تساؤلات في واشنطن حول مدى التزام أوباما بقانون صلاحيات الحرب في ليبيا

مشرعون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ينتقدون الرئيس لتجاهله له

الرئيس باراك أوباما (أ.ب)
TT

هل ينتهك الرئيس باراك أوباما القانون في ليبيا؟ هذا هو السؤال الذي يبدو أن كل قيادات البيت الأبيض والكونغرس عازمون على تجنبه بعد مرور 5 أيام على انتهاء المدة القانونية التي كان يتعين على أوباما الحصول فيها على تفويض من الكونغرس للقيام بعمليات عسكرية هناك.

ولكن خلال جلسة استماع بمجلس النواب يوم الأربعاء الماضي، انتقد مشرعون من كلا الحزبين الرئيس أوباما لتجاهله قانون صلاحيات الحرب الصادر عام 1973.

وكان هذا الانتقاد أحدث إشارة على أن أوباما قد لا يكون قادرا على تجنب النقاش حول القانون الصادر في عهد الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، الذي يمثل قاعدة أساسية توضح كيف يجب على الولايات المتحدة أن تخوض الحروب، من خلال تجاهله بكل بساطة.

وقال النائب جوستن عماش (نائب جمهوري عن ولاية ميتشيغان) المحافظ في شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب: «النتيجة التي لا يمكن إنكارها هي أن الرئيس ينتهك القانون من خلال الاستمرار في الحرب من جانب واحد ضد ليبيا». واقترح عماش مشروع قانون من شأنه أن يوقف التمويل عن الجهود الأميركية في ليبيا حتى يحصل أوباما على تفويض من الكونغرس.

وقال: «ستكون هناك مأساة، لنظام الحكم لدينا، إذا ما استمر الكونغرس في عدم القيام بأي شيء».

وكان يوم الجمعة الماضي هو اليوم الـ60 منذ أن قام الرئيس أوباما بإخطار الكونغرس بأن القوات الأميركية ستشارك في شن هجمات على الزعيم الليبي معمر القذافي. وبموجب قانون صلاحيات الحرب، كان يفترض على أوباما أن يحصل على تفويض من الكونغرس قبل نهاية هذه المدة أو أن يتوقف عن شن الهجمات.

ومع ذلك، لم يقم أوباما بأي من ذلك. وبدلا من ذلك، بعث برسالة إلى الكونغرس يحثه على تمرير قرار دعم. ويقوم مجلس الشيوخ بدراسة هذا القرار، ولكن لن يتم التصويت عليه إلا بعد عطلة يوم الذكرى التي تستمر لمدة أسبوع.

ويقوم أعضاء آخرون في حلف شمال الأطلسي بشن معظم الضربات الجوية على ليبيا، في حين تقوم القوات الأميركية بالجزء الأكبر من المهام ذات الصلة بالمراقبة والاستطلاع والتزود بالوقود. وفي المجمل، تشكل الطائرات الأميركية نحو ربع الغارات الجوية التي تبلغ نحو 150 غارة جوية كل يوم من قبل قوات حلف شمال الأطلسي.

وقال البيت الأبيض والبنتاغون مرارا وتكرارا إنهما لن يقوما بنشر قوات برية أميركية أو مدربين في ليبيا.

ويوم الأربعاء، قال أوباما إن حلف شمال الأطلسي سيواصل ضغطه على القذافي من خلال الهجمات العسكرية. وأضاف وهو يتحدث في لندن مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون: «أعتقد أننا بنينا من الزخم ما يكفي ليتنحى القذافي في نهاية المطاف طالما أننا نحافظ على المسار الذي نحن عليه».

وفي كابيتال هيل، أدى الهجوم على ليبيا إلى حدوث لحظة سياسية نادرة، حيث يبدو أن الزعماء الجمهوريين والديمقراطيين، الذين نادرا ما يتفقون على شيء، اتحدوا في رغبتهم في عدم قول الكثير بشأن قانون صلاحيات الحرب.

وقال هاري ريد (النائب الديمقراطي عن ولاية نيفادا)، وزعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ، في مؤتمر صحافي يوم الثلاثاء: «لقد أجرينا محادثات جيدة بشأن الوضع في ليبيا»، أما ميتش ماكونيل زعيم الأقلية بمجلس الشيوخ (نائب جمهوري عن ولاية كنتاكي) فلم يعط إجابة واضحة أو محددة وقال: «المناقشات مستمرة».

كما سعى مسؤولو البيت الأبيض إلى التقليل من أهمية الموعد النهائي. وعندما سئل بن رودس، المتحدث باسم الرئيس أوباما، عما إذا كان الرئيس لا يزال لديه السلطة على مواصلة العمليات في ليبيا، لم يذكر القرار على وجه التحديد.

وأضاف: «أعتقد أننا تناولنا هذا الموضوع من خلال الرسالة التي بعث بها الرئيس إلى الكونغرس في نهاية الأسبوع الماضي، مؤكدين من جديد على جهودنا المستمرة في ليبيا. لذلك نعتقد أننا لدينا السلطات التي نحتاجها».

ولكن بدأ بعض المشرعين من كلا الحزبين في توجيه انتقادات للإدارة. وفي مجلس الشيوخ، يضم هؤلاء رجلا بارزا في الشؤون الخارجية هو السيناتور ريتشارد لوغار (جمهوري من ولاية إنديانا)، والسيناتور مايك لي (جمهوري عن ولاية يوتا)، الذي يحظى بدعم من حزب الشاي.

وفي مقابلة هاتفية يوم الأربعاء، قال لي: «أعتقد أنكم تخطيتم حدا هاما في اللحظة التي قامت فيها قواتكم بشن ضربات عسكرية على أرض دولة أجنبية ذات سيادة. وكلما استمر ذلك، زادت احتمالية وصول الأمر لنقطة حرجة داخل مجلس الشيوخ».

وفي جلسة الاستماع بمجلس النواب يوم الأربعاء، انتقد الكثير من النواب أوباما لتجاهله القرار، وبالتبعية تجاهل الكونغرس.

وقال النائب براد شيرمان (ديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا): «إنهم لم يعترفوا حتى باليوم الـ60، وهو اليوم الذي بدأوا فيه بانتهاك القانون. كما يوجد خطأ هنا في الكونغرس، حيث يتهرب الكثير منا من اتخاذ قرارات صعبة».

وفي حديثه أمام اللجنة حول القرار الذي اقترحه، والذي من شأنه أن يعبر عن «شعور الكونغرس»، قال النائب توماس روني (جمهوري عن ولاية فلوريدا) إنه يجب على أوباما أن يحصل على إذن صريح للقيام بعملية ضد ليبيا.

«إذا كنت تريد الذهاب إلى الحرب وإرسال قواتنا إلى طريق الأذى، فإنك بحاجة إلى أن نكون - والشعب الأميركي - مشاركين في الأمر»، كان هذا ما صرح به روني ملخصا الفكرة وراء قانون صلاحيات الحرب. وقال: «ما نطلبه بسيط، أن يحترم الرئيس دورنا».

ويحاول الرؤساء تجاهل قانون صلاحيات الحرب منذ صدوره تقريبا، حيث انتهك رونالد ريغان مدة الـ60 يوما التي يحددها القانون عندما أرسل قوات المارينز إلى لبنان في عقد الثمانينات من القرن الماضي، ونفس الشيء ينطبق على بيل كلينتون عندما أمر بشن ضربات جوية على يوغوسلافيا في عام 1999.

ولكن، يقول أكاديميون إن أوباما ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك عندما لم يقم حتى بما قام به هؤلاء الرؤساء.

وقال رؤساء آخرون إن الموعد النهائي الذي يفرضه هذا القانون لا يجب أن ينطبق عليهم، وبرروا ذلك بأن القانون يضع حدا غير دستوري على القائد الأعلى، ولكن أوباما لم يقم حتى بذلك.

وقال بيتر سبيرو، أستاذ القانون في جامعة تمبل: «لقد انتهك الرئيس أوباما نص القانون بوضوح، ولا نجد أحدا يثير هذه القضية».

- ساهم في كتابة التقرير كريج وايتلوك

* خدمة «واشنطن بوست»