«الشرق الأوسط» تبيت ليلة جمعة الغضب مع المعتصمين في ميدان التحرير

لحظات عصيبة وحالة من الترقب والحذر

TT

لحظات عصيبة عاشتها «الشرق الأوسط»، حيث باتت ليلة «جمعة الغضب الثانية» أمس بقلب ميدان التحرير.

منذ البداية، خيمت حالة من الترقب والحذر وسط جو مضطرب رسخه مشهد قوى الثورة التي بدت عبر وسائل الإعلام منقسمة على نفسها. ووسط اختلاف المسميات، بدا أن هناك جناحين يعبر كل منهما عن نوعية من المطالب بعضها قد يمر بسلام وبعضها قد يمثل منعطفا خطيرا في تاريخ مصر.

الشباب الذي دعا لجمعة الغضب الثانية، معتبرا أنها ثورة ثانية، بدأ الاعتصام من ليلة الجمعة، ومعهم بعض الأفراد ممن رأوا أنهم جاءوا الميدان ليهيئوا الأجواء للثورة. وفي الحقيقة، بدت حدة الهتافات في تلك الليلة متناسبة مع فكرة الثورة وليس مجرد جمعة للضغط، حيث تعالت الهتافات ضد المجلس العسكري، مؤكدة في الوقت نفسه أن «الجيش والشعب إيد واحدة» وأن «العساكر غلابة»، ولكن هناك مؤامرة واضحة من القيادات وأنهم واقفون لها بالمرصاد.

«منذ عدة أسابيع نخرج في مظاهرات يوم الجمعة ولم تأت بنتيجة ولم تتحسن المعيشة، فلم نجد أمامنا حلا سوى الثورة.. الثورة التي استطاعت أن تسقط ديكتاتورا مثل مبارك، هي القادرة وحدها على أن تضمن لنا لقمة العيش.. غدا ثورة».. هكذا هتف سمير الذي قرر الاعتصام داخل الميدان ليلة الجمعة، لأنه يرى أن الثورة بناء على التجربة هي العصا السحرية الوحيدة القادرة على تحويل المستحيل والخيال إلي متاح وواقع.

وعلى الجانب الآخر من الميدان، افترش محمود الأرض هو وزوجته وطفلتان قائلا «أنا أعمل نقاشا ومن بعد الثورة لم يتوافر لي مليما واحدا لإطعام بناتي، وأحرج أن أذكر كيف أدبر قوت يومي.. لماذا لم يعيدوا لنا الأموال التي نهبها النظام السابق لتتحسن أحوالنا.. الموت لي ولبناتي أفضل من العيشة غير الكريمة التي نحياها الآن، وأنا سأعتصم هنا اعتصاما مفتوحا».

وحول صينية الميدان وقف عشرات من الناس يتحدثون عن سبب اعتزامهم القيام بثورة ثانية، فقال أحدهم: «المجلس العسكري قام بإصدار قانون مباشرة الحياة السياسية دون حوار مجتمعي.. لقد قمنا بالثورة لنكون شركاء في هذا الوطن، ولن نستطيع أن نصمت على هذا الانفراد بالحكم كما سكتنا عن مبارك ثلاثين عاما». وفي تلك الأثناء، دارت مشادات بين بعض الذين جاءوا للاعتصام مع سائقي العربات، خصوصا أن المشهد في تلك اللحظة بدا مريبا، حيث ركنت عشرات من الموتوسيكلات بجانب صينية الميدان، في حين تهامس البعض «ربنا يستر.. تلك موتوسيكلات مسجلي الخطر والبلطجية»، وبدأت رائحة الغدر تفوح في الميدان وبدأ الناس الحديث عن بيان الجيش الذي يحذر من وجود البلطجية والمندسين، وأن على المتظاهرين أن يحموا أنفسهم بأنفسهم، لأن الجيش لن يتواجد في أماكن المظاهرات. وتذكر بعضهم أن الانفلات الأمني جعل الوضع يزداد سوءا، بينما قال أحمد سمير «إذا لم يستطيعوا توفير الأمان في أربعة أشهر فليرحلوا ويأتي من يستطيع.. هم فقط لا يريدون.. هناك مؤامرة على البلد ونحن لها.. لا تنازل عن مجلس رئاسي مدني، وليرحل العسكريون عن الحكم».

ومع إشراقة الفجر، بدأ أفراد من شباب الثورة بالتجهيز لمنصة المسرح التي سينطلق من فوقها الهتافات والمطالب، كما بدأ بعض منهم عملية تأمين المداخل السبعة لميدان التحرير ومداخل محطة المترو الموجودة داخل الميدان مع الشباب المعتصمين، متمنين أن يخرج يوم «جمعة الغضب الثانية» بملامح مختلفة تماما عن ليلته.