واشنطن تدرس إحالة ملف اليمن لمجلس الأمن.. وفرض عقوبات بحقه

الولايات المتحدة وحلفاؤها يعيدون تقديم الدعم لصنعاء

الدخان يتصاعد بالقرب من منزل الشيخ صادق الأحمر حيث حدثت مصادمات مسلحة بين قوات الشرطة اليمنية ورجال قبائل موالين للشيخ الأحمر (رويترز)
TT

تعمل حكومة أوباما وحلفاؤها من العرب والأوروبيين على إعادة تقييم الدعم العسكري والاقتصادي لليمن، في سعيها الدؤوب إلى إيجاد سبل لإجبار الرئيس علي عبد الله صالح على التنحي قبل اندلاع حرب أهلية.

وأخبر جون برينان، رئيس مكتب مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، الرئيس اليمني في محادثة معه يوم الأحد قبل رفض الأخير المبادرة الثالثة للسلام التي عرضتها دول مجلس التعاون، أنه إن لم يوقع، «فسنضطر إلى التفكير في خطوات أخرى ممكنة»، كما قال مسؤول كبير في الإدارة.

وقال مسؤولون أميركيون وعرب إن هناك اختيارا متاحا وهو نقل قضية اليمن إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لفرض عقوبات غير محددة. وطالب الاتحاد الأوروبي، أول من أمس، الاثنين، صالح «بنقل السلطة فورا»، ووجه إليه تحذيرا من أن الدول الأعضاء «ستراجع سياساتها تجاه اليمن».

ولكن على الرغم من دراستهم لاتخاذ خطوات جديدة لحل الأزمة المتصاعدة في اليمن، التي دخلت شهرها الثالث، يعترف المسؤولون أنهم إذا ما قاموا بفرض أي فعل من الممكن أن يؤدي هذا إلى مخاطر في هذه الدولة التي تحتل موقعا استراتيجيا، والتي تقف على شفا انهيار اقتصادي، وموطن لأقوى وأنشط فرع في العالم لتنظيم القاعدة.

وقال مسؤول الإدارة، الذي تحدث طالبا عدم ذكر اسمه: «إن الوضع دقيق للغاية الآن، حيث يتسبب صالح في الإضرار ببلده».

من ناحية أخرى شهدت العاصمة، صنعاء، يوم أول من أمس معارك بين قوات الحكومة ومقاتلين تابعين للزعيم القبلي القوي، صادق الأحمر، الذي قام بدعم حركة المعارضة التي طالبت بإنهاء حكم صالح الممتد منذ 32 عاما، وفق تقارير وكالات الأنباء.

وأعلنت سفارة الولايات المتحدة في صنعاء أنها ستقوم بإغلاق القسم القنصلي يوم الثلاثاء والأربعاء «نظرا للوضع الأمني المتردي»، وأنها ستقدم خدمات الطوارئ فقط للمواطنين الأميركان.

وأضاف مسؤول الإدارة: «ستستغرق المشاورات يوما واحد، ولكننا في هذه النقطة لن نعتمد على تغير جذري من جانب صالح. نحن بحاجة الآن إلى إعادة تقييم الخطوة القادمة التي يمكننا القيام بها مع شركائنا، حيث ستعمل على حل هذه الأزمة».

وقال مسؤول عربي كبير، طالبا عدم ذكر اسمه: «لا يستطيع العالم الخارجي في الوقت الراهن القيام بشيء سوى أن يقول للرئيس اليمني (وقع)». وبينما يتردد المانحون في قطع الروابط الأمنية والمساعدة الاقتصادية التي تدعم اليمن من الغرق، أضاف: «يمكنكم قطع الأشياء التي تذهب إليه كرئيس، ليس إلى جيبه مباشرة، ولكن الرؤساء لديهم نفقات؛ حيث يعيشون في منازلهم، ولديهم سيارات ومرتبات يدفعونها». كما طالب بالصبر أكثر قليلا، ولكنه يتفق على أن الوقت ينفد، وقال: «كان من المستحيل على اليمن الاستمرار من دون مخاطر هذا التفكك. على أي حال، فقد تلاشت كل الرهانات».

وقد كان تحالف اليمن الواضح مع الولايات المتحدة في معركتها ضد تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى، من أكثر المشكلات التي تثير حكومة أوباما خلال موسم الثورات الشعبية المنتشرة عبر العالم العربي.

ويسمح اليمن، الذي تلقى أكثر من 300 مليون دولار من المساعدات الأمنية والاقتصادية للولايات المتحدة العام الماضي، لقوات العمليات الخاصة الأميركية المتحدة بتدريب قوات مكافحة الإرهاب لديه وجمع استخبارات من أراضيه ضد تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية. وقد شنت الولايات المتحدة هجمات مستخدمة طائراتها الحربية النفاثة ضد أهداف تنظيم القاعدة في اليمن، ويعد هذا الشهر المرة الأولى التي تشن فيها العسكرية الأميركية غارات لطائرات من دون طيار منذ عام 2002. وأضاف مسؤول كبير في الإدارة: «لا أعتقد أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قريب بأي حال من الجبهة الأمامية لهذه الحركة السياسية»، التي تشمل معارضين شبابا ومجموعات المجتمع المدني وأحزابا سياسية وقادة قبليين والوحدات العسكرية المنشقة.. «ولكن في حال تفتت الخدمات العسكرية والأمنية، فسيكون تنظيم القاعدة هو المستفيد». وقد مثل عشرات الآلاف من اليمنيين الذين اندفعوا إلى صنعاء لمعارضة أو تأييد صالح تغطية مفيدة لتنظيم القاعدة لنقل كميات كبيرة من الأسلحة إلى العاصمة، ومن الممكن أن تستغل لشن لهجمات ضد الغرب وأهداف أخرى هناك.

وقد حاولت الإدارة تحديد مسار الوحدات العسكرية المتورطة في العراك السياسي من الجانبين للتأكد من أن العناصر التي دربتها الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب والمعدات التي زودتها بها الولايات المتحدة لن يتم استخدامها في المعارك الداخلية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»