المعلم: أين الأشقاء العرب.. والأوروبيون أخطأوا حين تطاولوا على الرئيس

عقد اجتماعا مع السفراء العرب.. والمقداد يعتبر أن سوريا تتعرض لأخطر حلقة في سلسلة المؤامرات

وليد المعلم (أ.ف.ب)
TT

عقد وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم اجتماعا مع السفراء العرب في منزل السفير القطري زايد بن سعيد الخيارين في دمشق، وذلك في ظل تأزم العلاقات السورية - القطرية على خلفية اتهام سوريا لقطر بالصمت على ما تقوم به قناة «الجزيرة» والشيخ يوسف القرضاوي من تحريض للسوريين على التظاهر ضد النظام. وتوقف مراقبون في دمشق عند عقد لقاء هكذا في منزل السفير القطري وأن يحضره الوزير المعلم وتقوم جريدة «الوطن» السورية المقربة من النظام بنشر الخبر على الصفحة الأولى في عدد يوم أمس، فيما لم تأتِ على ذكر الخبر وسائل الإعلام الرسمية.

ونقل عن المعلم في حديثه عتبه على العرب، وذلك من خلال إشارته إلى أن كلا من روسيا والصين وإيران أصدروا بيان استنكار للعقوبات الأميركية والأوروبية على سوريا، وتساؤله «أين الأشقاء؟» مع أن «سوريا لم تتأخر إطلاقا في مساندة أي قطر عربي في قضاياه». وقال «كلنا معرضون، وبكل صراحة أقول إننا عاتبون على أشقائنا العرب من باب المحبة والأخوة على الأقل، أن يظهروا تضامنهم مع سوريا في مواجهة هذه العقوبات بشكل يظهر أننا أصدقاء، خصوصا في أوقات الضيق».

وقالت صحيفة «الوطن» إن السفير القطري، دون مناسبة سياسية، اختار أن يجمع نحو العشرين من ممثلي البلدان العربية في سوريا، على شرف المعلم، كنوع من إعادة التذكير بما يجمع البلدين من علاقات مميزة، معتبرا استجابة الوزير المعلم لهذه الدعوة بمثابة «تأكيد لمتانة العلاقة التي تجمع بين قطر وسوريا».

كلام وافق عليه المعلم حين وصف اجتماع الأمس بأنه «يعكس الحرص على العلاقات الثنائية (بين البلدين) والتضامن العربي المتمثل من خلالكم (السفراء) عبر العمل العربي المشترك»، وقال المعلم إن «توقيت المبادرة مهم لأن الكثير من وسائل الإعلام والأوساط الأخرى تشكك في متانة هذا التضامن العربي»، مؤكدا وهو يتنقل بين وجوه الحاضرين «أن المصير مشترك والمستقبل مشترك بين الدول العربية» وأن «الأحداث التي تجري على الأرض لها دائما وجهتا نظر، ولكني أقول بثقة إن هذه الأزمة رغم شرورها فإنها أيضا حملت في طياتها دروسا وعبرا».

وحول العقوبات الأميركية، قال المعلم إن العلاقات السورية - الأميركية منذ الاستقلال وحتى اليوم «لم تشهد فترة يمكن تسميتها بفترة علاقات طيبة، وكانت دوما متوترة، والسبب يعود لموقفنا من إسرائيل»، ويذكر أنه حين كان سفيرا لسوريا في واشنطن (1991) «زارني مستشار الأمن القومي حينئذ مارتن إنديك، وأخطأت (متهكما) وبحثت معه العلاقات الثنائية، وكان رأيه أن العلاقات الثنائية لا يمكن أن تتحسن بوجود إسرائيل لأنها ستعتبر هذا التحسن على حسابها». وأضاف: «وأنا هنا لا أناقش الالتزام الأميركي بأمن إسرائيل، ولكن أسأل هل يستقبل (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو في الكنيست الإسرائيلي مثلما استقبل في الكونغرس الأميركي؟ 32 مرة من التصفيق وقوفا خلال خطابه؟ هل هو رجل سلام؟ هل صنع سلاما؟ هل أوقف الاستيطان؟» وسأل المعلم: «يتبارون من أجل أصوات يهودية في الانتخابات الأميركية، حتى (الرئيس الأميركي باراك) أوباما تراجع عن حدود الدولة الفلسطينية التي أعلنها في خطابه بعد 48 ساعة فقط، لذا يستنتج المرء أن الولايات المتحدة لا يؤتمن عليها في القضايا العربية».

وحول عقوبات الاتحاد الأوروبي، قال «للأسف كنا نعتقد أن الاتحاد الأوروبي شريك يعتمد عليه. ووجدنا أنه في نهاية المطاف يريد تأكيد مصالحه على حساب مصالحنا». ورأى المعلم أن «تاريخ أوروبا استعماري في المنطقة وعانينا منه وعانى آباؤنا وأجدادنا منه، والآن يبدو لي أنهم يدفعون بمسألة حقوق الإنسان كأولوية، وهنا أتساءل كيف الحرص على حقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته يقومون بتجميد كل عملياته التنموية في سوريا، عبر وقف قروض الاستثمار الأوروبية ووقف التعاون في برامج الإصلاح الاقتصادي والتنمية؟!».

وأضاف «أقول إنهم أخطأوا كثيرا حين تطاولوا على الرئيس بشار الأسد، لأنه رمز للسيادة الوطنية، كما أخطأوا في محاولة التحريض لمجموعات على الشغب لمواصلة هذه الأزمة». وذكر المعلم أنه استقبل منذ مدة قصيرة سفراء عدد من الدول الغربية معا، وأنهم قالوا له إن بعض المثقفين يتصلون بهم ويعلمونهم برغبتهم في الحوار، مضيفا أنه تساءل «لماذا الاتصال بكم؟ لماذا لا يتصلون بالمستشارة الرئاسية بثينة شعبان إن كانوا حريصين على هذا الحوار؟» مشيرا إلى أن شعبان «قامت بالاتصال بهم وبعضهم رفض وبعضهم قبل، وبعضهم وضع بين قبوله والرفض شروطا»، وقال إن الحكومة استنتجت «من حوارنا مع بعضهم أن هذه السفارات تحرضهم على الاستمرار في التظاهر»، ليتساءل مجددا «ماذا يريدون؟ استمرار الأزمة أم الإصلاح؟»، ليجيب «أؤكد بكل ثقة أن الإصلاح قادم، وأنه لا يحدث بعصا سحرية ويحتاج إلى وقت وأي تشريع يحتاج لوقت واستمزاج الناس فيه، وهو عملية مستمرة لا تتوقف وهو سيؤدي إلى خروجنا أقوى من هذه الأزمة وأكثر تماسكا».

من جهته، اعتبر نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد أن ما تتعرض له سوريا هو «أخطر حلقة في سلسلة المؤامرات التي حيكت ضدها بهدف ضرب صمودها والقضاء على دورها المحوري في المنطقة»، وقال إن «مجموعات متطرفة وعناصر إرهابية قامت بالتلاعب بمطالب الشعب المحقة وحرفها بعيدا عن هدفها الأصلي، ومارست العنف المسلح لزرع الفوضى، وأنه ثبت بالدليل القاطع ارتباط هذه المجموعات بجهات خارجية».

واتهم بعض وسائل الإعلام «بقلب الحقائق ورواية الأكاذيب»، وقال المقداد خلال إلقائه كلمة سوريا صباح أمس أمام المؤتمر الوزاري السادس عشر لحركة عدم الانحياز المنعقد في إندونيسيا بالتزامن، إن سياسات سوريا بنيت داخليا على «التطوير والانفتاح وعلى التواصل المباشر» بين الرئيس بشار الأسد والمواطنين في حين بنيت السياسة الخارجية على «التمسك بالحقوق الوطنية والدفاع عن القضايا العربية ودعم استقلال الشعوب في أنحاء العالم كافة وتأييد حركات التحرر».

وأشار المقداد إلى أن هذا الموقف السوري «لا يعجب البعض على الساحة الدولية فتعرضت سوريا لأخطر حلقة في سلسلة المؤامرات التي حيكت ضدها بهدف ضرب صمودها والقضاء على دورها المحوري في المنطقة». وعرض للرواية الرسمية لما يجري فقال «قامت مجموعات متطرفة وعناصر إرهابية بالتلاعب بمطالب الشعب المحقة وحرفها بعيدا عن هدفها الأصلي.. وقد ترافقت أعمال الجماعات الإرهابية بحملة إعلامية غير مسبوقة لتشويه الحقائق وتضليل الرأي العام ونشر أخبار تحريضية تتنافى وأبسط الأخلاقيات الإعلامية والمهنية».

واتهم بعض وسائل الإعلام بتجاهل «المشاهد الدموية لضحايا تلك المجموعات الإرهابية وتمثيل المجرمين بجثث الضحايا، وبالتعامي عن حمل هذه المجموعات للسلاح وعن كون الكثير من المظاهرات ليس سلميا». وقال: «لم تكتف بعض وسائل الإعلام بذلك بل قامت بقلب الحقائق ورواية أكاذيب عن قيام قوى الأمن بإطلاق النار على مسيرات سلمية في الوقت الذي كانت فيه قوى الأمن هي التي تتعرض لإطلاق النار من قبل هذه العصابات المجرمة مما أدى إلى استشهاد ما يزيد على 150 ضابطا وجنديا من عناصر الشرطة والجيش».

وانتقد المقداد الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين واتهمهم بـ«النفاق»، وقال إن سوريا لم تفاجأ بمدى النفاق في «الحرص على دماء السوريين»، وتجاهلهم ما «أوضحته سوريا حول ضبط كميات كبيرة من الأسلحة المهربة إلى عصابات مسلحة مرتبطة بالخارج تقوم بتنفيذ عشرات العمليات الإرهابية المسلحة ضد الأبرياء»، وضد ضباط وجنود الجيش وقوى حفظ النظام. وأكد أن «من يعمل من أجل الإصلاح لا يلجأ إلى التخريب».

وردا على الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي من عقوبات ضد مسؤولين سوريين بينهم الأسد، قال المقداد إنه «لا يمكن تفسيرها إلا على أنها دعم مباشر لتلك المجموعات الإرهابية والمتطرفة ودفع لها لإراقة المزيد من دماء المواطنين الأبرياء». واعتبر نائب وزير الخارجية والمغتربين أن «توظيف» هذه المجموعات لإثارة الشغب يهدف إلى «إيجاد معارك جانبية تستنزف سوريا وتحرف الشعب عن المضي في طريق الإصلاح والتنمية»، مشيرا إلى أن الأسد «كان ولا يزال يرى أن الحلول السياسية هي الأساس للوصول إلى الإصلاحات المحقة وأن الحوار الذي يشمل جميع شرائح المجتمع ومكوناته هو ما يوصلنا إلى النتيجة المطلوبة». وفيما يتعلق بعملية السلام، قال المقداد إن «العالم بات يدرك أن عملية السلام التي بدأت في عام 1991 لم تحقق أيا من أهدافها بل كانت مجرد عملية دون سلام وأن الأحداث أثبتت صحة موقف سوريا المعلن حول عدم وجود شريك إسرائيلي للسلام».

وكان المقداد رئيس الوفد السوري إلى الاجتماع الوزاري السادس عشر لحركة عدم الانحياز، قد التقى مع وزراء خارجية مصر وإندونيسيا والهند وتايلاند والأكوادور وكوريا الديمقراطية والغابون وجنوب أفريقيا وإيران والبوسنة والهرسك. كما التقى رؤساء وفود البرازيل وكوبا وكولومبيا ولبنان وقطر وكازاخستان ونيجيريا وفنزويلا والاتحاد الروسي حيث عرض موقف سوريا من الأحداث الجارية فيها والتطورات في المنطقة.