اليمن: المواجهات العسكرية مستمرة.. وأجواء حرب في صنعاء

مدير مكتب الأحمر لـ«الشرق الأوسط»: وساطات جديدة لوقف المواجهات وأبناء الأحمر بخير * صالح: لن نستدرج لحرب أهلية

TT

تواصلت في العاصمة صنعاء، لليوم الثالث على التوالي، المواجهات العسكرية بين قوات من الأمن والجيش، من جهة، ومسلحين موالين للشيخ صادق الأحمر زعيم قبيلة حاشد، إحدى كبرى القبائل اليمنية، في وقت قال الرئيس علي عبد الله صالح إن بلاده لن تنجر إلى حرب أهلية.

وتحاول قوات الجيش والأمن اليمنية اقتحام قصر الأحمر الكائن في حي الحصبة منذ 3 أيام، دون جدوى وتشير الوقائع على الأرض إلى تحقيق المسلحين الموالين للأحمر تقدما ملحوظا في المواجهات على الرغم من الخسائر البشرية التي تكبدوها، فقد تمكن المسلحون، أمس، من الاستيلاء على مبنى وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، بعد مصادمات عنيفة مع حراسته التي تنتمي إلى قوات النجدة والحرس الجمهوري، وقد توقف العمل بصورة تامة في الوكالة الرسمية الوحيدة في البلاد، بعد إجلاء موظفيها اليومين الماضيين، إثر تعرضها لقصف شديد أدى إلى تدمير الطوابق العليا من المبنى وما تحتويه من أجهزة متطورة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن وساطات قبلية جديدة شرعت في احتواء الموقف العسكري المتفجر في صنعاء، وقال عبد القوي القيسي، مدير مكتب الشيخ صادق الأحمر، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا شك في أن هناك تحركات في اتجاه الوساطة»، وأكد القوسي أن جميع أبناء الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر في صحة جيدة ولم يتعرضوا لأية إصابات من أي نوع، في تأكيد منه بعدم إصابة أو مقتل أي من رموز أسرة الأحمر النافذة في اليمن في المواجهات الدائرة.

وعاش سكان العاصمة صنعاء يوما وفصلا جديدا من العنف في ظل دوي الانفجارات العنيفة وإطلاق النار الكثيف بين الجانبين، وقد خلت شوارع صنعاء من المارة إلا في المناطق البعيدة عن المواجهات، وأغلقت المحال التجارية والمؤسسات الحكومية وغيرها، كما توقفت حركة السير في معظم الشوارع، خاصة في ظل أزمة المشتقات النفطية التي يعيشها اليمن.

وسمعت انفجارات عنيفة تهز حي الحصبة مجددا، في حين أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن القوات الحكومية التابعة للرئيس علي عبد الله صالح شرعت في استخدام الصواريخ لدك معاقل آل الأحمر في صنعاء، حيث يعتبرهم الرئيس صالح المحرك الرئيسي للاحتجاجات الشعبية المطالبة بتنحيه، وشوهدت وزارة التربية والتعليم القريبة من حي الحصبة «خاوية على عروشها»، بعد أن اقتربت الاشتباكات منها، بينما قامت قوات الشرطة العسكرية بقطع العديد من الطرق المؤدية إلى منطقة المواجهات، كما انتشر مسلحون بزي مدني في جميع أرجاء صنعاء.

وشهد محيط وزارة الداخلية اليمنية في حي الحصبة مواجهات عنيفة بين القوات النظامية ومسلحي الأحمر. وفي الوقت الذي تحدثت مصادر وشهود عيان عن حصار الوزارة ومكتب الوزير تحديدا، نفى وزير الداخلية اليمني، اللواء مطهر رشاد المصري، سقوط مبنى الوزارة في «يد أولاد الأحمر وعصاباتهم المسلحة»، ونقلت مصادر رسمية عن الوزير المصري قوله إن المعلومات، بهذا الخصوص «ليس لها أي أساس من الصحة وأنها مجرد إشاعات تروج لها بعض المواقع الإلكترونية بهدف البلبلة والإثارة والتهويل»، وأكد أن «أي اعتداء على مبنى وزارة الداخلية سيواجه بحزم من قبل رجال الأمن الأبطال الذين لن يسمحوا لأي كان بالعبث بالأمن والاستقرار أو الاعتداء على المؤسسات والمرافق العامة».

وقال وزير الداخلية اليمني إن «الرجال الأبطال من منتسبي المؤسسة الأمنية سيظلون كما هو العهد بهم دوما وأبدا أوفياء للوطن والثورة والوحدة والشرعية الدستورية والقيادة السياسية بقيادة فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية (ولن يحيدوا قيد أنملة عن هذا النهج)، وسيمضون في أداء مهامهم وواجباتهم الدستورية إلى جانب إخوانهم الأبطال من أبناء القوات المسلحة الأوفياء والمواطنين الشرفاء في الذود عن حياض الوطن وعن الثورة والوحدة والشرعية الدستورية والحفاظ على الأمن ولاستقرار والثوابت والمنجزات الوطنية.. وسيتصدون بكل قوة وحزم ومن دون هوادة للخارجين عن القانون وكل من يحاول العبث بالأمن والاستقرار وإثارة الفوضى في البلاد».

وفي التطورات الأمنية أيضا، تواصل قوات الأمن والجيش اليمنية منع المواطنين من الدخول إلى العاصمة صنعاء أو الخروج منها لليوم الثالث على التوالي، باتجاه أي من المحافظات، في ظل حصار شديد يعيشه سكان اليمن عموما، وسكان العاصمة على وجه الخصوص، في ظل انعدام المشتقات النفطية والغاز، والانطفاءات المتواصلة للتيار الكهربائي التي تصل إلى أكثر من 16 ساعة في اليمن وأكثر من ذلك.

واحتشد، مساء أمس، مئات الآلاف من اليمنيين في شارع الستين في غرب العاصمة صنعاء للتظاهر رفضا لأعمال العنف التي تشهدها البلاد ولوقوع حرب أهلية، يقول الخبراء إن اليمنيين يعرفون جميعا أنها ستكون طاحنة وستأتي على الأخضر واليابس في البلاد، وجاءت هذه المظاهرات في صنعاء وغيرها من المحافظات، استجابة لدعوة شباب الثورة الذين حثوا المواطنين على الخروج إلى الشوارع للتنديد بما سموه سعي الرئيس علي عبد الله صالح إلى جر البلاد نحو حرب أهلية.

من جانبها، أصدرت هيئة علماء اليمن ما يشبه الفتوى، حيث قالت، في بيان لها حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «من الواجب الشرعي على أبناء الشعب اليوم النزول إلى الشارع تعبيرا عن رفضهم الحرب الأهلية التي يخطط لها صالح ونظامه»، ويرأس الهيئة الشيخ عبد المجيد الزنداني، رئيس جامعة الإيمان، الذي انضم وأيد ثورة الشباب، بعد فشل مساعيه للتوفيق بين السلطة والمعارضة لإنهاء التوتر القائم. وشهدت معظم المحافظات اليمنية، أمس، عصيانات مدنية غير مسبوقة، في سياق الضغوط الشعبية على صالح للتنحي عن السلطة.

وفي الوقت الذي صعدت الولايات المتحدة من لهجتها ضد الرئيس صالح ونظامه، حيث طالبه الرئيس باراك أوباما بالبدء الفوري في نقل السلطة، فقد قال صالح إن بلاده لن تصبح دولة فاشلة وأنه «لن يستدرج إلى حرب أهلية»، في إشارة إلى المواجهات المسلحة التي تشهدها العاصمة صنعاء، وأعطى الرئيس اليمني إشارات أخرى إلى إمكانية توقيعه على المبادرة الخليجية التي سبق أن رفض التوقيع عليها خلال الأسابيع القليلة الماضية، وذلك عندما أكد أنه إذا ما وقع على المبادرة فسوف يظل في اليمن وسوف يعمل في إطار المعارضة، في إشارة واضحة إلى أنه ربما يستعيد السلطة في القريب العاجل بعد تنحيه، حسبما قال لوكالة «رويترز».

وتحدث الرئيس اليمني لعدد من وسائل الإعلام، أمس، في صنعاء عن جملة من القضايا في الساحة، وعن الاشتباكات الجارية في حي الحصبة مع أسرة آل الأحمر، حيث قال إن أحداث الحصبة «تصرف استفزازي» من أجل «استدراج اليمن إلى حرب أهلية، ولكن هذا قاصر على أبناء الأحمر وأحملهم مسؤولية إراقة دماء مدنيين أبرياء»، وأضاف أنهم: «حتى هذه اللحظة يهاجمون وزارة الداخلية، ولكنه لا يريد توسيع نطاق المواجهات».