نجاد يتراجع وخامنئي يضع خطا أحمر لمحاولته توسيع سلطته

الخارجية الإيرانية تؤكد أنه لن يحضر اجتماع أوبك

TT

أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أول من أمس أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لن يتولى حقيبة النفط، أو حتى يحضر اجتماع منظمة أوبك في فيينا الشهر المقبل، كما كان مقررا في وقت سابق. ويشير تغيير الخطة، كما أعلنت ذلك الصحف الإيرانية الرسمية مساء الاثنين الماضي، إلى تراجع الرئيس في صراعه على السلطة مع المرشد الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي.

وكان نجاد قد أعلن قبل 9 أيام، أنه سيتولى حقيبة النفط بشكل مؤقت، لحضور اجتماع أوبك للضغط من أجل زيادة أسعار النفط. والآن، وبعد أن انخفض التمثيل إلى مستوى وزير، يستبعد معظم خبراء الطاقة أن يسفر الاجتماع عن أي تحولات مفاجئة في سياسة أوبك بشأن الأسعار أو الإنتاج.

ويرى البعض في تحرك أحمدي نجاد لتولي وزارة النفط، وإظهار نفسه على الساحة العالمية في اجتماع الأوبك في الثامن من يونيو (حزيران) في فيينا، أحدث المناوشات التي ظهرت في مواجهة نجاد مع المرشد الأعلى، والتي طفت إلى السطح قبل شهر، وألقت الضوء على اتساع هوة الخلاف في أوساط النخبة الحاكمة في إيران. وأظهر هذا التراجع أن قدرة أحمدي نجاد على ممارسة السلطة المستقلة في أي من الشؤون الداخلية أو الخارجية آخذة في التقلص.

وقال كليف كوبشان، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأميركية، ويعمل حاليا خبيرا في الشؤون الإيرانية في مجموعة أوراسيا الاستشارية: إن المرشد «وضع خطا أحمر واضحا حول محاولات أحمدي نجاد المستمرة للاستيلاء على السلطة. لقد تم إضعاف أحمدي نجاد بشدة».

من ناحية أخرى، نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية عن شجاع الدين بازارجاني، وهو مسؤول كبير في وزارة النفط، قوله الاثنين الماضي إن أحمدي نجاد «أعلن قراره بنفسه، وسيختار أحد وزرائه لحضور الاجتماع». وقام المتحدث باسم وزارة الخارجية بتأكيد الخبر أول من أمس، واضعا حدا للروايات المتضاربة التي تم تناقلها خلال الأيام القليلة الماضية، بشأن ما إذا كان أحمدي نجاد سيحضر الاجتماع أم لا.

ويقول خبراء في الشأن الإيراني، إن مجموعة أحمدي نجاد ضعفت مع قرب إجراء الانتخابات البرلمانية العام المقبل، وإنه من المحتمل أن يقوم رجال الدين المحافظين باختيار شخصية أكثر مرونة للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2013.

وزاد من عمق المكيدة التي تحيط بموقف أحمدي نجاد السياسي يوم الثلاثاء الماضي عندما هز انفجار غامض أكبر معمل تكرير للنفط في إيران في الوقت الذي كان مقررا أن يصل فيه نجاد إلى المكان لافتتاح مشروع التوسعة. وقد أصيب ما لا يقل عن 20 شخصا في الانفجار الذي نسبته وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية «فارس» إلى تسرب للغاز. وتابع أحمدي نجاد الافتتاح وألقى خطابا من المكان تم بثه على الصعيد الوطني.

يذكر أن الصراع على السلطة طفا إلى السطح الشهر الماضي بعد إقدام أحمدي نجاد على إقالة حيدر مصلحي، رئيس وزارة الاستخبارات، لكن آية الله خامنئي رفض القرار، في إشارة إلى أنه سيحتفظ بالسيطرة على الوزارة السيادية.

وقبل أسبوعين اتخذ أحمدي نجاد خطوة أخرى لتوطيد سلطاته من خلال إقالة 3 وزراء في الحكومة، لكن مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة قوية مشكلة من رجال الدين والحقوقيين المسؤولين عن المحافظة على الدستور، أعلن نهاية الأسبوع الماضي أن الرئيس تجاوز سلطته.

ويصر مساعدو أحمدي نجاد حتى الآن على أنه ما زال يحتفظ بمنصبه الإضافي كوزير للنفط، ولكن قراره بعدم السفر إلى اجتماع أوبك يوحي بأنه لا يعدو كونه مشرفا على وزارة النفط المسؤولة عن أكثر من ثلاثة أرباع إيرادات البلاد.

ويقول خبراء في الشأن الإيراني إن أحمدي نجاد جريح سياسيا، بيد أنه لا يزال قويا ومن المرجح أن يتحدى آية الله خامنئي مرة أخرى.

وقال جيمي وبستر، وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط في شركة «بي إف سي إنيرجي» الاستشارية: «لا أعتقد أن موقف نجاد سيئ». وأشار إلى أن آية الله خامنئي لديه السلطة لإقالة أحمدي نجاد، إلا أن الأخير يحظى بتأييد الكثير من الإيرانيين في المناطق الريفية والفقيرة، لا سيما بعد التغيير في نظام الدعم الحكومي المقدم للوقود والمواد الغذائية في أواخر العام الماضي، والذي حمى الفقراء في المناطق الريفية من التكاليف التي تتحملها بدلا من ذلك الطبقة الوسطى في المناطق الحضرية.

وترأس إيران الدورة الحالية لمنظمة الأوبك التي تضم 12 دولة، ويعني هذا أن يقوم وزير النفط الإيراني بإلقاء البيان الافتتاحي وترؤس الجلسات.

* خدمة «نيويورك تايمز»