مظاهرات عارمة في المدن السورية في «جمعة حماة الديار» تؤدي لسقوط 8 قتلى.. وحرق صور نصر الله

الأكراد يغيرون شعاراتهم وينادون بإسقاط النظام.. وقطع الاتصالات والإنترنت في أنحاء البلد

صورة مأخوذة من موقع «يوتيوب» لمظاهرة ضد النظام السوري في حمص أمس (أ.ف.ب)
TT

تجددت المظاهرات العارمة في سوريا أمس تحت شعار «جمعة حماة الديار»، وتحولت إلى يوم دموي جديد مع سقوط 8 قتلى على الأقل بحسب ما أكد ناشطون، كان أول ثلاثة منهم من درعا، سقطوا رميا بالرصاص فجرا، بعد أن صعدوا إلى أسطح الأبنية للتكبير. وشهدت المظاهرات أيضا تمزيق صور الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في منطقة البوكمال في دير الزور (شرق سوريا على الحدود العراقية) الذي يبدو أنه أغضب المتظاهرين بإعلانه دعم النظام السوري قبل يومين.

وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن 8 قتلى سقطوا في عدة مدن سورية. وذكر عبد الرحمن أن «ثلاثة أشخاص قتلوا عندما قام رجال الأمن بتفريق مظاهرة في مدينة قطنا شارك فيها المئات». كما أشار إلى أن «ثلاثة متظاهرين على الأقل قتلوا قبيل فجر الجمعة في داعل (ريف درعا) جنوب البلاد برصاص رجال الأمن الذين أطلقوا النار عليهم عندما صعدوا إلى أسطح الأبنية لإعلاء صوت التكبير».

وقال شاهد عيان لوكالة الصحافة الفرنسية إن «آلاف الأشخاص تظاهروا بعد منتصف الليل في داعل وهم يهتفون بشعارات تحيي الجيش»، مشيرا إلى أن «عناصر الجيش الموجودة لم تتدخل». وأضاف «وبعد قليل جاءت قوات الأمن وفتحت النار عشوائيا مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح 15 آخرين». كما توفي شخص في منطقة الزبداني (ريف دمشق) أثناء تفريق مظاهرة جرت في المدينة، وتوفي شخص آخر في مدينة جبلة (غرب) عندما أصابه طلق ناري بينما كان على سطح أحد الأبنية وهو يعلي التكبير»، بحسب رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال مصدر من داخل سوريا تمكنت «الشرق الأوسط» من الاتصال به «إن المظاهرات التي اندلعت أمس أسفرت عن سقوط سبعة قتلى، ثلاثة منهم في منطقة القطنا بريف دمشق، وقتيل في الزبداني، وثلاثة قتلى آخرين في داعي التابعة لمدينة درعا، فيما تواصلت المظاهرات بمناطق كوباني وعفرين وحلب وحماة وحمص وأدلب».

وأشار المصدر إلى أن «خطوط الإنترنت قطعت عن كامل المدن السورية منذ الخميس المنصرم، وأن مدينة درعا وبانياس ودوما وداريا مطوقة من قبل الجيش السوري لذلك تعذر الاتصال بمواطنيها لرصد الخسائر البشرية جراء تجدد المظاهرات هناك». وقال المصدر إن مظاهرات أمس «كانت نقلة نوعية في الوقفات الاحتجاجية بسوريا، حيث إن معظم المظاهرات التي اندلعت قام خلالها المتظاهرون بتمزيق صور رئيس النظام بشار الأسد، وهذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في ظل حصار القوات الأمنية لتلك المظاهرات».

وفي المناطق الكردية السورية أشار المصدر الخاص إلى «أن مدن القامشلي وعامودا والدرباسية ورأس العين شهدت بدورها يوم الجمعة مظاهرات عارمة، لكن اللافت أن أجهزة النظام الأمنية نصبت مجموعة كبيرة من كاميرات الفيديو فوق عدد من المباني الحكومية لتصوير المتظاهرين بهدف التعرف عليهم واعتقالهم في ما بعد، لكن المتظاهرين تمكنوا من الصعود إلى تلك المباني وكسر الكاميرات المنصوبة هناك من دون أن تتجرأ الأجهزة الأمنية على التدخل وقمع المتظاهرين أو وقف هجماتهم على المصورين».

وأشار المصدر إلى أن «اللافت للنظر أن متظاهري المناطق الكردية بدأوا من يوم أمس يرددون هتافات ويرفعون شعارات تطالب بإسقاط النظام، وهذا تطور مهم جدا في مسيرة الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها المنطقة، وسيعطي دفعة قوية للشباب الكردي لتحدي السلطات الأمنية التي بدت مترددة في استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين كما كانت تفعل في السابق، ويبدو أن سبب ذلك يعود إلى الضغوط الكبيرة من المجتمع الدولي ضد النظام السوري.

وأعرب المصدر عن اعتقاده «أن تشهد المدن السورية مع هذا التطور المثير في تغيير الهتافات والشعارات تغييرا متوازيا في مطالب الشارع السوري باتجاه الثورة الشاملة لإسقاط النظام».

وخرجت مظاهرة في القامشلي من جامع قاسمو بعد الانتهاء من صلاة الجمعة، واتجهت إلى دوار الهلالية. وبحسب ما قال شهود، فقد استخدمت القوات السورية الذخيرة الحية لتفريق محتجين يطالبون بإسقاط النظام في مدينة دير الزور شرق البلاد، خرجوا من مسجد العرفي باتجاه منطقة البوسرايا. وتمكنت قوات الأمن من تفريق المتظاهرين قبل وصولهم إلى دوار «السبع بحرات» الذي كان مقررا أن يتم فيه التجمع. وقال ناشطون حقوقيون إن مظاهرة خرجت من منطقة صلاح الدين في حلب تم تفريقها بواسطة قوات الأمن باستخدام القوة. كما خرجت مظاهرة كبيرة من قرية دارة عزة والتي تبعد 25 كيلومترا عن حلب.

وفي دمشق، خرجت مظاهرة في حي الميدان من جامع الحسن بعد أن ألقى الشيخ كريم راجح، شيخ قراء بلاد الشام وخطيب جامع الحسن الذي قدم استقالته الأسبوع الماضي، خطبة قال فيها إن الرئيس بشار أكد له أن قوات الأمن لن تهاجم المسجد كعادتها ولن تتعرض للمتظاهرين. وقالت مصادر محلية «خرج المصلون بعد الصلاة وبدأوا بالتكبير والهتاف، ونادوا بإسقاط النظام، ولم يكن هناك أي وجود لرجال الأمن فعلا، وبعد مسافة قصيرة من سير المتظاهرين فوجئوا برجال الأمن يقومون بمحاصرة طليعة المتظاهرين بأعداد كبيرة حيث كانوا مختبئين في الحارات الجانبية والبنايات».

وقدرت المصادر عدد رجال الأمن بنحو ألف رجل بدأوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع «وانهالوا بالضرب على الصفوف الأمامية من المظاهرة»، وتم اعتقال عدد كبير من المتظاهرين. ولم يكن الأمر أفضل أثناء تفريق قوات الأمن بالقوة لمتظاهرين خرجوا في منطقة ركن الدين وقاموا بإحراق صور للرئيس بشار الأسد، حيث انهال رجال الأمن بالهراوات على المتظاهرين، وجرى أيضا اعتقال العشرات.

وفي المظاهرة التي شهدتها مدينة جديدة عرطوز في ريف دمشق، قال التلفزيون السوري إن «مسلحين هناك يطلقون النار على قوات حفظ النظام»، من دون أن يتحدث عن وقوع إصابات. وفي تطور جديد خرجت مظاهرة حاشدة لأول مرة في مدينة قارة في منطقة القلمون وسط البلاد التابعة لريف دمشق.

وفي حمص وسط سوريا، خرجت عدة مظاهرات بعد صلاة الجمعة تطالب برحيل النظام، وذلك رغم كثافة الوجود الأمني في شوارع حمص. وانطلقت المظاهرات من حي البياضة وشارع الستين والخالدية ووادي السايح، في طريقها للتجمع في «جنينة العلو»، إلا أن قوات الأمن سارعت إلى تفريقها. وجرى إطلاق نار على المتظاهرين في جورة الشياح أسفر عن وقوع عدد من الجرحى بين المتظاهرين، كما جرى إطلاق نار على المتظاهرين في منطقة كرم الزيتون في حمص.

وخرجت مظاهرة حاشدة في مدينة الرستن تم بثها على قناة «الجزيرة مباشر» عبر الموبايل. وفي بلدة تلبيسة توافدت عدة قرى محيطة لمناصرة تلبيسة والتظاهر فيها، كما خرجت في مدينة القصير مظاهرة هي الأكبر منذ بدء التظاهر فيها منذ نحو شهر مع مظاهرة نسائية ضمت العشرات.

وفي اللاذقية، خرجت مظاهرات في منطقة الصليبة، شارع بورسعيد، وجرى إطلاق نار على المتظاهرين، وكذلك في حي العوينة وحي قنينص. كما خرجت مظاهرات من مخيم الرمل باتجاه منطقة السكنتوري وبستان الحميمي، وسط إطلاق نار كثيف جدا في هذه المنطقة من قبل قوات الأمن. أما منطقة قوس النصر فشهدت اعتقالات واعتداء بالضرب على المارة. وفي بانياس وجبلة الساحليتين خرجت مظاهرات جرى تفريقها بالرصاص وأسفرت عن سقوط قتيل في جبلة.

وفي محافظة أدلب شمال البلاد، خرجت جموع حاشدة من جميع قرى جبل الزاوية (بلين، البارة، بليون، كنصفرة، وفي جبل الزاوية) تتجاوز 10000 متظاهر، وتجمعت في قرية بلين، كما تجمع الآلاف على المدخل الشمالي الشرقي لمعرة النعمان في مواجهة رصاص الأمن والقنابل المسيلة للدموع التي أطلقت لمنع دخولهم إلى المعرة، أسفر عنها سقوط شهيد بعمر 15 عاما.

وقالت شبكة أخبار «أوغاريت» الإلكترونية إنه تم تأكيد نبأ اعتقال رئيس فرع النجدة في ريف دمشق العقيد عبد الفتاح دندش، وهو من مدينة كفرنبل، وذلك لرفضه إطلاق النار على المتظاهرين، حيث أعطى أوامر لعناصره بعدم المواجهة مع المتظاهرين وترك الشباب يهتفون بحرية. وقالت الشبكة «تم اعتقال الكثير من عناصر الفرع المذكور. والعقيد عبد الفتاح دندش معروف بنزاهته ووطنيته، وهو من أهالي كفرنبل أدلب».

وكان ناشطون نشروا على صفحات «فيس بوك» شعارا قالوا إنهم سيهتفون به يوم الجمعة ردا على إجراءات الحكومة الأخيرة لجهة تخفيض الأسعار، لا سيما سعر المازوت «ما بدنا مال ولا مازوت.. بدنا الحرية يا طاغوت».