زيارة أوباما إلى لندن تأتي وسط تقديرات بريطانية لتحمل دورها كحليف لواشنطن

تتزامن مع سعي بريطانيا لتحقيق التوازن بين القيود المالية ونفوذها العالمي

TT

هبطت طائرة الرئيس الأميركي باراك أوباما في لندن مساء يوم الاثنين الماضي في زيارة رسمية في وقت تواجه فيه بريطانيا شكوكا حول قدرتها على تحمل تكلفة دورها العالمي كما توقع حلفاؤها في واشنطن أم لا.

ويشيد المسؤولون على جانبي المحيط الأطلسي علنا بقوة العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ومن المزمع أن يلقي أوباما كلمة أمام البرلمان اليوم (الأربعاء)، وهي الكلمة التي وصفت بأنها الأبرز في رحلته الأوروبية.

وتتزامن زيارة أوباما مع سعي بريطانيا لتحقيق التوازن بين القيود المالية والرغبة العارمة في استمرار نفوذها العالمي، وهو النفوذ الذي اكتسبته نتيجة تحالفها الاستراتيجي والعسكري مع الولايات المتحدة. وربما بسبب المناقشات والجدل في موسم الانتخابات في الولايات المتحدة بشأن تكلفة التصورات الأميركية الخاصة بالقوة الخارجية، يتساءل البريطانيون عما إذا كانت دولتهم المدينة قادرة على الحفاظ على دورها الدولي الرئيس أم لا.

وقال نيك كيتشن، وهو أستاذ الشؤون الدولية في كلية لندن للاقتصاد: «لا تكمن المشكلة البريطانية في عدم وجود الطموح، ولكن لكي نكون صرحاء، تكمن في نفاد ما لدينا من أموال».

ومنذ أن فقدت بريطانيا مكانتها كقوة عظمى في النصف الأول من القرن العشرين، ظلت بصمتها العالمية ملحوظة كأمة بهذا الحجم، ولكن نتيجة لانحنائها للضغوط المالية، تقوم لندن بتقليص هذه البصمة، كما قامت بتقليص الخدمة العالمية لهيئة الإذاعة البريطانية، علي سبيل المثال، والتي كانت يوما ما مثالا على القوة الناعمة عالميا لبريطانيا.

ومن الأشياء الأكثر أهمية بالنسبة للتحالف الأميركي، يقوم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالدفع في اتجاه تخفيضات صارمة في الإنفاق العسكري في خطوة يرى المنتقدون أنها قد تعرض دور بريطانيا للخطر كشريك على المدى الطويل في الخطوط الأمامية في الصراعات التي ستحدث في المستقبل. وتتضمن هذه الخطة إحالة حاملة الطائرات الوحيدة إلى التقاعد المبكر، وخفض 42.000 جندي وموظف من موظفي الدفاع المدني، فضلا عن تعليق أنشطة أسطولها من مقاتلات هارير، التي ظلت أحد النسور القوية في السماء لمدة 40 عاما.

وسوف تكون هذه الخطوات بمثابة اختبار جديد لحدود القوات البريطانية، والتي يعتقد البعض الآن أنها قد وصلت إلى أقصاها بالفعل في أفغانستان والحملة الجوية التي يقودها حلف شمال الأطلسي في ليبيا.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أخبر رؤساء الجيش البريطاني والبحرية الملكية وسلاح الجو الملكي لجنة برلمانية هنا بأنه في مواجهة هذه التخفيضات المقترحة، لم يعد من الممكن أن يتوقعوا من بريطانيا الحفاظ على «الطيف الكامل» لقدراتها العسكرية. وثمة تساؤلات حول قدرة بريطانيا على أن تظل حليفا فعالا للولايات المتحدة كما كانت عليه في الماضي.

وقال نيك بيرنز، وكيل وزارة الخارجية الأميركية السابق والأستاذ في جامعة هارفارد: «المسألة ليست مجرد هل لدينا شريك راغب في العمل في الشؤون العالمية أم لا، ولكن الأمر هو هل هو قادر على ذلك أم لا».

وقد تجلت حاجة الولايات المتحدة لحليف بريطاني قوي بوضوح في أفغانستان، لم يرسل أي حليف قوات أو يفقد قوات، إلى جانب الولايات المتحدة أكثر من بريطانيا.

وصرح الائتلاف الحكومي لكاميرون والذي مر على تكوينه عام، علنا بأنه يريد تجنب وجود علاقة «خانعة» مع الولايات المتحدة، في إشارة لاذعة لتوني بلير، الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء البريطاني خلال سنوات الحرب العراقية، والتي وصف وقتها بأنه «كلب» الرئيس جورج دبليو بوش.

لكن من الناحية العملية، تظل العلاقة وطيدة، حيث يتشاور كاميرون وأوباما من خلال المكالمات الهاتفية مرتين شهريا. وفي إشارة إلى عمق الشراكة بين الدولتين، من المقرر أن يعلن القائدان عن «مجلس أمن» مشترك جديد خلال الأسبوع الحالي. فضلا عن ذلك يتم إجراء اتصالات رسمية رفيعة المستوى بين الدولتين لتقاسم المعلومات الاستخباراتية وتنسيق السياسات.

وقال كاميرون يوم الاثنين الماضي في حديث مع صحافيين من مؤسسات إعلامية أميركية مختلفة: «إنها ليست علاقة خاصة وحسب، بل ضرورية وحيوية».

وامتدح كاميرون أوباما واصفا إياه «بالشجاع والجاد» بسبب عمق تفكيره وسلوكه الجيد الذي يثير أحيانا الانتقادات في الولايات المتحدة.

لكن يشير الخبراء إلى الخلاف بين واشنطن ولندن بشأن بعض القضايا الأساسية وأهمها رغبة بريطانيا وفرنسا في أن تتخذ الولايات المتحدة المزيد من الخطوات في ليبيا. ومن المرجح أن يضغط كاميرون على أوباما في هذا الموضوع خلال الأسبوع الحالي.

* شاركت كارين دي يونغ في إعداد هذا التقرير من واشنطن