صربيا تتوعد بملاحقة كل من ساعد في اختفاء ملاديتش

خاتم به حجر كريم أدى إلى اعتقال «جزار البلقان»

TT

تعهدت السلطات الصربية بإلقاء الضوء كاملا على أي مساعدة قد يكون حصل عليها راتكو ملاديتش خلال فترة فراره والتي سمحت له بالتهرب من القضاء الدولي لنحو 16 سنة. وقال مدعي عام صربيا لجرائم الحرب فلاديمير فوكسيفيتش لوكالة الصحافة الفرنسية أمس: «سنواصل ملاحقة كل من ساعد ملاديتش وفارين آخرين على الإفلات من العدالة». وتابع أنه «بإخفائهم ملاديتش، فقد ألحقوا ضررا هائلا بهذا البلد. إخفاء فارين من وجه محكمة لاهاي (محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة) يشكل جريمة خطيرة».

وكانت محكمة الجزاء الدولية وجهت إلى ملاديتش الزعيم العسكري السابق لصرب البوسنة، والمعروف بلقب «جزار البلقان»، عام 1995 تهمة ارتكاب إبادة بسبب دوره خلال حرب البوسنة (1992 - 1995) وخصوصا خلال مجازر سريبرينيتسا التي ارتكبتها قوات صرب البوسنة في يوليو (تموز) 1995 وراح ضحيتها ثمانية آلاف من مسلمي البوسنة، وحصار سراييفو الذي وصفه الادعاء بـ«جحيم من القرون الوسطى».

وأوقف ملاديتش صباح الخميس في منزل أحد أقربائه في قرية لازاريفو شمال شرقي صربيا وهو معتقل في بلغراد في انتظار نقله إلى لاهاي بعدما أعطى القضاة الصرب ضوءهم الأخضر لعملية النقل، غير أن محاميه قال إنه سيستأنف القرار غدا الاثنين. وسيكون أمام القضاة عندها مهلة أقصاها ثلاثة أيام للبت في المسألة.

وتكشفت أمس تفاصيل جديدة حول اعتقاله. فقد روى ايفيكا داسيتش على شبكة «آر تي إس» التلفزيونية العامة أن ملاديتش بادر وحدة الشرطيين وعناصر أجهزة الاستخبارات الصربية الذين دخلوا المنزل في لازاريفو بالقول: «حسنا فعلتم أيها الشباب، لقد عثرتم على من كنتم تبحثون عنه». وبحسب صحيفة «بليك»، فإن المحققين تمكنوا من التعرف بشكل مؤكد إلى ملاديتش لدى خروجه من المنزل في لازاريفو للتنزه في الحديقة المجاورة بفضل خاتم يحمل حجرا كريما يضعه في يده اليسرى. وتابعت الصحيفة أن ملاديتش سئل إن كان مسلحا فرد: «أي جنرال أكون إن لم أكن مسلحا؟ إليكم مسدسي».

في غضون ذلك، دعا ملاديتش أمس مناصريه إلى «الهدوء»، حسب ما أعلن محاميه ميلوس سالجيتش من الحزب الراديكالي الصربي (قومي متطرف) الذي سينظم مظاهرة اليوم الأحد في بلغراد. وقال وزير الداخلية الصربي ايفيكا داسيتش إن الوضع في صربيا «مستقر» ولو أنه تم تعزيز الإجراءات الأمنية حول السفارات ومؤسسات الدولة الرئيسية.

وقال سالجيتش إن راتكو ملاديتش «لا يرغب في اضطرابات»، مؤكدا أن موكله راض عن شروط اعتقاله ولو أنه يعاني من بعض الضياع. وقال ابنه داركو إن والده يود الخضوع لفحص طبي مستقل.

ووعد الرئيس الصربي بوريس تاديتش في مقابلة أجرتها معه هيئة «بي بي سي» بإلقاء الضوء كاملا على كل من تواطأ مع ملاديتش للسماح للمطلوب الأول في أوروبا بالفرار من وجه العدالة. وقال: «سنوسع تحقيقنا لنرى كيف أنشأ شبكة من الحماية من حوله ولنرى إن كان من الممكن أن يكون عناصر سابقون في القوات المسلحة أو الشرطة ضالعين في حمايته». وقبل الانتقال إلى السرية عاش ملاديتش خمس سنوات بين 1995 و2000 على مرأى من الجميع في صربيا وكان يرتاد المطاعم وملاعب كرة القدم في بلغراد مطمئنا إلى عدم اعتقاله. واختفى بعد سقوط الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش.

ويعتقد، بحسب شهادات حراس شخصيين سابقين، أنه أفاد من تواطؤ واسع النطاق داخل الجيش وتمت حمايته داخل ثكنات.

واعتقاله في وقت تخضع فيه صربيا لضغوط متزايدة من بروكسل بشأن طموحاتها الأوروبية، يثير تساؤلات كثيرة حول موقف السلطات الصربية. وقال تاديتش متحدثا لشبكة «فرانس 24» إن الاعتقال لا يهدف إلى «مقايضته» لانضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي. وذكرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون بلغراد، أول من أمس، أنه على الرغم من اعتقال ملاديتش «ما زال عليها القيام بالكثير» للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في إشارة واضحة إلى تكثيف الإصلاحات.

وأثنت الأسرة الدولية على اعتقال ملاديتش المعروف بـ«جزار البلقان». وقال المدعي العام الصربي لجرائم الحرب إنه يعتزم الاحتفال قريبا مع المدعية العامة السابقة لمحكمة الجزاء الدولية كارلا ديل بونتي بعدما تم اعتقال أبرز فارين من وجه المحكمة.