كلينتون: بعض الباكستانيين كانوا على علم بأمر بن لادن

تطرح على إسلام آباد «أسئلة صعبة» بعد مقتل زعيم «القاعدة»

TT

قالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أمس، إن مسؤولين باكستانيين قالوا: «إن شخصا ما في مكان ما»، كان يقدم العون لأسامة بن لادن زعيم، تنظيم القاعدة، أثناء وجوده في باكستان قبل أن تقتله القوات الأميركية الخاصة. وقالت كلينتون، أمس، إن باكستان والولايات المتحدة أمامهما المزيد من العمل لمحاربة التشدد الإسلامي، مشيرة إلى أن العلاقات بين الدولتين وصلت إلى نقطة تحول.

وجاءت زيارة كلينتون الخاطفة لإسلام آباد في وقت توترت فيه العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان عقب قتل القوات الأميركية الخاصة أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» في عملية سرية داخل أراضي باكستان. ووصلت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أول من أمس، إلى باكستان في زيارة تهدف بصورة خاصة لطرح «أسئلة صعبة جدا» على هذا البلد الحليف بعد تصفية أسامة بن لادن على أراضيه في عملية كوماندوز أميركية حملت حركة طالبان المتحالفة مع «القاعدة» على تشديد حملة اعتداءاتها الدامية.

وصرحت كلينتون، بأن الإدارة الأميركية تتوقع أن تقوم باكستان في الأيام المقبلة بشن هجوم واسع النطاق على المسلحين الذين ينفذون عمليات ضد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان من الأراضي الباكستانية.

وقد أعلنت كلينتون هذه الملاحظات في مؤتمر صحافي لها بإسلام آباد أمس، الجمعة، بعد اجتماع مع قادة عسكريين وسياسيين في باكستان، حيث قابلت الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، ورئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني، ورئيس أركان الجيش الجنرال أشفق برويز كياني، في إسلام آباد خلال زيارتها القصيرة لباكستان. وفى نهاية هذا اليوم عقد الرئيس زرداري وكلينتون محادثات على مستوى الوفود بعد اجتماعهما المنفرد. وقد انضم إلى محادثات الوفود رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني، ورحمان مالك وزير الداخلية، وأشفق برويز كياني، والجنرال شوجا باشا رئيس الاستخبارات الباكستانية، وحنا رباني كهر وزيرة الدولة للشؤون الخارجية، وسلمان بشير وزير الخارجية. وحضر كل من الأدميرال مايك مولن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، وكاميرون مونتر السفير الأميركي لدى باكستان كممثلين للولايات المتحدة. ولم تقم وزيرة الخارجية الأميركية بتحديد إلى أي مدي تتوقع الإدارة الأميركية من الحكومة الباكستانية شن هذا الهجوم على المسلحين. بيد أنه من الواضح أنها كانت تشير إلى الوضع الأمني في شمال وزيرستان، حيث تعتقد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في اختباء عناصر من تنظيم القاعدة وحركة طالبان هناك. وعلى مدار يوم أمس قامت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بدعوة الرئيس آصف علي زرداري لمناقشة القضايا المتعلقة بالتعاون الباكستاني الأميركي في الحرب ضد الإرهاب. واستغرق الاجتماع الذي عقد في قصر الرئيس بين وزيرة الخارجية والرئيس الباكستاني نصف الساعة، ناقشوا خلالها قضايا الأمن والإرهاب والتطرف التي تعرقل إرساء السلام في المنطقة.

ويرافق كلينتون في هذه الزيارة رئيس الأركان المشتركة في الجيش الأميركي الأميرال مايك مولن. ومن المتوقع أن يطالب المسؤولان الأميركيان باكستان بمزيد من التعاون في محاربة «القاعدة» ومتمردي طالبان الإسلاميين، وكذلك ببذل جهد في التحقيق حول قضية بن لادن الذي قتلته مجموعة كوماندوز أميركية في الثاني من مايو (أيار) الحالي في شمال باكستان، كما ستطلب كلينتون من باكستان المساعدة في البحث عن حل سياسي للحرب في أفغانستان. وتقوم كلينتون بزيارتها في وقت تواجه الحكومة الباكستانية الضعيفة وغير الشعبية احتجاجات رأي عام معاد للأميركيين بغالبيته الكبرى في بلد يدفع ثمنا باهظا بالأرواح «للحرب على الإرهاب». ولا يحتج الرأي العام على مقتل بن لادن الذي لا يأسف عليه سوى قلة نادرة من الباكستانيين، بل يأخذ على الحكومة والجيش الباكستانيين السماح لجنود أميركيين بالدخول سرا إلى عمق أراضي باكستان وتنفيذ مهمتهم والرحيل من دون أن يحصل أي تحرك أو رد فعل من الجانب الباكستاني.

أما في واشنطن فيطرح كبار المسؤولين تساؤلات حول تمكن بن لادن من العيش بأمان لسنوات كثيرة في مدينة تحوي حامية عسكرية وتقع على مسافة ساعتين فقط برا من إسلام آباد. ويذهب البعض إلى توجيه اتهامات إلى باكستان تتراوح بين العجز والتقاعس مرورا بالتواطؤ. وأخيرا تجري زيارة كلينتون في وقت كثفت طالبان باكستان المتحالفة مع «القاعدة» التي توعدت بالثار لمقتل بن لادن، حملة الاعتداءات الدامية التي تنفذها ومعظمها اعتداءات انتحارية. وقتل نحو 4400 شخص في أكثر من 480 اعتداء منذ صيف 2007 حين أعلنت حركة طالبان مع بن لادن شخصيا الجهاد على إسلام آباد لدعمها «الحرب على الإرهاب» التي تخوضها واشنطن منذ نهاية 2001. وتحاط زيارة كلينتون الثالثة هذه إلى باكستان بإجراءات أمنية قصوى. وهي بالتأكيد الزيارة التي تجري على الخلفية الأشد توترا بين الحليفين ولو أن كلينتون كررت أول من أمس، الخميس، في باريس أن «من مصلحة» الولايات المتحدة إقامة «علاقة معمقة وبعيدة الأمد» مع باكستان. وقال مسؤول أميركي كبير للصحافيين الذين كانوا يرافقون كلينتون في الطائرة: «عليهم الآن أن يواجهوا بعض الأسئلة الصعبة جدا بعدما كانوا في الماضي، إما أن يتجنبوا طرحها أو لا يقدمون الأجوبة الصحيحة عنها». وتابع أن هذه الزيارة الخاطفة ستسمح بتوضيح ما قد يكون الباكستانيون «على استعداد للقيام به» ضد «القاعدة» وطالبان، من دون أن ينفي وجود توتر بين الحليفين. وقال: «هم يعتقدون أنهم قاموا بالكثير»، مضيفا: «ما لم يفهمونه حقا من قبل هو إلى أي مدى عليهم القيام بالمزيد لحماية أنفسهم ولحماية مصالحنا ولمساعدتنا على تسهيل عمليتنا الانتقالية في أفغانستان».

وتبدأ عملية «الانتقال» في أفغانستان بعد أكثر من شهر بقليل مع الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من هذا البلد حتى عام 2014. ولم يخف الوفد الأميركي أن الرهان يقوم على مواصلة المساعدة المالية الأميركية الكثيفة لباكستان. لكن أوساط كلينتون أكدت أن وزيرة الخارجية التي أشادت بالجهود الباكستانية، ستحرص أيضا على الاستماع إلى الباكستانيين وتفهم استياءهم. وقال أحد المقربين منها ملخصا الوضع أن تصفية بن لادن «أوجدت فرصا ومخاطر»، مضيفا: «مهمتنا تقضي بتقليص المخاطر وتفعيل الفرص».