أوباما يشيد بازدهار أوروبا الشرقية ويعتبره نموذجا لـ«الربيع العربي»

سعى في آخر محطة بجولته إلى طمأنة الروس والبولنديين حول الدرع الصاروخية

أوباما مرفوقا برئيس الوزراء البولندي توسك.. يتسلم قلما لتوقيع سجل الزوار في مبنى المستشارية بوارسو أمس (رويترز)
TT

أشاد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، «بازدهار الحرية والنمو الاقتصادي» في شرق أوروبا، معتبرا أنها تشكل نموذجا لـ«الربيع العربي». وحرص من ناحية أخرى، في وارسو، المحطة الأخيرة بجولته الأوروبية، على طمأنة موسكو والبولنديين حول نيات واشنطن المتصلة بالدرع المضادة للصواريخ.

والتقى أوباما في وارسو خلال أول زيارة له إلى بولندا، قادة 12 دولة في المنطقة على عشاء عمل مساء أول من أمس. وقال الرئيس الأميركي: «نحن واثقون من قدرتنا على المشاركة في تعزيز ديمقراطياتكم وأنظمتكم الاقتصادية، وعلى أن نكون شركاء حقيقيين لأننا نعتقد أن ذلك سيعود بالفائدة على الولايات المتحدة». وكان بين المشاركين في تلك القمة الرئيس البولندي برونيسلاف كوموروفسكي ورؤساء ألمانيا والنمسا وإيطاليا وقادة دول البلطيق والبلقان.

ورفض الرئيس الصربي بوريس تاديتش، والروماني ترايان باسيسكو، الدعوة نظرا لوجود افتيفيتي ياهياغا رئيسة كوسوفو، النظام الذي لا تعترف به رومانيا ولا صربيا. وقال كوموروفسكي في القمة: «عندما يسمعون عن (الربيع العربي) يقارنه معظم البولنديين بربيع شعوب وأمم منطقتنا بعد 1989». وكانت بولندا في 1989 أول دولة في الكتلة السوفياتية تتخلص من الشيوعية من دون إراقة دماء، مما أدى إلى انتقال العدوى في المنطقة حتى انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991. وانضمت بولندا التي ستتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في الأول من يوليو (تموز) المقبل، إلى حلف شمال الأطلسي في 1999 وإلى الاتحاد الأوروبي في 2004.

من جهته، أكد الرئيس اللاتفي، فالديز زاتلر: «لدينا تجربتنا في الانتقال من اقتصاد موجه إلى اقتصاد سوق ومن نظام شيوعي مستبد إلى ديمقراطية ليبرالية». أما الرئيس الاستوني، توماس هندريك ايلفيس، فقد أشار إلى أن «تغيير السياسة وحده لا يكفي لتحقيق النصر على الأنظمة المستبدة والمتسلطة ولتحقيق الديمقراطية». وأضاف: «شهدنا ذلك في أوروبا نفسها»، ملمحا بذلك إلى بيلاروسيا، حيث حكم على اثنين من معارضي الرئيس ألكسندر لوكاشينكو يوم الخميس الماضي بالسجن.

وقال بين رودس، المستشار الصحافي للرئيس أوباما، إن بيلاروسيا «هي الدولة الأكثر إثارة للإزعاج في أوروبا في ما يتعلق بتراجع الديمقراطية». من جهتها، أكدت ليز شيروود راندال، مديرة الشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي، أن الدول الشيوعية السابقة «التي اختارت الديمقراطية في نهاية الحرب الباردة تملك تجربة كبيرة يمكن أن تتقاسمها مع الدول التي لم تحقق هذا الانتقال». وأضافت أن «بولندا اختيرت لقيادة مساعدة بلدان مثل تونس في جهودها لبناء المؤسسات الديمقراطية الجديدة». وقبل أسبوعين كان وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، أول وزير أوروبي يلتقي قادة المتمردين في بنغازي. وشارك في القمة أيضا رؤساء ألبانيا والبوسنة والهرسك وبلغاريا وكرواتيا والجمهورية التشيكية واستونيا والمجر وكوسوفو وليتوانيا ومقدونيا وموالدافيا ومونتينيغرو وسلوفينيا وسلوفاكيا وأوكرانيا. وفور وصوله إلى وارسو أول من أمس، أشاد أوباما باليهود الذين ماتوا في انتفاضة وارسو في 1943 على يد ألمانيا النازية، ووضع إكليلا من الورد أمام نصب أقيمت لتكريم ذكراهم.

وتضمن جدول أعمال أوباما في اليوم الثاني والأخير من زيارته إلى وارسو، عقد محادثات ثنائية مع الرئيس كوموروفسكي ورئيس الوزراء، دونالد توسك، في وارسو؛ المحطة الأخيرة من جولة في أوروبا قادته قبل ذلك إلى آيرلندا وبريطانيا وفرنسا. وكان لافتا أن أوباما تطرق إلى ملف الدرع الصاروخية الأميركية إثر لقائه كوموروفسكي، أمس. وقال الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي إن «الدفاع المضاد للصواريخ هو مجال علينا أن نتعاون فيه مع الروس، لأننا نواجه أخطارا مشتركة». لكنه تدارك قائلا: «نعتبر أن من الأهمية بمكان أن يظل الحلف الأطلسي وحده مسؤولا عن وسائل دفاعه الذاتية». ووافقت رومانيا وبولندا على أن تستضيف على أراضيهما بحلول العامين 2015 و2018 صواريخ اعتراضية من طراز «إس إم 3» في إطار مشروع الدرع الأميركية المضادة للصواريخ، مما أثار استياء روسيا التي اعتبرت هذا الأمر تهديدا لأمنها. وطلبت موسكو المشاركة في المشروع المشترك للدرع المضادة للصواريخ مع الحلف الأطلسي والولايات المتحدة، الأمر الذي أثار قلق الدول الشيوعية السابقة الأعضاء في الأطلسي. وحسب مسؤول أميركي كبير تحدث للصحافة مسبقا، فإنه تم خلال الزيارة إبرام اتفاق يسمح بعمليات تبديل في بولندا لمقاتلات أميركية من طراز «إف 16» وطائرات نقل «هيركوليس» من أجل تدريب طيارين بولنديين في مناورات مشتركة.