زيارة نتنياهو لواشنطن ترفع من شعبيته في إسرائيل.. وناشطون يرون في خطابه نهاية لمسار المفاوضات

حركة «سلام الآن»: رئيس حكومتنا يقودنا إلى مواجهة انتفاضة فلسطينية ثالثة

بنيامين نتنياهو
TT

حقق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ارتفاعا ملحوظا في شعبيته، بعد خطابه أمام الكونغرس الأميركي؛ فقد أشار استطلاع رأي جديد إلى أن 38% من الجمهور الإسرائيلي يرى فيه أفضل شخصية إسرائيلية لمنصب رئيس الحكومة. ولكن ردود الفعل على الخطاب تباينت في الدولة العبرية؛ فقد هاجمه اليمين المتطرف داخل حزبه وخارجه، بدعوى أنه قدم تنازلات جديدة مجانية للفلسطينيين، بينما هاجمته المعارضة في وسط الخارطة السياسية ويسارها. وراحت حركة «سلام الآن» بعيدا لتحذر من أن سياسته تقود إسرائيل إلى مواجهة انتفاضة فلسطينية ثالثة.

وكان رجال نتنياهو قد أشادوا بهذا الخطاب، مشيرين إلى أن الكونغرس صفق له أكثر من 30 مرة؛ منها أكثر من 20 مرة وقوفا. وقال وزير المواصلات، إسرائيل كاتس، إن نتنياهو مثل إسرائيل بشكل مشرف، وعرض أمام الكونغرس الحقوق التاريخية لإسرائيل بصورة حادة وواضحة وحظي بتأييد الكونغرس بكل أعضائه.

وقال وزير الإعلام يولي ادلشتاين إن نتنياهو «فضح حقيقة الفلسطينيين، الذين سارعوا فور الانتهاء من الخطاب إلى تكرار مواقفهم التقليدية حول حق عودة اللاجئين والانسحاب إلى حدود 1967». وأضاف: «لقد وجدوا أنفسهم يعترفون بأنهم لا يريدون دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، بل مكان دولة إسرائيل».

ولكن شخصيات عديدة في اليمين الإسرائيلي هاجمت خطاب نتنياهو بشدة؛ فقال وزير الداخلية في حكومته، إيلي يشاي، من حزب «شاس» للمتدينين الشرقيين، إنه، أي نتنياهو، أخطأ عندما تحدث عن مزيد من التنازلات عن الأراضي، قبل أن تتضح صورة تحالف حركتي فتح وحماس. «فالفلسطينيون رفضيون، لا يريدون مفاوضات ولا يقدمون تنازلات، ويواصلون التحريض ونشر العداء والكراهية ضد اليهود».

وقال النائب عن حزب الليكود داني دنون إن خطاب نتنياهو احتوى على عدة لسعات خطيرة. فهو يتحدث عن «تنازلات مؤلمة مستعد لتقديمها للفلسطينيين ووافق على مبدأ الدولة الفلسطينية، وهذا يهدد إسرائيل، وتحدث عن إزالة مستوطنات في قلب الضفة الغربية. وفتح الباب لتنازلات في القدس، عندما وافق على (حلول خلاقة) لقضية القدس لإشباع رغبة العرب في هذه الديار الذين أعترف بأن لهم علاقة مميزة بالقدس». وأضاف دنون، الذي يرأس فروع حزب الليكود في الغرب، أن «مواقف نتنياهو هذه لا تحظى بأكثرية، لا في الليكود ولا في الشارع الإسرائيلي». واعتبرها رضوخا للحسابات الانتخابية الداخلية للرئيس الأميركي.

وقال رئيس مجلس المستوطنات المحيطة بنابلس جرشون مسيكا، إن نتنياهو انزلق في منحدر خطير للتخلي عن أفكار اليمين الذي انتخبه وذلك تحت ستار «التكتيك» و«المماطلة في الوقت». فـ«بهذه الطريقة يكون قد فعل شيئا واحدا فقط هو استدعاء مزيد من الضغوط عليه من دول الغرب».

وهاجمت المعارضة الليبرالية واليسارية أيضا خطاب نتنياهو؛ فقالت رئيسة الكتلة البرلمانية في «كديما» داليا إيتسيك، إن هدف خطاب نتنياهو هو كسب رفاقه في الائتلاف الحكومي، «لكنه من حيث المضمون، لم يأت بجديد، وعلينا، أن لا نخدع أنفسنا ازاء الاستقبال الحار في الكونغرس، فالقرار الأميركي يؤخذ في البيت الأبيض، وهناك يوجد موقف سلبي للغاية من نتنياهو، الذي لم يعودوا يثقون به ولا يصدقون وعوده، وهذا يسبب أزمة في العلاقات بين البلدين يهدد بأضرار حقيقية لإسرائيل ومصالحها الأمنية العليا». واختتمت قائلة: «لقد أدخلنا نتنياهو في مواجهة زائدة ولا ضرورة لها ضد الولايات المتحدة». وقال زميلها في الحزب يوحنان بليسنر: «ليس مهما أن تلقي خطابا لامعا في الشكل، بل أن تفعل شيئا على الأرض؛ فرئيس الوزراء نجح في تحقيق أكبر تدهور في العلاقات مع الولايات المتحدة».

وقال رئيس حركة «سلام الآن» يريف أوفنهايمر إن نتنياهو أغلق نهائيا باب المفاوضات مع الفلسطينيين وبات يقود إسرائيل إلى مواجهة انتفاضة ثالثة.

وانضمت إلى هذا الرأي البروفسور جاليا جولان؛ فقالت إن نتنياهو أغلق باب المفاوضات ولعب عمليا في لعبة مزدوجة؛ فقد تفوه بكل الكلمات الجميلة عن أهمية السلام، ولكنه نقض كل ما قاله أوباما عن شروط السلام، خصوصا رسم حدود الدولة الفلسطينية على أساس 1967 وتقسيم القدس. «إنه عمليا وجه إهانة إلى أوباما».

وأما الخبير إيتان غلبواع، البروفسور في العلاقات الدولية، فيرى أن نتنياهو ارتكب حماقة سيدفع ثمنها باهظا، حيث إنه خرج عن المألوف ودخل في صدام مع الرئيس الأميركي، وهذا أمر لا يحبه الأميركيون. ولفت غلبواع إلى أن المعركة الحقيقية ستكون في المرحلة المقبلة، حيث إن أوباما غاضب عليه وأوروبا لا تمسك ألاعيبه، وتطالبه بـ«دفع الفاتورة» السياسية كاملة وبالعملة الأوروبية.