آي ايه جي (بريتيش ايروايز وايبيريا)»، و3.0% لشركة «إي إيه إس» و2.6% لشركة «فينار».