الرئيس اليمني يأمر باعتقال «أولاد الأحمر».. وهم يقولون إنهم صامدون

المعارضة اليمنية تطالب صالح بوقف الحرب ومجلس الأمن بدعم مطالب الشعب

TT

أمر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، أمس، باعتقال الشيخ صادق الأحمر، زعيم قبيلة حاشد القوية والنافذة وأشقائه الفاعلين في الحياة السياسية اليمنية، في الوقت الذي تواصلت فيه المواجهات العسكرية المسلحة بين الطرفين في قلب العاصمة صنعاء، والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، وأدت إلى نزوح الآلاف من السكان من منطقة المواجهات.

وقالت وزارة الدفاع اليمنية إن النيابة العامة تعكف على تحرير أمر بالقبض القهري على من وصفتهم بـ«المتمردين» من أولاد الأحمر وغيرهم، وذلك لمحاكمتهم بتهمة «الخيانة العظمى والتمرد المسلح». وذكرت الوزارة أنه يجري حاليا إعداد ملف بالجرائم التي ارتكبها المتمردون (أولاد الأحمر وغيرهم) بحق المواطنين وقتل وإصابة عدد منهم في حي الحصبة بصنعاء ومهاجمة وقصف عدد من المصالح والمنشآت الحكومية والخاصة، وعدد كبير من منازل المواطنين ومهاجمة بعض المرافق الخدمية كالمدارس والتمترس فيها والاعتداء منها على المواطنين وتشريد مئات الأسر من القاطنين في حي الحصبة، إضافة إلى محاولة زعزعة الأمن والاستقرار والسكينة العامة في العاصمة صنعاء.

هذا في الوقت الذي تواصلت فيه المواجهات العسكرية العنيفة في حي الحصبة لليوم الرابع على التوالي، وقال شهود عيان إن العشرات سقطوا قتلى وجرحى في القصف المدفعي المكثف الذي تنفذه القوات الحكومية على المنطقة، وإن من بين القتلى مدنيين، غير أن إغلاق المنطقة وشراسة المواجهات، لم تمكن الطواقم الطبية ووسائل الإعلام من الوصول إلى المناطق التي استهدفها القصف والقصف المضاد.

ونفى زعيم قبيلة حاشد، الشيخ صادق الأحمر، الأنباء التي تحدثت عن تمكن القوات الحكومية من اقتحام منزله. وقال في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه يستهجن ما يشيعه علي صالح عن اقتحام المنزل وعن إصابة بعض أبناء الشيخ الراحل عبد الله الأحمر في المواجهات المسلحة. وأضاف البيان أنه «إذ ينفي مثل هذه الإشاعات نفيا مطلقا، يؤكد أن أبناء الشيخ عبد الله الأحمر صامدون في الدفاع عن منزلهم وأنهم جميعا بصحة جيدة ولا صحة لما يروجه علي صالح مطلقا، وإن مثل هذه الإشاعات دليل إفلاس وخيبة وتخبط، كون علي صالح وميليشياته لم تستطع أن تتقدم خطوة واحدة، فأنصار الشيخ الأحمر لهم بالمرصاد».

واعتبر زعيم قبيلة حاشد أن «مثل هذه الاعتداءات لن تثني عزيمة أبناء الأحمر من مواصلة دعمهم وتأييدهم لثورة الشعب السلمية، وأنه مهما حاول علي صالح خلق الذرائع لإخراج ثورة الشعب عن سلميتها، ستبوء محاولاته بالفشل، كون أوراقه قد كشفت أمام الشعب اليمني بكامله، وأصبح لا يستطيع مغالطة هذا الشعب العظيم الذي عرف طرقه الملتوية خلال 33 عاما».

وأشارت التطورات الميدانية في صنعاء بوضوح، إلى رغبة وسعي السلطات اليمنية إلى حسم عسكري على مسلحي الأحمر المتمترسين داخل قصور الشيخ صادق الأحمر وأشقائه في حي الحصبة، وداخل وزارات ومؤسسات حكومية كثيرة مجاورة، تمكنوا من السيطرة عليها خلال الأيام الماضية. وعاش سكان العاصمة اليمنية صنعاء، ليل أول من أمس وفجر أمس، على وقع انفجارات عنيفة وقصف متبادل بدد سكون وظلام ليل صنعاء الدامس بفعل انقطاع التيار الكهربائي بصورة شبه تامة طوال أكثر من أسبوع.

وقال مصدر مقرب من الشيخ صادق الأحمر لـ«الشرق الأوسط» إن أسرة الأحمر ومعها كافة مشايخ وقبائل وأبناء اليمن، صامدون إلى أبعد مدى في مواجهة الرئيس صالح حتى يرحل عن السلطة. وأشار المصدر إلى أنه رغم القصف المكثف الذي استهدف القصر الرئيسي، وهو منزل الراحل الشيخ عبد الله الأحمر، فإن الأضرار الناجمة عن ذلك القصف تعد بسيطة وليست كما يتصور البعض.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن مواجهات بالأسلحة الرشاشة دارت، مساء أمس، خلف مبنى وزارة الداخلية القريب من قصر الأحمر، وقالت المصادر إن الاشتباكات دارت بين مجاميع «البلطجية» المحيطين بالوزارة ومواطنين مسلحين قدموا من شمال العاصمة إلى حي الحصبة.

في هذه الأثناء، نفى وزير الداخلية اليمني، اللواء مطهر رشاد المصري، سقوط ديوان وزارة الداخلية في أيدي مسلحي الأحمر، كما تردد من معلومات. وقال المصري في بيان صحافي، إن تلك «الأنباء ليس لها أي أساس من الصحة وإنها مجرد إشاعات تروج لها بعض المواقع الإلكترونية بهدف البلبلة والإثارة والتهويل»، مؤكدا أن أي اعتداء على مبنى وزارة الداخلية سيواجه بحزم من قبل رجال الأمن الأبطال الذين لن يسمحوا لأي أحد العبث بالأمن والاستقرار أو الاعتداء على المؤسسات والمرافق العامة. وبدت شوارع العاصمة صنعاء، أمس، وكأنها في نهار شهر رمضان، حيث خلت تقريبا من المارة ومن حركة السير المرورية، بسبب قطع الجيش والأمن للشوارع، والذين أضيفت إليهم مجاميع كبيرة من المسلحين المدنيين الذين يسمون «البلطجية» الذين يطلقون على أنفسهم تسمية «اللجان الشعبية» والذين ينتشرون في أحياء وأزقة العاصمة ويهاجمون كل من يشتبه به. وزاد من تعطيل الحياة في صنعاء، انعدام البنزين والغاز والمشتقات النفطية، وشوهد السكان في الأسواق وهم يبحثون عن المواد الغذائية لتخزينها بكميات كبيرة، في ظل إغلاق معظم المحال التجارية أبوابها، سواء استجابة لدعوات العصيان المدني أو خشية الأوضاع الأمنية المتدهورة.

وزعمت مصادر رسمية يمنية أن 28 شخصا من «العصابات المسلحة التابعة لأولاد الأحمر لقوا مصرعهم في انفجار مخزن للذخائر في عمارة تابعة للمتمرد حميد الأحمر في مؤخرة الفرقة الأولى مدرع، التابعة للواء علي محسن صالح». وذكرت المصادر الرسمية أن المخزن «يحتوي على أسلحة ومتفجرات مختلفة وقذائف (آر بي جي) و(هاون) وصواريخ (لو) والتي كان أولاد الأحمر وعصاباتهم المسلحة استخدموا جزءا منها في قصف بعض المؤسسات والمنشآت الحكومية ومنازل المواطنين وقتل وإصابة عدد منهم في حي الحصبة»، غير أن الطرف الآخر لم يؤكد أو ينفي هذه المعلومات.

وتثير الأحداث الدامية الجارية في صنعاء، المزيد من ردود الفعل المنددة، حيث وصفتها أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك بـ«الأحداث الخطيرة» جراء إصرار نظام الرئيس صالح على الزج بالبلاد في أتون حرب أهلية، في محاولات بائسة وسعي مستميت لتحريف مسار الثورة عن خطها ونهجها السلمي. وأكد المجلس الأعلى لأحزاب المعارضة بعد انعقاد دام يومين، على «سلمية الثورة ورفض العنف». وحمل النظام المسؤولية الكاملة عن ممارسات العنف والاقتتال وافتعال المعارك والحروب بين اليمنيين، جراء عدوانهم على المناطق والقرى الآمنة، واستهدافهم المتكرر والمتعمد للقيادات القبلية والوحدات العسكرية التي أعلنت تأييدها للثورة السلمية التي يتصدرها شباب وشابات اليمن في عموم مدن ومحافظات ومديريات الجمهورية.

وطالب «المشترك» الرئيس علي عبد الله صالح بـ«بوقف القتال والاستجابة للمطالبة الشعبية بالتنحي الفوري والعاجل عن السلطة اليوم وقبل الغد». ودعا «الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه وقواه السياسية والاجتماعية للالتفاف حول ثورتهم السلمية، وقطع الطريق على كل محاولات الزج باليمنيين للاقتتال فيما بينهم». كما طالب «المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي بدعم الشعب اليمني وحقه في التغيير وبناء دولته المدنية وتلبية طموحات وتطلعات الشعب في الاستقرار والبناء والتقدم». وفي السياق ذاته، أدان الرئيسان اليمنيان الجنوبيان السابقان، علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس ما وصفاه بـ«الاعتداء الغاشم» على منزل الشيخ الأحمر. وقالا في بيان مشترك صادر عنهما، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنهما يحملان الرئيس صالح «المسؤولية الكاملة عن إراقة الدماء وإزهاق الأرواح والمغامرة بمصير البلاد والشعب وتعريض الأمن والاستقرار المحلى والإقليمي والدولي للمخاطر إرضاء لنزواته ورغباته المدمرة في التمسك بالسلطة المتهالكة وعدم الانصياع لصوت الشعب الذي هب في ثورة شبابية شعبية سلمية غير مسبوقة تطالب بتنحيه الفوري وإسقاط نظامه الاستبدادي الفاسد».