إيران تغذي شائعات بشأن رغبتها في بقاء القوات الأميركية بالعراق

نائب برلماني عراقي موال لها: تخشى هجوما جويا إسرائيليا في غياب الأميركيين

TT

فيما تبدو الإدارة الأميركية مستعدة لإبقاء آلاف من قواتها في العراق بعد نهاية هذا العام، فإن هذا الأمر بالنسبة للحكومة العراقية يعد مثل اللعب بالنار، كما قال عضو في البرلمان العراقي. فحتى إذا ما طلب العراق من الولايات المتحدة إبقاء قوات، فليس هناك ما يضمن أن بغداد ستسمح في النهاية بحدوث ذلك، إذ يتعين أن يوافق البرلمان العراقي، ذلك الذي لا يريد غالبية أعضائه أن يظهروا بمظهر القابل بالوجود الأميركي.

وقال صادق الركابي، النائب الشيعي النافذ وحليف رئيس الوزراء نوري المالكي، «سيكون الأمر مثل كرة من النار لا يستطيع أحد الإمساك بها». وأضاف أن الأعداء السياسيين يستخدمون مشكلة بقاء القوات لتشويه منافسيهم: «يرغب رؤساء الكتل السياسية إلقاء (كرة النار) على حزب آخر لتحرقه»، حسبما أفادت به وكالة «أسوشييتد برس» في تقرير.

وقد أوضحت الولايات المتحدة أن الرئيس باراك أوباما يسعى إلى إبقاء آلاف من الجنود في العراق بعد نهاية عام 2011 وذلك لدواع أمنية - على الرغم من تعهده خلال حملته الانتخابية بإعادة جميع القوات بحلول نهاية هذا العام. وقال روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي في خطاب الثلاثاء الماضي في واشنطن إن «الولايات المتحدة مستعدة للموافقة» إذا ما طالب العراق ببقاء القوات. ومن المتوقع بشدة أن تطلب بغداد ذلك. ولكن دبلوماسيا رفيع المستوى في السفارة الأميركية قال إنه حتى الآن «ليس هناك مفاوضات». وأضاف: «لا يوجد طلب رسمي أو حتى غير رسمي حتى الآن».

ويستعد البيت الأبيض لإبقاء ما بين 10 آلاف إلى 12 ألفا من القوات في العراق لوقت محدد، وفقا لما ذكره مسؤول رفيع المستوى في الإدارة بواشنطن. وذكر مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى في بغداد أن الإدارة ستحدد مهمة القوات قبل تحديد موعد نهائي جديد لعودتهم لأرض الوطن.

وصرح نائب عراقي بارز بأن القوات الأميركية ستبقى في تسع قواعد في مناطق ساخنة في مختلف أنحاء البلاد وستمكث لمدة أربع سنوات بعد ذلك. وقد تحدث جميع المسؤولين طالبين عدم ذكر أسمائهم حتى يتسنى لهم تناول محادثات حكومية بصراحة.

ويرغب أكراد عراقيون ومعظم قادة السنة والعديد من السياسيين الشيعة في بقاء القوات الأميركية. وصرح حسين الشهرستاني، نائب رئيس الوزراء، في مقابلة بأن القوات الجوية والبحرية العراقية غير جاهزة للدفاع عن البلاد جوا وبحرا.

ولكن بقاء القوات الأميركية في العراق يهدد بإثارة غضب اثنين من أقوى حلفاء المالكي من الشيعة: وهما إيران ورجل الدين مقتدى الصدر. وقد حثت إيران الصدر على تنحية سنوات من القتال مع المالكي وتقديمه دعما حاسما لمساعدته على البقاء في منصب رئيس الوزراء في إطار حكومة ائتلافية بعد انتخابات عامة عام 2010. ويسيطر مؤيدو الصدر الآن على مؤسسات حكومية رئيسية وهددوا بالقيام بثورة إذا ما بقيت القوات الأميركية التي يصفونها بـ«المحتلين» في العراق عام 2012.

من جهتها، لم تخف إيران كرهها لبقاء القوات الأميركية في بلد مجاور، ويعتقد مسؤولو الاستخبارات أن الهجمات الأخيرة التي تعرض لها جنود أميركيين في العراق قامت بتنفيذها ميليشيات شيعية بناء على أوامر من طهران.

وتحدث المسؤول البارز في السفارة الأميركية ببغداد عن «شعور كبير بعدم الارتياح» بين العراقيين لاحتمال بقاء القوات الأميركية. وأضاف: لكن المعارضة التي تشعلها إيران «عبارة عن محاولة مستمرة وواسعة على مختلف الجبهات من أجل اختطاف النظام السياسي العراقي وضمان عدم بقائنا».

وفي الوقت ذاته تعمل طهران على الترويج داخل بغداد لأسباب تبرر احتمال قبولها لوجود عسكري أميركي - في محاولة لحفظ ماء الوجه إذا ما بقيت القوات الأميركية فعلا. ومن بين المخاوف الشديدة لإيران، كما قال نائب عراقي من حلفائها، أن تستخدم إسرائيل المجال الجوي العراقي لمهاجمة منشآت نووية إيرانية بمجرد خروج القوات الأميركية.

وتنظر الولايات المتحدة إلى ما وراء حدود العراق في حساباتها السياسية بشأن بقاء قواتها العسكرية من عدمه. وتخشى الولايات المتحدة أنه بدون وجود قواتها العسكرية في المكان من الممكن أن تستخدم إيران العراق لدعم ميليشيات شيعية في سوريا ولبنان. ومع ارتفاع نسبة المخاطر، لن تندفع بغداد لاتخاذ قرار قبل أن يكون أعضاء البرلمان قادرين على بناء إجماع قوي. وقال الشهرستاني «سيكون القرار قرارا وطنيا، بموافقة جميع الكتل السياسية، بعيدا عن أية مساومات سياسية».