نتنياهو يرفض حدود 1967 ويبلغ الكونغرس أن بلاده الديمقراطية الوحيدة في المنطقة

قال إن بعض المستوطنات سيكون خارج حدود إسرائيل ودعا عباس لقبول يهودية الدولة

TT

أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعداده لبدء مفاوضات مع الطرف الفلسطيني «اليوم»، معلنا أن إسرائيل ستكون أول دولة تعترف بالدولة الفلسطينية، وأنه مستعد للتخلي عن أراض خلال المفاوضات مع الطرف الفلسطيني، وأكد أن التوصل للسلام لن يتم إلا من خلال المفاوضات ولا يمكن فرضه، وأنه يمكن التفاوض لإيجاد حل لوضع المستوطنات خارج حدود الدولة الإسرائيلية، وأكد نتنياهو أنه سيكون كريما في تحديد حجم الدولة الفلسطينية، لكن حدود هذه الدولة لن تكون وفق حدود عام 1967 ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي مشاركة حماس في المفاوضات، مطالبا الرئيس الفلسطيني محمود عباس بقطع كل الروابط مع حماس.

وقال نتنياهو أمام مجلسي النواب والشيوخ بالكونغرس الأميركي أمس «منذ عامين أعلنت التزامي بحل دولتين فلسطينية ويهودية، وأنا مستعد لتقديم تنازلات لتحقيق السلام، فمسؤوليتي كرئيس وزراء أن أقود بلادي للسلام، وأنا أدرك أن تحقيق سلام حقيقي يستدعي التخلي عن جزء من أراضي إسرائيل، لكننا لسنا محتلين، فهذه أراضي أجدادنا من إبراهيم وداود، ولا أحد يستطيع إنكار 4 آلاف عام من الروابط بين الشعب اليهودي والأرض اليهودية، وهناك حقيقة أخرى أن الفلسطينيين يشاركوننا هذه الأرض ولا بد أن يستمتعوا بالحياة بكرامة في دولتهم».

وأضاف نتنياهو: «إنني أؤيد الرئيس أوباما أن السلام لا يمكن فرضه وأنه يجب أن يتم من خلال التفاوض مع شركاء ملتزمين بالسلام، وحماس ليست ملتزمة بالسلام بل بالتدمير والإرهاب. وإسرائيل مستعدة للجلوس اليوم والتفاوض، لكنها لن تتفاوض مع منظمة تعكس أفكار (القاعدة)، وأقول للرئيس عباس اقطع كل الروابط مع حماس، واخلق السلام مع إسرائيل وأعدك أن إسرائيل ستكون أول دولة ترحب بالدولة الفلسطينية».

وأشار نتنياهو إلى أن اتفاقيتي السلام بين إسرائيل وكل من مصر والأردن كانتا حجر الزاوية للسلام في الشرق الأوسط وقال: «إن اتفاقيتي السلام هامتان لكنهما ليستا كافيتين ويجب أن نصل إلى اتفاقية سلام مع الفلسطينيين»، مشيرا إلى أن 6 رؤساء وزراء لإسرائيل وافقوا على إقامة دولة فلسطينية منذ اتفاقية أوسلو.

وألقى رئيس وزراء إسرائيل اللوم على الطرف الفلسطيني واتهمهم برفض إقامة دولة فلسطينية مرتين منذ قرار الأمم المتحدة عام 1947، وأنهم لا يريدون إنهاء الصراع، ويعلمون أبناءهم كراهية اليهود ويطلقون أسماء الإرهابيين على الميادين والشوارع، وقال «إن الفلسطينيين ليسوا على استعداد لإقامة دولة فلسطينية بجوار دولة يهودية، لأن الصراع ليس على إقامة دولة فلسطينية وإنما الصراع على وجود دولة يهودية».

ودعا نتنياهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليقف أمام شعبه، ويقول إنه يقبل بوجود دولة يهودية كما فعل نتنياهو ووقف أمام شعبه وقال إنه سيقبل بدولة فلسطينية، وقال «هذه الكلمات ستغير التاريخ، فهذا الصراع لا بد أن ينتهي وأن تقنع الإسرائيليين أن لديهم شريكا حقيقيا راغبا في السلام».

وأشار نتنياهو إلى التغييرات الديموغرافية التي حدثت منذ عام 1967، مشيرا إلى أنها مساحة صغيرة لكنها مليئة بالسكان، وقال: «سنكون كرماء في تحديد حجم الدولة الفلسطينية لكن إسرائيل لن تعود إلى حدود 1967 وسنكون متشددين في وضع الحدود».

وتطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى قضية عودة اللاجئين قائلا: «إن الفلسطينيين يجب أن يكون لهم حق الهجرة إلى الدولة الفلسطينية وهذا يعني أن مشكلة اللاجئين يمكن حلها خارج حدود إسرائيل».

ودافع نتنياهو عن القدس باعتبارها عاصمة موحدة لإسرائيل وقال «إن المرة الوحيدة التي مارس فيها كل من اليهود والمسيحيين والمسلمين شعائرهم بحرية كانت في ظل سيطرة إسرائيل على القدس، لهذا لا يمكن تقسيم القدس، ولا بد أن تستمر عاصمة لإسرائيل» وأضاف «أعرف أنه موضوع شائك للفلسطينيين لكن بإرادة قوية وأفكار مبتكرة يمكن التوصل لحل بشأنها».

كان الكونغرس الأميركي قد استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بحفاوة كبيرة وحظي خطابه بوقوف وتصفيق الحاضرين بعد كل عبارة ينطق بها. ووجه نتنياهو الشكر للولايات المتحدة لتقديمها الأدوات التي تمكن إسرائيل من الدفاع عن أمنها، مؤكدا أن قيام الكونغرس بمساندة إسرائيل هو استثمار في المستقبل. وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الاضطرابات والثورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط واصفا إياها بأنها لحظة تاريخية لشباب يطالبون بالحرية والديمقراطية ويصارعون ويجازفون بحياتهم كما حدث في مصر وتونس لتحقيق هذا الهدف، مطالبا أن تختار الشعوب العربية مسار الحرية ليس فقط من خلال الانتخابات وإنما من خلال الالتزام بالقانون وحماية الحريات وحقوق الإنسان والمرأة والأقليات.

وتفاخر نتنياهو بدولة إسرائيل التي تمارس الديمقراطية بينما تمنعها دول الشرق الأوسط قائلا: «إن شباب العرب الشجعان يتظاهرون من أجل المطالبة بالحرية والديمقراطية لمجتمعاتهم بينما يتمتع مليون عربي مسلم في إسرائيل بهذه الحقوق منذ عقود، ومن بين 300 مليون عربي في المنطقة يتمتع نصف في المائة فقط بكل الحقوق الديمقراطية».

وأشار نتنياهو إلى إيران باعتبارها الخطر الأكبر، وقال «إن قيام دولة إسلامية إرهابية مسلحة بسلاح نووي يهدد العالم ويهدد أيضا الإسلام ويقود إلى إرهاب نووي» وامتدح نتنياهو موقف الرئيس الأميركي أوباما وتصميمه على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وموقف الأمم المتحدة والكونغرس الأميركي في فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران وقال: «إن إيران علقت العمل في برنامجها النووي مرة واحدة في عام 2003 عندما كانت تخشى توجيه ضربة عسكرية ضدها، وتخلى القذافي عن برنامجه النووي لنفس السبب، لذا كلما خافت إيران من توجيه ضربات عسكرية ضدها قلت المواجهة».

ورد المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني على خطاب نتنياهو بأن رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين تضع مزيدا من العقبات أمام عملية السلام في الشرق الأوسط.

وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس محمود عباس لـ«رويترز» بعد كلمة نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي إن ما جاء في خطاب نتنياهو لن يؤدي إلى السلام.

من جانب آخر، كان هاري ريد زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ قد تعهد بالوقوف إلى جانب إسرائيل وخدمة المجتمع اليهودي أثناء عمله بالكونغرس وقال: «سأتحدث بصوت عال لأدافع عن إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، وسعيد بموافقة الكونغرس على إتاحة كل التمويل الذي تحتاجه إسرائيل للمساعدات الأمنية في 2012».

وأشار ريد إلى التشابه بين عملية عنتيبي لتحرير الأسرى الإسرائيليين في أوغندا، وعملية مقتل بن لادن من حيث السرية والدقة في إتمام المهمة والوقوف أمام الإرهاب ورد الهجوم.

وقال زعيم الأغلبية الديمقراطية في حفل عشاء منظمة «أيباك» مساء الاثنين «إنني أساند قيام دولة يهودية تعيش بسلام مع دولة فلسطينية، وأرفض أن يقال إننا لا نستطيع حل هذا الصراع، فالحل يكمن في العودة للمفاوضات وقيام الأطراف بالدخول في هذه المفاوضات دون شروط أو معايير مسبقة تفرضها الخطب أو الشارع أو وسائل الإعلام» في إشارة غير مباشرة إلى خطاب الرئيس أوباما الذي دعا فيه إلى اعتبار حدود 1967 هي أساس للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأكد ريد أنه يرفض اشتراك حماس في المفاوضات قائلا: «لا يمكن التفاوض مع منظمة إرهابية تنفي وجود إسرائيل، وتحتجز الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط منذ أكثر من 5 سنوات». وأضاف أن الحكومة التي تحوي حماس تهدد إقامة دولة فلسطينية، وتهدد الاستقرار في المنطقة العربية.

وقد قوبل ريد بتصفيق من الحاضرين عدة مرات كان أشده عندما أعلن أن الولايات المتحدة لن تعطي أموالا ومساعدات لمنظمات إرهابية ترغب في تدمير إسرائيل.

وأكد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ أن الولايات المتحدة ستقف في وجه إيران وطموحاتها النووية وهي العدو المشترك لإسرائيل وأميركا متوعدا إيران قائلا «لا أحد يريد الذهاب إلى حرب مع إيران لكننا لن ننتظر إلى الأبد ولن نأخذ أي خيار من على المائدة».

وأشار جون بينر رئيس مجلس النواب الأميركي إلى مخاطر المنظمات الإرهابية على الدول الديمقراطية، مشيرا إلى أن موت أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة كان نصرا كبيرا، لكن هناك منظمات إرهابية مثل حزب الله تعهدت بتدمير إسرائيل وتأخذ الأسلحة من سوريا وإيران. وقال بينر «أشعر بمسؤوليتي أن تلتزم الولايات المتحدة بتعهداتها في حماية إسرائيل لأنها مركز الديمقراطية».

وأكد أن الولايات المتحدة تشجع الإيرانيين على المطالبة بالتغيير كما فعل المصريون والتونسيون وقال: «إن مسؤوليتنا كدولة عظيمة هي مساعدة من يصارع من أجل حريته وهو دور لا يمكن الاعتذار عنه أو الإحساس بالخجل منه». وقد تأخر خطاب نتنياهو لأكثر من نصف ساعة حيث دخل نتنياهو إلى قاعة مجلس النواب مصحوبا بعدد من أصدقائه المقربين من رجال الكونغرس مثل السيناتور إريك كانتور، وسط تصفيق استمر عدة دقائق.

وقد صفق أعضاء الكونغرس لعبارات نتنياهو 26 مرة، ووقفوا مع كل عبارة أشاد فيها بالولايات المتحدة والتعاون بين الدولتين والتزام إسرائيل بالسلام وإدانة إيران والمنظمات الإرهابية.