إخوان مصر يرفضون «جمعة الغضب الثانية» ويعتبرونها انقلابا على الشرعية

«ميدان التحرير» يستعد لاستقبال ثوار «25 يناير» وسط أجواء توتر

مواطنون مصريون يتابعون عناوين الصحف المصرية في أحد ميادين وسط القاهرة، عن إحالة الرئيس السابق ونجليه إلى المحكمة، أمس (أ.ف.ب)
TT

لم تكتفِ القوى السياسية في مصر بالتمترس حول مواقفها المتباينة بشأن المشاركة في الدعوة لتنظيم مظاهرة مليونية غدا (الجمعة)، بل تجاوزتها لتتبادل الاتهامات حول الهدف من التحرك الشعبي المنتظر. وبدا أن ميدان التحرير في وسط العاصمة، يستعد لاستقبال الثوار أنفسهم يوم غد، إنما بلا توافق حول المطالب، حتى بين القوى المشاركة في الفعالية المثيرة للجدل، بعد أن كان هذا التوافق ملمحا مميزا لاعتصامهم طوال 18 يوما أسقطوا خلالها نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) الماضي.

وخرجت قيادات جماعة الإخوان المسلمين عن صف الإجماع، وأعلنوا عدم مشاركتهم في الدعوة المليونية، وانتقلوا من موقع الدفاع إلى الهجوم، متهمين تحرك النشطاء الداعين إلى «جمعة الغضب الثانية» بأنه «ثورة ضد الشعب أو أغلبيته الواضحة»، معتبرين الدعوة محاولة لـ«الوقيعة بين الشعب وقواته المسلحة وقيادتها الممثلة في المجلس الأعلى (للقوات المسلحة)».

ودعا بيان صدر عن اجتماع لمكتب إرشاد الجماعة أمس من وصفهم بـ«القوى الحية والشعب المصري» إلى العمل بكل قوة على وأد أي وقيعة أو فتنة سواء بين صفوفه أو بينه وبين قواته المسلحة، وعدم المشاركة في هذه الفعالية.

وقال الدكتور محمد البلتاجي القيادي الإخواني البارز إن «الجماعة ترفض محاولة الدفع باتجاه صدام مع الجيش، كأن الناس تريد لنا أن ندخل في سيناريوهات نجانا الله منها»، في إشارة لموقف الجيش الليبي والسوري اللذين استخدما القوة ضد شعبيهما.

وأكد البلتاجي أن «الإخوان» لن يشاركوا في أي مظاهرة ترفع مطالب لا تحظى بإجماع وطني، قائلا إن «هناك ممارسات تدعو للقلق، ونحن مع حق الناس في التحرك للضغط على المجلس العسكري ولكن نحن كجماعة ضد الصدام». وأثار موقف جماعة الإخوان استياء قوى سياسية، وعلق الناشط المصري ممدوح حمزة بقوله «لا جديد في موقف الإخوان.. هم ينتظرون دائما تحرك الناس ليلحقوا بهم بعد أن يطمئنوا لنجاح تحركهم». ونأى شباب الإخوان عن الرد على موقف قياداتهم، معلنين مع ذلك مشاركتهم في الدعوة المليونية ضمن ائتلاف شباب ثورة «25 يناير» الذي يضم شباب 9 فصائل سياسية، واختار الائتلاف «جمعة الفساد السياسي» كشعار مختلف لتحركه.

وأعلن الائتلاف 7 مطالب هي: «تسريع وتيرة محاكمات رموز النظام السابق والفاسدين بطريقة أكثر فعالية، بالإضافة لعلنية محاكمات رموز النظام السابق والفاسدين، وفرض سيادة القانون على الجميع، ووضع قانون للفساد السياسي يسمح بمحاكمة أفراد الحزب الوطني (المنحل) ممن أفسدوا الحياة السياسية في الفترة السابقة».

كما طالب الائتلاف بـ«إعادة النظر في حركة المحافظين، وإقالة رؤساء الجامعات والوزراء غير الفاعلين في الحكومة، واستعادة الأمن في الشارع، وتطهير جهاز الشرطة من القيادات الفاسدة، ووقف أعمال البلطجة في إطار من سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وتحديد مهام الأمن الوطني مع رفع الضبطية القضائية عنه، ووضع حد أقصى للأجور في القطاع الحكومي، وتقليص المصروفات غير الضرورية في الموازنة العامة للدولة، وأخيرا استكمال تطهير كل مؤسسات الدولة وخصوصا المؤسسات الإعلامية والقضائية».

وقال شادي الغزالي حرب عضو ائتلاف شباب ثورة «25 يناير» إن «الائتلاف سيحمل مبادرة لطرحها على القوى السياسية غدا (الجمعة) تطالب بتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد فورا، ثم إجراء انتخابات رئاسية يعقبها انتخابات برلمانية».

ولا يزال موقف شباب الإخوان من المبادرة غير واضح، خاصة أن قيادات الإخوان أعلنوا رفضهم لهذا التوجه، معتبرين أنه انقلاب على شرعية الاستفتاء الذي تم في مارس (آذار) الماضي وصدر بموجبه إعلان دستوري حدد موعدا لانتخابات البرلمان في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وقال محمد القصاص ممثل شباب الإخوان في الائتلاف، إنهم بانتظار ردود الفعل على المبادرة التي توافقوا على إطلاقها من الائتلاف، الذي حرص على تأكيد أن الدعوة إلى التظاهر تبدأ عقب صلاة الجمعة وتنتهي في السادسة مساء.

وأعلنت 4 أحزاب ليبرالية هي: حزب الجبهة الديمقراطية، ومصر الحرية (تحت التأسيس)، والمصريون الأحرار (تحت التأسيس)، والمصري الاجتماعي (تحت التأسيس)، عن تضامنها مع الدعوة المليونية، مؤكدين سلمية المظاهرة ومحددين موعد فضها في السادسة مساء.

وقال الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية، العضو المؤسس في حزب مصر الحرية، إن ائتلاف الأحزاب الأربعة يؤكد ثقته بالمجلس العسكري ودوره في المرحلة الانتقالية، وإن الخلاف السياسي حول بعض السياسات وخريطة الطريق المعلنة من قبل المجلس العسكري لا تعني التشكيك في هذا الدور.

وتابع حمزاوي بقوله إن المطالب الرئيسية للأحزاب الأربعة هي إعادة النظر في الجدول الزمني المقرر، حيث لا تسمح الظروف الأمنية بإجراء انتخابات برلمانية في سبتمبر، ونقترح تأجيلها لعدة أشهر، مع فتح نقاش مجتمعي موسع حول قوانين مباشرة الحقوق السياسية والأحزاب ضمن الأطر الحالية الرسمية (مؤتمر الوفاق القومي)، والشعبية (مؤتمر مصر الأول). وأضاف حمزاوي أن الأحزاب تطالب بأن تبدأ الحكومة فورا في حوار لوضع مبادئ فوق دستورية على أن تكون إطارا موجها للجنة التي سيشكلها البرلمان مع انتخابه.

وأعلنت الأحزاب الليبرالية رفضها للمحاكمات العسكرية مطالبة بإعادة إجراءات محاكمة النشطاء السياسيين المحكومين أمام القضاء العسكري أما قاضيهم الطبيعي. وعادت مظاهر تأمين المتظاهرين في الميدان إلى الصدارة من جديد، وأعلن اتحاد شباب الثورة تشكيل لجان شعبية بالتعاون مع القوى المشاركة في المظاهرة لتأمين المشاركين وتجنب أي محاولة للوقيعة بين الثوار والقوات المسلحة.

وقال مراقبون إن إجراءات حماية الميدان تعكس درجة توتر المشهد السياسي في مصر، للمرة الأولى منذ أحداث يوم 2 فبراير المعروف إعلاميا بـ«موقعة الجمل».

ورغم تراجع النشطاء الداعين ليوم الغضب الثاني، في إشارة منهم لجمعة الغضب الأولى في 28 يناير (كانون الثاني)، عن مطلب تشكيل مجلس رئاسي مدني بدلا من المجلس العسكري، يخشى مراقبون ونشطاء سياسيون من الصدام بقوات الشرطة العسكرية.

ورفع المتظاهرون في ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي شعارات ضد المجلس العسكري وعدد من قياداته، بعد تسريبات عن احتمال طلب الرئيس السابق العفو من المجلس العسكري، وهو ما تم نفيه، قبل قرار إحالة مبارك إلى محكمة الجنايات أول من أمس.