أتباع الصدر يحولون محافظة ميسان إلى منطقة ساخنة للأميركيين

المحافظ منهم.. وكافأ مؤخرا أسرة مسلح قتل وهو يطلق صاروخا

TT

اشتدت حدة هجوم مسلحين شيعة بالصواريخ على نقطة حدودية أميركية في جنوب العراق، مما دفع الأميركيين إلى الدخول إلى غرفة خرسانية محصنة تحت الأرض لعدة ساعات في إحدى الليالي مؤخرا. وقلل الجنود من مهمات تدريب القوات الأمنية العراقية، ويتناقش مسؤولون أميركيون حول إغلاق النقطة الحدودية قبل الموعد المحدد لذلك.

وتقدم الهجمات على الأميركيين في محافظة ميسان، بالقرب من الحدود الإيرانية، وداخل أماكن أخرى في جنوب العراق، نماذج واضحة لما يسميه مسؤولون تهديدا ينشط مجددا من جانب مسلحين شيعة وأتباع رجل الدين الشيعي المعادي للولايات المتحدة، مقتدى الصدر، خلال الأيام الأخيرة للجيش الأميركي في العراق. وقد ظهرت هذه الميليشيات الشيعية كأقوى تهديد للقوات الأميركية البالغ عددها 46 ألف جندي، وما زالت موجودة حتى الآن داخل العراق، بحسب ما يقوله مسؤولون عسكريون. وقد أثارت سلسلة من الهجمات الأخيرة - البعض منها كان مميتا – تساؤلات بشأن أمن الأميركيين مع قيام الجيش بسحب جنوده ومعداته خلال الأشهر المقبلة.

ويقول الكولونيل دوغلاس كريسمان، القائد العسكري المشرف على محافظة ميسان و3 محافظات جنوبية أخرى: «هناك الكثير من المجموعات التي ستقدَّم إليها أموال لتقتل آخر الأميركيين أثناء خروجهم».

ويقول مسؤولون: إن الهجمات، التي تزامنت مع زيادة في الخطابات والمطويات المناوئة لأميركا، وتروجها مجموعات متشددة، تهدف، فيما يبدو، إلى التأثير على نقاش عام مستعر بشأن ما إذا كان يتعين طلب بقاء قوات أميركية، على الرغم من أن الموعد النهائي المحدد لرحيلها يحين بنهاية العام الحالي. ولا يخفي الصدر استراتيجيته، وقال لخدمة «بي بي سي» العربية، أول من أمس: «نعم، ما زلنا نقاوم ونضرب القواعد والجنود والمركبات طالما ظلوا في العراق.. ولا شك في ذلك، وهذا شرف لنا».

ويحظى جنوب العراق بأهمية استراتيجية للولايات المتحدة، حتى في الأيام الأخيرة من تعبئة قوات أميركية داخل العراق؛ حيث إنه نقطة دخول للكثير من الأسلحة المقبلة من إيران، لا سيما الصواريخ والمتفجرات التي تُستخدم في إعداد عبوات ناسفة، بحسب ما قاله قادة عسكريون، وسيمر الآلاف من المواكب والجنود الراحلين عبر المنطقة أثناء توجههم إلى الكويت. وفي الأسبوع الماضي، هاجم مسلحون قاعدة عسكرية أميركية في البصرة من على بعد 7 أميال، وفي يوم واحد أطلقت نحو 10 صواريخ على المنطقة الخضراء داخل بغداد، التي توجد بها السفارة الأميركية وقاعدة عسكرية أميركية كبيرة.

ويقول مسؤولون أميركيون: إن الكثير من المسلحين لهم علاقات قوية مع إيران أو الصدر، الذي تم تجميد نشاط جيش المهدي التابع له بعد تكبده خسائر كبيرة قبل 3 أعوام. وهدد الصدر، الذي كان أحد زعماء التمرد ويسيطر حاليا على كتلة كبيرة من المقاعد البرلمانية، مؤخرا، باستئناف نشاط جيش المهدي إذا بقي الأميركيون بعد ديسمبر (كانون الأول) - وهو التهديد الذي لا يعتقد مسؤولون عسكريون أميركيون جديته.

وقال مسؤولون أميركيون: إن نفوذ الصدر المتنامي في محافظة ميسان – وهي منطقة غير متطورة وبها مزارع طماطم وحقول نفط لم تُستغل – يمهد الساحة للزيادة الأخيرة في الهجمات.

وفي أواخر العام الماضي، فاز التيار الصدري بمنصب المحافظ هناك كمكافأة سياسية له على دعمه لرئيس الوزراء نوري المالكي لولاية ثانية. وانتقل محافظ ميسان السابق، الذي كان على علاقة ودية مع فريق إعادة الإعمار المحلي التابع لوزارة الخارجية الأميركية، ليشغل منصبا وزاريا في بغداد.

وقال الكولونيل كريسمان: «أعتقد أن المالكي قد اعتبر هذا أهون الشرور، وهو تنازل كان على استعداد لتقديمه. وبسبب هذا لدينا تحديات إضافية في تلك المحافظة، أكثر بكثير من التحديات الموجودة في المحافظات الثلاث الأخرى التي تحيط بها، والتي لدينا فيها علاقات».

ورفض المحافظ الجديد مقابلة الأميركيين، وحاول أن يثني هيئات حكومية ومنظمات غير ربحية محلية أخرى عن القيام بذلك.

وعلى الرغم من عدم سقوط قتلى بين الأميركيين في القاعدة، فقد قتل جنديان عراقيان في هجوم صاروخي وقع مؤخرا. وقد أصبح من الصعب على العاملين في مجال الإنشاءات مغادرة القاعدة لزيارة المشاريع الميدانية بسبب الزيادة في استخدام العبوات الناسفة ضد القوافل.

ويقول مسؤولون أميركيون: إن المحافظ، علي لازم، تجاهل هذه الهجمات، قائلا إنه ليس مسؤولا عن وقفها. والأكثر من ذلك أنه حضر جنازة أحد المسلحين، الذين أحرق نفسه عن طريق الخطأ بعد إخفاقه في إطلاق صاروخ، ودفع المحافظ مبلغا من المال لأسرة المسلح.

ونفى محمد قاسم، المتحدث باسم المحافظ، وجود أي هجمات ضد القوات الأميركية. ويشعر بعض المسؤولين بالقلق من أن الانسحاب من المنطقة الآن سيطلق العنان للمسلحين لتهريب المتفجرات والأسلحة عبر الحدود الإيرانية، ويمكن استخدام هذه الأسلحة ضد الأميركيين. وفي حين يرتدي الدبلوماسيون في بعض الأحيان سترات واقية من الرصاص وهم في طريقهم إلى مكاتبهم ويتعرض الجيش لهجمات، يرى آخرون أنه ربما حان الوقت لمغادرة قاعدة ميسان والتعجيل بإغلاقها، الذي كان مقررا خلال الأشهر القليلة المقبلة.

* خدمة «نيويورك تايمز»